سؤال يتردد كثيراً هذه الأيام مع تصدر محمد رمضان وحسن شاكوش للمشهد الفني المصري، وغالباً من يطرح السؤال لا يحاول الإجابة عليه بل يكتفي بصب اللعنات على الأجيال الجديدة، وربما يذهب إلى استدعاء الدولة لحماية الذوق العام عن طريق القوانين الفاشية المتعلقة بالمنع والحظر والرقابة.
 
الحقيقة أن محاولة اتهام الشباب بفساد الذوق هى محاولة لتبرأ المجتمع والدولة من تهمة افساد الذوق العام، وتخريج أجيال لم يتكون عندها حس فني ورؤية نقدية للفنون والأداب.
 
فالمجتمع والدولة هما المسؤلان عن هذا التدهور وتحول أشخاص بلا أى قيمة فنية إلى نجوم، فالدولة هى التي ألغت حصص الموسيقا من المدارس، وهى التي الغت الفرق الفنية من التعليم ولم نعد نسمع عن مسابقات في الموسيقا والغناء والتمثيل والرقص بين المدارس، وهذا يرجع ببساطة إلى سيطرة الرؤية الدينية على التعليم والتي ترى في الفنون فسق وفجور، كما أن مع انسحاب الدولة من مسؤولياتها الاجتماعية أهملت التعليم، وطبعا كان اول ما أهملت هو الفنون والأداب والرياضة باعتبارها تفاهات، فسُحق التكوين الفني للانسان المصري بين التطرف الديني والإنغلاق الفكري للمسؤولين عن التعليم.
 
على مستوى أخر مارس المجتمع أشد أنواع الاستبداد على الأجيال الجديد في عصر لم يعد للإستبداد مكان بفعل التكنولوجيا، فبدلاً من أن تخضع الأجيال الجديدة للمجتمع المنغلق المتطرف المستبد الفاسد، تمردت عليه، فأصبحت تُمارس كل ما يرفضه الآباء والأجداد، وأحد مجالات هذا التمرد هو الفنون، فاندفعت الأجيال الجديد إلى تبني نمط من الفنون ترفضه الأجيال القديمة المستبدة، حتى لو كان نمط رديئ، لإعلان تمردها ورفضها للوصاية الأبوية.
 
لذلك على من يطالبون بفرض المنع أن يراجعوا أنفسهم، فالمنع لم يعد يُجدي، والمنع سيولد مزيد من التمرد، على المطالبين بالرقابة والحظر أيضاً أن يتوجهوا للدولة وتحديداً وزارة التعليم وليس للشباب، ليطالبوا باعادة تدريس الفنون وعلى رأسها الموسيقا والغناء والتمثيل والرقص إلى المدارس، إن كانوا حقاً حريصين على الذوق المصري ووجدان المصريين.