كتب: سليمان شفيق
كانت قاعة العزاء بالكنيسة الانجيلية بمصر الجديدة قاعة صلاة ، تجمعت القلوب ، روح القس الدكتور فايز فارس ترفرف في المكان ،تتدفق الكلمات الروحية بدلا من الدموع ، تتحدث  عن عالم اللاهوت الذي اثبت ان اللا هوت مسيرة روحية والواعظ نبض من القلب،  والراعي الصالح  الذي عرفتة منذ الصبا من بني غني مرورا بالشرابية وصولا لمصر الجديد فكان كشجرة علي مجاري المياة تعطي ثمرها في حينة وورقها لا يذبل ابدا عزائي لكي وللاسرة والكنيسة والوطن، جناب القس الدكتور اندريا زكي يجلس كعضو في الكنيسة اكثر منة رئيس الطائفة ، يتوسط المكان بين جيلين جيل ما بعد المؤسسين (ابراهيم سعيد ) وجيل الاساتذة الكبار (منيس عبد النور وفايز فارس  وصموائيل حبيب ومكرم نجيب ) ما اصعبها مهمة ، كنت اتأمل حزنة الذي تفيض منه دموع افكارة ، ووجع التأمل في المستقبل ، لست ادري لماذا شعرت بقرب المسافة بين مصر الجديدة والمنيا ، لمحت روح القس فايز فارس تقترب من مخيلة قلبي ، معلم اخر عظيم شرفت يصداقتة منذ سبعينيات القرن الماضي مع صديق العمر المهندس اسامة نجيب ، كنا من اليساريين وكان اغلب الاباء في الكنائس يختلفون مع توجهاتتنا الا القس الدكتورفايز فارس ، استقبلنا بقلب راعي الكنيسة الانجيلية  وعقل عالم لاهوت  وروح قائد ومدير  ، تحاورنا كثيرا ومن خلاله عرفنا المسيح المحرر، وكان اباء لاهوت التحرير في امريكا اللاتينية  بغضهم يد ترفع الانجيل والاخري ترفع السلاح ضد الظلم ، وفي تلك الحقبة كتب الراحل الكبير د صموائيل حبيب كتاب "لاهوت التحرر" ، كان فارس الانجيلية يحدثنا عن رفقة المسيح المحرر، ويلتقي معنا علي كيفية الاصلاح بديلا للثورة ، وكانت دراستة حول " في رفقة المسيح" في طور الكتابة ، وكتاب  اضواء علي الاصلاح الانجيلي ،ويناقش هل كان الإصلاح ضروريًا ؟ ويعرض لنا قصة مارتن لوثر وبدء الإصلاح الإنجيلي، ويناقش مبادئ الفكر الإنجيلي، ويحدثنا عن الإصلاح الديني ووحدة الكنيسة، ونشأة الكنيسة الإنجيلية بمصر، ومن تلك اللقاءات اشهد انني تمسكت بالمسيح والكنيسة . 
 
فارس الكنيسة الانجيلية ومدير ومدير كلية الاهوت الانجيلية الاسبق رحل بعد صراع طويل مع المرض،الا انه في بدلتة التقليدية ويدة التي كانت تمسك الانجيل كان مثالا للقس الفارس "الترابادور" الذي يغني موال محبة المسيح في اوساط البشر ، كنت لا ابارح مكاني وافتح ابواب عقلي اذا بدأ الكلام ، لن انسي وعظته بعد كارثة حادث سيارة في احدي رحلات الكنيسة ،و الذى اودى بحياة عدد من شباب وشابات كنيستة ، كان لعظته التى القائها بعد الحادث نسمة عزاء جففت دموع الاباء والامهات.
 
وتظل المنيا النبع الذي تدفقت منة اغلب القادة مكرم نجيب من بني غني سمالوط ، وفايز فارس  ولد بملوى عام 1929 ، ومن ملوي خرج الينا الكبار ، ومنها عرف فايز الخدمة 
تخرج من كلية الاهوت الانجيلية فى 1948  نال البكالوريوس فى العلوم الاجتماعية من الجامعة الامريكية بالقاهرة عام 1950 بدرجة الشرف وكان اول قسيس مصرى انجيلى يدرس دراسة جامعية .
 
كان فايز فارس يجمع بين نقاء الريف الملواني وثقافة المنيا ، وعرف الطريق الي عولمة اللاهوت مبكرا ، و فايز نال الماجستير فى العلوم اللاهوتية وتخصص فى الارشاد وعلم النفس من جامعة برنستون بامريكا عام 1952 والدكتوراة فى الفلسفة من جامعة سان فرنسسكوا بامريكا، ومن امريكا الي القناطر الخيرية وقليوب ، من المسيسبي الي عمق النيل ، رسم قسا 1950 هناك ، وجمع بين ثراء خطاب الفلاحين وموظفين المدن والفكر الدولي اختير عضوا باللجنة الاستشارية الدولية للعلاقات بين الكنائس وممثلا للشرق العربى ( 1959 – 1962 )وعضوا باللجنة المركزية لمجمع كنائس الشرق الادنى وعضوا باللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الاوسط 1974 – 1978 .اختير استاذا زئرا بكلية سان فرانسسيكو اللاهوتية بامريكا واستاذا زائرا بجامعة لندن ومستشار للجنة ابحاث الشرق الاوسط بنفس الجامعة، عالم لاهوت تبني لاهوت الحياة ، تعددت مؤلفاتة في مختلف دروب اللاهوت والعقيدة ، واستطاع ان يتحدث في اللاهوت بشكل مبسط في عظاتة في نسيج متعدد الالوان مابن اللاهوت والعقيدة والتفسير ،لذلك كان يمكنه الحوار اللاهوتي مع الاطفال والكبار بمنطق اقرب لللاهوت الاسري ولذلك كان من اهم مؤلفاته الدليل الروحى للاسرة المسيحية والمسيحى ومشكلات الحياة المعاصرة، والمسيحية والصحة النفسية، الكتاب المؤسس في ما يمكن تسميتة " علم النفس المسيحي" وشارك في اعداد وتحرير  موسوعة دائرة المعارف الكتابية ، كما انه كتب كتاب يصلح لجميع الطوائف عن القديس مرقس الانجيلى والكنيسة التى اسسها فى مصر كما انه كان اديبا وكتب مسرحية بعنوان زوجة بيلاطس .
 
لازالت رئحة عطر الاحباب تطل من بين ثنايا دمزع صلاة القس اندريا ذكي الذي كتب علية ان يحافظ بيد علي عبيق الاباء المؤسسين والاساتذة ، وباليد الاخري ينقل ذلك العطر الي الاجيال الجديدة ممتزج بروح الله في الحداثة .
 
عزاء لاسر الاباء فايز ومكرم وللقس اندريا زكي عنوان للرجاء في مستقبل للطائفة الانجيلية يجمع ما بين الاصالة والمعاصرة علي روح المحبة الانجيلية للجميع ومن اجل الجميع .