"قدرهم جنازتهم تكون يوم فرحهم".. حكاية مأساوية شهدتها منطقة الشرابية بالقاهرة، حين لقيت عروسة مصرعها برفقة زوجها بعد مرور 4 ساعات فقط من دخولهما شقة الزوجية بسبب تسرب غاز السخان.

 

ندى حسين محمد 25 سنة، مدربة جيم، ومحمد السيد جاد 31 سنة، محاسب، انتهيا من حفل زفافهما ليدخلا عش الزوجية لكن كتب لهما الموت معا لتبدأ حياتهما الأبدية، العروسان عثر عليهما متوفين سويا داخل حمام شقتهما بعد ساعات قليلة من زفافهما، بسبب غاز السخان.
 
تسرد سوسن موسى والدة عروس الجنة ندى، مديرة معهد بالمعاش، تفاصيل الليلة الأخيرة لإبنتها قائلة : ندى كانت بتجهز الصبح علشان تمشي تروح الكوافير، واختها قعدت تدعى لها واحنا نرد نقول "أمين"، خرجت علينا الله يرحمها من الأوضة وطلبت من أختها تدعى لها "اللهم آنس وحشتنا"، وردت خالتها عليها قالت لها "متقوليش كدة ده انتى عروسة"، فردت الله يرحمها "ده دعاء للميت والحي"، وكأن قلبها كان يشعر بالموت.
 
تسكت والدة الفتاة قليلا وتنظر إلى اتجاه الغرفة الخاصة بابنتها، وكأنها تراها مرة أخرى قادمة اليها من الطرقة إلى الصالة، ومستمعة لصوتها الضاحك ليلة زفافها، لتعود الي الحقيقة الموجعة مرة أخرى قائلة : كانت بتساعد الكبير والصغير، مكنتش بتسيب حد الا وتقف جنبه، مكنتش أتخيل أنها تمشي بالشكل ده، كانت حنينة عليا ديما وتجيب لي الأدوية الخاصة بعلاج الكلى، وتقعد على الأرض جنب الكنبة وانا تعبانة علشان تطمن عليا، وترفض انها تنام في مكانها طول ما انا تعبانة، الله يرحمها كانت نسمة في البيت".
 
وتحكى والدة عروس الجنة عن نجلتها وحياتها قبل زواجها قائلة : ندى كانت تعمل مدربة في إحدى صالات الالعاب الرياضية ، وكانت رياضية جدا وتعمل على مساعدة الجميع، وتعرفت على زوجها الله يرحمه في اول 2019، وتمت خطبتهما في شهر مايو، وظلا يجهزان شقتهما كما يقولون " من الابرة للصاروخ "، وأخبروا الجميع أن زيجتهما ستكون في شهر يناير من العام الجديد".
 
تذرف الأم دمعة محبوسة فى عينها وتعود للحديث عن ابنتها وزوجها المتوفين : هما اتحسدوا، الناس قعدت تقول لهم انتوا هتتجوزا بسرعة، انتوا لسه مخطوبين، الموضوع لسه بدري عليه، استنوا شوية في العزوبية، انتوا مستعجلين أوي .. الناس حسدتهم على حبهم لبعض وعلى سرعة تجهيزهم لشقتهم، لكن ماقدرش أقول غير إنا لله وإنا إليه راجعون" .
 
تستكمل الأم حديثها عن الواقعة : فرح بنتي انتهي الساعة 12 صباحا يوم الخميس، وظلت الزفة المكونة من 21 سيارة لمدة ساعتين تجوب شوارع منطقة الزمالك، وطلبت من زوجها محمد المغادرة الساعة 2 صباحا وأخبرته حينها أنهم يجب عليهم الذهاب لمنزل الزوجية وأخذ قسط من الراحة، واتجهنا إلى منطقة الشرابية حيث توجد شقة الزوجية، وعقب وصولنا طلبت منى والدة العريس الصعود مع ابنتي لكنى أخبرتهم بأننى لا أصعد بعد توصيل بناتي إلى شقتهم، وسأحضر للاطمئنان عليهم مرة أخرى، وأخبرت ندى بأن العشاء موجود، وأنها يجب أن تحصل على قسط من الراحة، وقامت شقيقة العريس بإحضار كوبين لبن لهما لشربه".
 
وتضيف الأم : العريس قال لنا انه مصدع ومحتاج اى دواء للصداع، فأحضر شقيقه له فوار للصداع وأعطاه له، واستعددت للرحيل وأخبرت ندى بأنني لن أحضر لزيارتها يوم الصباحية، وسأحضر لها يوم السبت لتركها تأخذ قسطا من الراحة وزيارة أهل العريس وأصدقائه.
 
تتابع الأم حديثها قائلة: أول مادخلنا البيت وغيرنا هدومنا، بعد نص ساعة، اخت ندى الصغيرة طلبت الاتصال بها  وقالت حينها اختى وحشتني ياماما والبيت من غيرها وحش، خليني اتصل بيها أطمن عليها وأشوفها، وأخبرتها حينها "عيب مينفعش تتصل بأختك الساعة 4.30 الفجر وهي عروسة، بكرة كلميها براحتك".
 
وتضيف الأم المكلومة : بنتي كان نفسها في دبلة عريضة وظل عريسها يبحث عنها إلى أن عثر عليها بعد فترة، وخلال قيامها بقياس فستان الفرح قبل الزفاف سقطت الدبلة منها، وتشاءمت حينها، وأحضر لها عريسها محمد دبلة أخرى شبيهة بها، وظللنا ثلاثة أيام حتى استطعنا إخراج فستانها من الشقة".
 
وعن معاملة عروسة الجنة لأشقائها في المنزل قبل الزواج تسرد الأم : ندى يتيمة الأب وملهاش اخوات رجالة وهما 3 بنات عندي هي الوسطانية، وكانت بتحب اخواتها جدا، كانت تيجي من بره تغسل وتكنس وتمسح وتقول لأختها الصغيرة خليكي قاعدة انتي جاية تعبانة أنا هخلص كل حاجة".
 
وتعود الأم إلى الحديث عن تفاصيل الواقعة الحزينة قائلة : بنتي كان جسمها ضعيف شوية ولما مردتش على تليفوناتي قولت أغمى عليها أو تعبانة شوية ومحمد جوزها مش عايز يقلقني لكن ماتخيلتش ولا اتصورت أنها ماتت".
 
وتقول الأم الحزينة، استيقظت عقب صلاة الجمعة وقمت بالاتصال بإبنتي وجدت هاتفها مغلق، فقمت بالاتصال بهاتف زوجها لم يرد، اعتقدت حينها انهم ما زالوا نائمين ولم يستيقظوا من ارهاق ليلة الزفاف، فتركتهم، وفي حوالي الساعة الثالثة والنصف قمت بمعاودة الاتصال، إلا أن هاتف ابنتي لا يزال مغلقا ولم يرد زوجها، فبدأ القلق والشك يدخل قلبي.
 
تستكمل والدة عروس الجنة حديثها : اتصلت بوالدة زوج ابنتي، واخبرتها بما يحدث فقالت لى انها ستقوم بإرسال شقيقه الذي يسكن بالقرب منهما للإطمئنان عليهما، فقمت بالاتصال بشقيق محمد واخبرني انه في الطريق الي الشقة، وبعدها لم يرد على اتصالاتي، فزاد شكي وقلقي، إلى أن اتصلت برقم محمد زوج ابنتى الله يرحمه وفوجئت بالرد الذي نزل على كالسهام القاتلة، صوت سيدة عجوز تقول لى، بنتك وجوزها تعبانين اوي ياحاجة".
 
صرخت فيها وقولت ندى ومحمد مالهم أعتقدت ان ندى مرضت لضعفها أو حدث شيء ما ولم أتصور ما حدث، الا ان السيدة عادت تردد مرة أخرى الولاد ماتوا يا حاجة الاتنين في الشقة، فتحنا لقيناهم ميتين"، خرجت افتح باب الشقة والنوافذ وأصرخ بشدة على ابنتي لا اعرف ماذا افعل ولكنني اصرخ وابكى على عروستي وفلذة كبدي حتى تجمع الجيران ولم ادرِ في هذه اللحظات ماذا حدث، الا انني اخذت أشقاءها وذهبت منطقة الشرابية حيث تقطن وعقب وصولى وجدت الأهالي تجمعت أمام العقار والشرطة والإسعاف متواجدين، جلست اصرخ وابكى أمام المنزل ثم صعدت لأجدهما مغطيين في الارض بملاءات وباب الحمام مخلوع على الحائط، وتم اخراجهما من الشقة وبدأت النيابة تحقيقاتها التى انتهت باستخراج تصاريح دفنهما.
 
تم سؤالنا عن ليلة الحادث، وأكد لنا المحقق أن الطعام  كما هو، كما تم العثور على اكياس فوار قال شقيق العريس عنها إن محمد زوج ابنتى  الله يرحمه طلبها منه قبل الصعود، كما أشار إلى أن العريس طلب منه فتح ماتور المياه في الرابعة فجرا، وهو ما رجح وفاتهما في هذه الفترة، بعد ساعتين ونصف من وصولهما شقة الزوجية".
 
وتسرد الأم الحزينة تفاصيل كشف الحادث على يد شقيق العريس وجارهما الضابط، حيث حضر شقيقه وجلس يطرق الباب دون رد، ففتح جاره الضابط الباب قائلا له " دول عرسان مينفعش تخبط كده "، فأكد له شقيق العريس محدش بيرد واحنا قلقانين، فأخذوا قرارا بكسر الشقة وقاموا بكسر الباب ودخلوا وحاولوا فتح الباب الا انهم لم يستطيعوا فقاموا بكسر الزجاج وخلع الباب حتى وجدوا ان رجلى ندى ومحمد كانت تمنع فتح الباب، وحينما رأيت ابنتي كان هناك زجاج على وجهها من أثر كسر الباب.
 
وكانت تحريات الأجهزة الأمنية بالقاهرة، كشفت تفاصيل واقعة وفاة عروسين بعد حفل زفافهما بمنطقة الشرابية ،حيث تبين أن العريس وزوجته توفيا أثناء استحمامها.
 
وأضافت تحريات وتحقيقات الأجهزة الأمنية والقضائية التي جرت تحت إشراف اللواء أشرف الجندي مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة، واللواء نبيل سليم مدير الإدارة العامة للمباحث، حول الواقعة، أن العروسين لفظا أنفاسهما الأخيرة نتيجة الاختناق بالغاز والبخار.
 
باشرت النيابة العامة التحقيقات في الواقعة، وأمرت بطلب تحريات المباحث، وعرض الجثتين على الطب الشرعي والاستماع لاقوال أقارب العروسين.
 
وتبين من المعاينة الاولية للشقة سلامة الأبواب الخارجية والنوافذ، وتلاحظ خلع باب الحمام، وكسر زجاجه، بالإضافة لوجود الأكل مغطي والثلاجة وعلى رخام المطبخ كما هو، وكذلك العثور على أكياس فوار لتسكين الصداع كما عثر على جثتي العريس محمد السيد في بداية العقد الرابع من عمره، وندى  حسين في العقد الثالث من عمرها، مغطي جسديهما بملاءات، وعليهما بعض بقايا الزجاج من كسر باب الحمام.
 
وبالاستماع لأقوال والدة العروسة أكدت أنها تركت ابنتها ندى في تمام الساعة الثانية والنصف فجرا، وذهبت الى المنزل، وبالاتصال بها صباحا وجدت هاتفها مغلقا وهاتف زوجها لا يرد عليه، فقامت بالاتصال بوالدة العريس واشقائها للإطمئنان عليهما.
 
كما أيدت والدة العريس وأشقاؤه أقوال والدة العروسة، وأشار شقيق العريس أنه حضر للاطمئنان على شقيقه الا أنه لم يرد عليه فقام بكسر باب الشقة للدخول، ثم كسر باب الحمام ليجدهما سويا ملقيان في الأرض جثتين هامدتين.
 
وقررت النيابة التصريح بدفن الجثتين بعد صدور تصريح الطب الشرعي، وتبين من التحقيقات ان الوفاة نتيجة لاسفكسيا الخنق، والوفاة بسبب الاختناق بالغاز والبخار في الحمام.