كتب: دكتور مينا ملاك

توقفنا المقال السابق عند سرد بعض الاحتمالات المتوقعة للرد الإيراني وتبعات هذا على المنطقة بل ربما على العالم كله. ومن ثمة، نتابع بعض الاحتمالات، وأود هنا للإشارة لعدد من القواعد التي يتوقع الاحتكاك بها من قبل إيران وأسهلها القواعد الأمريكية في العراق، وهي في مجال أيديهم والأقرب للضرب، ناهيك عن السفارة الأمريكية هناك، وهي التي أشعلت الأزمة الأخيرة وتم على إثرها مقتل سليماني، قل هي القشة التي قسمت ظهر البعير، أما وإذا كان الرد قد يكون غير متوقع، فثمة احتمال قائم وهو قاعدة أنجرليك التركية، وهي فرصة ليبرئ فيها أردوغان نفسه من تهمة تحاط به بتقارير عالمية وتكهنات سبق الإشارة لها بأنه المهندس ومسلم سليماني، ناهيك عن أن أردوغان قد يشفي غليله من الحلف وبالأمريكيين الذين خذلوه في وقت الانقلاب عليه، وفي وقت رغبته في الدخول لسوريا ما أثار غضب أعضاء حلف الناتو.

ومن الاحتمالات القائمة وبشكل مؤسف، وإن كان مستبعد لأسبقية استهدافه هي السعودية التي نالت من القصف الإيراني الحوثي بالوكالة الكثير والكثير، وربما أبرزها ما جرى في معامل البترول التي يتهم العالم كله إيران مباشرة بالضلوع فيها وليس الحوثيين.

الرد بالهجمات السيبرانية أمر محتمل، لكنه لا يؤلم بشكل عنيف اللهم إلا إذا كان الرد عنيف وقاسي ويفضح وثائق سرية أمريكية مثلاً، وبالغرم من إدراكي وشغفي بعمل كهذا، ربما يفك طلاسم الكثير من الأحداث، إلا أنني لا أتوقع رد قاسي ناعم في آن واحد كهذا أنتظره، رد دموي بالغ الوحشية يعبر عن قدرات إيران القتالية وإمكانات في الاستهداف والقصاص، الأهم بالنسبة لي هنا تأثير الرد الإيراني هذا على مصر، وهي الأهم بالنسبة لي، إذا كان الرد يصب على النفط فأول ما سيحدث رفع الحكومة من أسعار البنزين على المواطن، وهي تستسهل هذا العمل أما وإذا كان الرد يستهدف مصالح أمريكية فلا أتمنى أن تكون تلك المصالح في مصر أو تمس مصلحة مصر لألا نتأثر ولأنه سيعد عدوان علينا وسيدخلنا في حرب مباشرة مع إيران وهو ما لا أريده في ظل اهتمامنا بأمننا الغربي المنتهك من قبل أردوغان في ليبيا، أما وإذا كان الرد الإيراني على قواعد أمريكية فالأمر بعيد عنا اللهم إلا إذا كانت القواعد بالكويت مثلاً، وهذا سيمثل عدوان على الكويت ما قد يدفعنا للتورط في الدفاع عنها تنفيذ لوعد سيادة الرئيس بمسافة السكة، وهو ما قد ينذر بدول المنطقة في حرب شاملة بين دولها، أما أقل الاحتمالات ألماً لمصر وللمنطقة أن ينصب الغضب الإيراني على سفن وناقلات في خليج عمان والخليج العربي، وهنا التأثير سيكون مباشر على أمريكا وغير مباشر على أسعار النفط الخليجي وحركة التجارة في القناة، وأتمنى أن نتجاوز هذا سريعاً.

المختصر المفيد يا ليتها لا تكون الحرب العالمية الثالثة.