تميزت فترة تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الاتحاد الإفريقي، بتعاون غير مسبوق على صعيد القطاع المصرفي بين مصر وكافة الدول الإفريقية بقيادة البنك المركزي المصري، وبتوجيهات مباشرة من الرئيس السيسي لتحقيق التقارب والوحدة الاقتصادية الإفريقية، حيث شهدت ملفات إنشاء بنك مركزي إفريقي موحد وعملة إفريقية موحدة وإنشاء مؤسسة إفريقية للتصنيف الائتماني إنجاز خطوات كبيرة بعد سنوات طويلة من الجمود.

 
وعلى صعيد ملف التعاون المصري مع إفريقيا في القطاع المصرفي، فقد أولى البنك المركزي المصري اهتماما كبيرا بهذا الملف أسفر عن إنشاء الشركة المصرية لضمان مخاطر ائتمان الصادرات والاستثمارات في إفريقيا برأس مال 600 مليون دولار، فضلا عن إشراف البنك المركزي المصري المباشر على تنفيذ العديد من البرامج التدريبية للبنوك المركزية الإفريقية والتجارية في ملف السياسات النقدية وإدارة الاحتياطي النقدي وأسعار الصرف والفائدة وغسيل الأموال.
 
وقالت مصادر بالبنك المركزي - لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم السبت- إن البنك المركزي حقق تواجدا مكثفا في القارة الإفريقية على مدار العام الماضي، ربما لم يشهده القطاع المصرفي من قبل، حيث أسس البنك المركزي ولأول مرة قطاعا للتعاون الإفريقي في بادرة تؤكد الاهتمام المميز من محافظ البنك المركزي طارق عامر، وفي إطار توجيهات الرئيس السيسي بتعزيز العلاقات مع إفريقيا، سبقها تولى المركزي المصري رئاسة جمعية البنوك المركزية الإفريقية لأول مرة في تاريخها، واستضافة مصر لاجتماعات البنوك المركزية الفريقية أيضا لأول مرة.
 
وأضافت المصادر أن البنك المركزي عزز تواجده في كافة المحافل داخل القارة الإفريقية على الصعيد المصرفي، أسفرت عن اختيار البنك المركزي المصري في ديسمبر 2019 رئيسا للدورة المقبلة للجنة محافظي البنوك المركزية لدول الكوميسا والتي تضم 21 دولة، كما ستستضيف مصر الاجتماع السنوي للجنة في ديسمبر المقبل.
 
وأشارت إلى أنه تم أيضا في أغسطس الماضي اختيار البنك المركزي المصري نائبا لرئيس إقليم شمال إفريقيا لجمعية البنوك المركزية الإفريقية، كما سيتولى البنك المركزي رئاسة الإقليم اعتبارا من أغسطس المقبل، كما شهدت الفترة الماضية توجها ملحوظا من البنوك المصرية نحو إفريقيا، حيث أعلنت بنوك الأهلي ومصر والقاهرة والبنك التجاري الدولي عن تعزيز تواجدها في الأسواق الإفريقية.
 
ونوهت المصادر بأن الفترة الماضية شهدت تحقيق خطوات تنفيذية للاستراتيجية المشتركة لمفوضية الاتحاد الإفريقي وجميعة البنوك المركزية الإفريقية 2045، والتي تتكون من 7 مراحل وتستهدف في النهاية إنشاء بنك مركزي إفريقي بحلول 2045، مرورا بالعديد من إجراءات التقارب الاقتصادي على صعيد الضرائب والجمارك الانتقال والبنية التحتية وإنشاء عملة إفريقية موحدة بحلول عام 2043.
 
ونبهت المصادر إلى أنه تم الانتهاء من المرحلتين الأولى والثانية، وجاري حاليا تنفيذ المرحلة الثالثة التي كانت توقفت منذ 2012، وتم في عهد رئاسة مصر لجمعية البنوك المركزية الإفريقية اعتماد معايير التقارب الاقتصادي المعدلة والإطار الرقابي لتنفيذها في الدول الإفريقية بعدما كان يترك المجال للأقاليم الإفريقية الخمسة وضع معاييرهم الخاصة، ما أدى إلى تعطيل وتوقف تنفيذ الاستراتيجية أكثر من مرة، ولكن بعد توحيد المعايير التي يطبقها الـ41 بنكا مركزيا إفريقيا تم تنفيذ خطوات كبيرة في ملف التقارب الاقتصادي وارتفع عدد الدول التي التزمت بتلك المعايير العام الماضي إلى 19 دولة.
 
وأوضحت أن المرحلتين الأولى والثانية شهدتا تنفيذ البرامج التمهيدية والتنسيقية لاستراتيجية مفوضية الاتحاد الإفريقي، ووضع القواعد الرئيسية والمعايير الأولية والثانوية، بينما تمتد المرحلة الثالثة بين عامي 2017 و2027، لكنها شهدت قطع شوط كبير منها، حيث ترتفع عدد الدول التي التزمت بالمعايير الأولية والثانوية إلى 19 دولة وفقا لأخر تقرير تم اعتماده في كيجالي خلال أغسطس 2019 في اجتماع محافظي البنوك المركزية خلال فترة تولي طارق عامر رئاسة الجمعية، كما شهد العام الماضي عودة المغرب لعضوية جمعية البنوك المركزية الإفريقية وانضمام جنوب السودان.
 
ولقيت الجهود الكبيرة التي بذلها البنك المركزي المصري خلال فترة تولي رئاسة جمعية البنوك المركزية الإفريقية (أغسطس 2018 – أغسطس 2019) إشادة كبيرة وتقديرا من محافظي البنوك المركزية الإفريقية وممثلي مفوضية الاتحاد الإفريقي، لتقديم الدعم والنهوض بالقطاع المصرفي في القارة السمراء، مؤكدين أن المركزي المصري نجح في تنفيذ كافة قرارات وتوصيات المجلس التنفيذي للجمعية الذي عقد بمدينة شرم الشيخ في شهر أغسطس الماضي، إلى جانب العديد من المبادرات التي أدت إلى النهوض بالقطاع المصرفي في القارة الإفريقية.
 
وقال جون روانجومبوا محافظ البنك المركزي الرواندي رئيس جمعية البنوك المركزية الإفريقية للدورة الحالية: "إن البنك المركزي المصري قام بعمل جاد وكبير انعكس على النتائج الممتازة التي تحققت"، مشيدا بالتنفيذ الدقيق لقرارات مجلس محافظي البنوك المركزية الإفريقية والمبادرات التي أسهمت في تطوير العمل بالجمعية.
 
وأضاف: "الجهود التي بذلها البنك المركزي المصري أسهمت بشكل كبير في تسهيل ودعم مهمة البنك المركزي الرواندي خلال رئاسته للجمعية"، مثمنا استعداد المركزي المصري تقديم الدعم لنظيره الرواندي لاستكمال المسيرة خلال الدورة الجديدة، مشيرا إلى أن المركزي المصري قدم مبادرات أسهمت في تطوير العمل بجمعية البنوك المركزية الإفريقية وتحقيق التقارب الاقتصادي والرقابة المصرفية وتحقيق التكامل في نظم الدفع الإلكتروني وتكنولوجيا المعلومات، موضحا أن من أبرز تلك المبادرات تغيير العمل بالنظام الورقي إلى النظام الإلكتروني.
 
بدوره، قال محافظ بنك جامبيا المركزي بكاري جاما: "إن فترة تولي محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر رئاسة جمعية البنوك المركزية الإفريقية كانت حافلة بالنجاحات، رغم التحديات الكبيرة التي واجهها بل لم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث طرح المركزي المصري مبادرات من جانبه أسهمت في تعزيز التعاون وتطوير العمل بين البنوك الإفريقية".
 
من جهته أشاد فيكتور هاريسون مفوض الشئون الاقتصادية بمفوضية الاتحاد الإفريقي، برئاسة البنك المركزي المصري لجمعية البنوك المركزية الإفريقية والجهود التي بذلت نحو إنشاء منطقة التجارة الحرة الإفريقية والتقارب الاقتصادي الإفريقي.
 
من ناحيته، قال طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، إنه تم تنفيذ 95 % من القرارات الخاصة باجتماع المحافظين عام 2018، بينما تم تنفيذ كافة القرارات الصادرة عن اجتماع المكتب لعام 2019، مؤكدا أهمية تعزيز استقلالية البنوك المركزية وكذلك التعاون بين وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية من أجل تحقيق معايير التقارب الاقتصادية والإسراع بتحقيق التكامل الاقتصادي على مستوى القارة.
 
وشهدت فترة تولي المركزي المصري رئاسة جمعية البنوك الإفريقية وفي ضوء توجيهات الرئاسة المصرية بتعزيز التعاون مع إفريقيا، اتخاذ خطوات تنفيذية نحو إنشاء البنك المركزي الإفريقي تنفيذا لجهود مفوضية الاتحاد الإفريقي لإنشاء المؤسسة النقدية الإفريقية التي ستتولى تنفيذ برنامج التعاون النقدي الأفريقي الذي سيقضي إلى إنشاء البنك المركزي الإفريقي بحلول عام 2045، وكذلك مسألة تطبيق معايير التقارب الاقتصادي، وتوحيد طرق حساب تلك المعايير والتكامل في نظم الدفع في إفريقيا وتشكيل مجموعة عمل لتنفيذ إطار تكامل نظم الدفع والمدفوعات عبر الهاتف المحمول بقيادة البنك المركزي المصري والبنك الدولي وبنك الاحتياطي لجنوب إفريقيا.
 
كما تمت الموافقة على إنشاء مجموعة عمل بقيادة البنك المركزي المصري حول كيفية تنفيذ معايير لجنة "بازل" في إطار مجموعة المراقبين المصرفيين الأفارقة، والتي يترأسها أيضا البنك المركزي المصري.
 
وفي إطار الإجراءات اللوجستية بما يتواكب مع التطورات التكنولوجية، بادر البنك المركزي المصري باقتراح تغيير العمل في الاجتماعات من النظام الورقي إلى النظام الإلكتروني، الأمر الذي يعد تطورا كبيرا لأول مرة منذ 1968.
 
ولم تتوقف جهود البنك المركزي المصري بالقارة الإفريقية على الفترة الماضية وانتهاء رئاسته لجمعية البنوك المركزية الإفريقية، بل هناك خطط عمل ممتدة يقودها قطاع التعاون الإفريقي الوليد بالبنك المركزي خلال الفترة المقبلة، أبرزها في إطار مجموعة الكوميسا، حيث سيرأس البنك المركزي المصري لجنة محافظي البنوك المركزية لدول الكوميسا (21 دولة) ويستضيف الاجتماع السنوي للمحافظين في ديسمبر 2020، كما يستضيف البنك بالتعاون مع المؤسسة النقدية للكوميسا – وللعام الثامن على التوالي – برامج تدريبية وورش عمل لبناء قدرات العاملين بالبنوك المركزية بدول الكوميسا في مجالات الرقابة والإشراف والاحتياطيات الدولية والاستقرار المالي ونظم الدفع وتكنولوجيا المعلومات.
 
وفي إطار جمعية البنوك المركزية الإفريقية، سيتولى البنك المركزي المصري منصب نائب رئيس إقليم شمال إفريقيا (الذي يضم: مصر، تونس، ليبيا، الجزائر، موريتانيا، السودان، المغرب)، على أن يتولى منصب رئيس الإقليم بدءا من أغسطس 2020، كما يرأس البنك مجموعة عمل "التعليمات الرقابية للجنة بازل" التي تم استحداثها في أغسطس 2019 في إطار مجموعة المراقبين المصرفيين الأفارقة (كابس)، كما تم اختيار البنك المركزي المصري لقيادة مجموعة العمل المختصة بمبادرة الدفع عبر المحمول والتي تتشكل من عدد من البنوك المركزية الإفريقية ومؤسسات دولية وإقليمية على رأسها البنك الدولي.
 
وفي إطار الاتحاد الإفريقي، رُشح البنك المركزي المصري من جانب الآلية الإفريقية لمراجعة النظراء (APRM) للمشاركة في العضوية الأساسية للجنة الفنية المتخصصة التابعة للآلية والمعنية بدراسة مقترح إنشاء وكالة إفريقية للتصنيف الائتماني، حيث يشارك البنك بدراسة أعدها في هذا الشأن، كما يشارك البنك في اجتماعات اللجنة الفنية المتخصصة بالاتحاد الإفريقي للشئون المالية والنقدية والتخطيط الاقتصادي والتكامل الإقليمي المزمع عقدها في مارس 2020 بالعاصمة الغانية أكرا، حيث ستتم مناقشة برنامج التعاون النقدي الإفريقي على المستوى القاري، وكذا مقترح إنشاء وكالة إفريقية للتصنيف الائتماني، واللذان أسهم البنك بشكل أساسي في إعدادهما.
 
وبخصوص دعم التجارة البينية والصادرات والاستثمارات المصرية لإفريقيا، يشارك البنك المركزي المصري من خلال البنوك التجارية العاملة في مصر في العمليات التجارية التي تتم عن طريق النظام الإقليمي للمدفوعات والتسويات (الريبس )، وجاري حاليا الانتهاء من إجراءات تأسيس الشركة المصرية لضمان مخاطر ائتمان الصادرات والاستثمارات لإفريقيا برأسمال وقدره 600 مليون دولار بهدف دعم تدفق الصادرات والاستثمارات المصرية لإفريقيا.
 
ولم يتوقف الأمر عند الإجراءات التنفيذية لدعم التعاون المصرفي مع إفريقيا، حيث امتد إلى عمليات بناء قدرات العاملين بالبنوك المركزية والتجارية الإفريقية، إذ قام البنك المركزي بتوقيع مذكرة تفاهم مع البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد بموجبها قام البنك بتدريب 132 شخصا يمثلون 21 دولة إفريقية على استخدام المنصة الإلكترونية للبيانات المعروفة باسم "MANSA" والتي تهدف إلى نشر بيانات وتعزيز الشفافية بين البنوك الإفريقية بعضها البعض بغرض تعزيز التجارة البينية بين الدول الإفريقية.