في مثل هذا اليوم 30 يناير1948م..
«غاندي» المولود في 2 أكتوبر 1869 ببوربندر بولايه جوجارات الهندية، قاد حملات وطنية لتخفيف حدة الفقر، وزيادة حقوق المرأة، وبناء وئام ديني ووطني، ووضع حد للنبذ، وزيادة الاعتماد على الذات اقتصاديًا.

سافر «غاندي» إلي بريطانيا 1882 لدراسة القانون، وعاش في تدين والتزام وسعى إلى الحقيقة والأخلاق وكان من عائلة محافظة لها باع طويل في العمل السياسي، وشغل جده ومن بعده والده منصب رئيس وزراء إمارة بوربندر.

عاد إلى الهند 1890، بعد حصوله على الإجازة الجامعية التي تخوله ممارسة مهنة المحاماة، إلا أنَّه واجه مصاعب كثيرة، واكتشف أنَّ المحاماة ليست طريقًا مضمونةً للنجاح، وأعاده الإخفاق من بومباي إلى راجكوت، فعمل فيها كاتبًا للعرائض، خاضعًا لصلف المسؤولين البريطانيين.

قبل «غاندي» عرضًا للتعاقد معه لمدة عام، قدَّمته له مؤسسة هندية في ناتال بجنوب إفريقيا، وبدأت مع سفره إلى جنوب إفريقيا مرحلة كفاحه السلمي في مواجهة تحديات التفرقة العنصرية.

قضى حياته لمواجهة العنصرية ومكافحة الاحتلال والدفاع عن حقوق الهنودس بجنوب افريقيا، والتي عاش بها 20 عامًا، وأخذ يدافع عن العمال الهنود والمستضعفين من الجاليات الأخرى، وهيّأ بيته لاجتماعات رفاقه من أبناء المهنة ومن الساسة، حتى أنَّه كان ينفق من مدخرات أسرته على الأغراض الإنسانية العامة، كما مال إلى النضال السلمي بعيدًا عن النضال المسلح، لعلمه أن كل حركة مسلحة في مواجهة القوة العسكرية البريطانية ستبوء بالفشل حتمًا.

له عدة إنجازات منها إعادة الثقة إلى أبناء الجالية الهندية المهاجرة وتخليصهم من عقد الخوف والنقص ورفع مستواهم الأخلاقي، وإنشاء صحيفة «الرأي الهندي» التي دعا عبرها إلى فلسفة «اللاعنف»، وتأسيس حزب «المؤتمر الهندي للناتال» ليدافع عبره عن حقوق العمال الهنود، ومحاربة قانون كان يحرم الهنود من حق التصويت، وتغيير ما كان يعرف بـ«المرسوم الآسيوي» الذي يفرض على الهنود تسجيل أنفسهم في سجلات خاصة، وثني الحكومة البريطانية عن عزمها تحديد الهجرة الهندية إلى جنوب أفريقيا، ومكافحة قانون إلغاء عقود الزواج غير المسيحية.

تعاون «غاندي» مع بريطانيا في الحرب العالميه الأولى ضد دول الوسط وبناءً على طلب من الحاكم البريطاني في الهند، شارك في مؤتمر دلهي الحربي، ثم انتقل للمعارضة المباشرة للسياسة البريطانية بين عامي 1918 و1922 وطالب خلال تلك الفترة بالاستقلال التام للهن، وقاد حركة عصيان مدني تسبب في صدام بين الجماهير وقوات الأمن البريطانية، ما دفعه لإيقاف الحركة، وحكمت عليه السلطات البريطانية بالسجن 6 سنوات، ولكن أُفرج عنه 1924.

أطلق حمله عصيان عام 1940 احتجاجًا على إعلان بريطانيا الهند دولة محاربة لجيوش المحور دون أن تنل استقلالها، واستمر هذا العصيان عام كامل، وفي 1942 قرر غاندي دخول الهند في حرب شاملة ضد دول المحور أملا في نيل استقلالها فيما بعد، وظل يخاطب الإنجليز بجملته الشهيرة «اتركوا الهند وأنتم أسياد»، لكن هذا الخطاب لم يعجب السلطات البريطانية فشنت حملة اعتقالات ومارست ألوانا من القمع العنيف؛ كان غاندي نفسه من ضحاياه حيث ظل معتقلاً خلف قضبان السجن ولم يُفرج عنه إلا في 1944.

في 16 أغسطس 1947، نجحت الدعوات الانفصالية الهادفة إلى تقسيم الهند إلى دولتين بين المسلمين والهندوس، وحاول غاندي إقناع محمد علي جناح؛ الذي كان على رأس الداعين إلى هذا الانفصال بالعدول عن توجهاته لكنه فشل.

سادت الاضطرابات الدينية عموم الهند وبلغت من العنف حدًا تجاوز كل التوقعات فسقط في كلكتا وحدها ما يزيد على 5 ألاف قتيل، الأمر الذي اعتبره غاندي كارثة وطنية، وتصاعد حدة التوتر بين الهند وباكستان بشأن كشمير، وسقوط العديد من القتلى في الاشتباكات المسلحة، وأخذ غاندي يدعو إلى إعادة الوحدة الوطنية بين الهنود والمسلمين طالبًا بشكل خاص من الأكثرية الهندوسية احترام حقوق الأقلية المسلمة، واعتبرتها بعض الفئات الهندوسية المتعصبة خيانة عظمى فقررت التخلص منه.

وفي 30 يناير 1948، أطلق أحد الهندوس المتعصبين ويدعى ناثورم جوتسي 3 رصاصات قاتلة سقط على إثرها المهاتما غاندي صريعًا، عن عمر يناهز 78 عامًا، ليخرج في وداعه قرابه 2 مليون شخص.!!