في مثل هذا اليوم 29 يناير1886م..

سامح جميل 

كارل فريدريش بنز (Karl Friedrich Benz) (و1844. - ت1929) مخترع ألماني بدأ بتطوير محركات الدفع الأحادي ونجح في صنع أول سيارة تعتمد على احتراق البنزين. اتحاد شركته مع منافستها دايملر كان خطوة أولى على طريق ولادة أضخم وأعرق شركات السيارات في العالم.
 
ولد كارل بنز في 25 نوفمبر 1844م في كارلسروهه في ألمانيا، وكان والده يعمل سائق قطار، وساعده هذا على التعرف إلى عالم وسائل النقل في سن مبكرة، وتعلق بالتكنولوجيا، وشده هذا المجال كثيرا، وعندما انتهى من دراسته الثانوية دخل إلى المدرسة التقنية، وحصل على دبلوم في الهندسة عام 1864م.
 
عمل بنز في مصانع كثيرة، وتنقل بينها، وفي مدن مختلفة منها كارلسروه، مانهايم، پفورتس‌هايم خلال فترة 7 سبع سنوات، وكان طوال هذه الفترة يحلم بأن يكون لديه مصنعه الخاص، وكان يرى نفسه دائماً في هذه الصورة، صاحب مصنع متميز، وفي عام 1871 بدأ كارل بنز مع زميل له بمحل صغير لإصلاح الآلات، لكنه لم يصمد، وترك هذه الشركة بعد سنة من العمل، فاستمر بنز بمفرده لمدة خمس سنوات طور خلالها محركا بصمامين، لكن محاولاته المتكررة باءت بالفشل، وواجه الصعوبات الجمة، وكان يغرق في عمله لساعات طويلة، وبعزيمة نادرة، وإصرار غريب، نجح كارل في 31 ديسمبر 1879 بعدما حل عوائق عديدة ومشكلات مختلفة اعترضت طريقه لتشغيل محركه الأول.
 
دفع هذا النجاح كارل بنز إلى تأسيس شركة عام 1882م، حيث أدار إنتاج المحركات التي تعمل بالوقود، كان بنز مغامرا من الدرجة الأولى، وحبه للمغامرة والتطور الدائم دفعه إلى تأسيس شركة أخرى مع اثنين من أصدقائه عام 1883م في مانهايم، كان يطمح إلى تطوير المحرك ذي الصمامين لكي يصبح قادراً على استعمالها في محركات السيارات، لكن هذا الطموح اصطدم في رفض شركائه للفكرة من أساسها، واعتبروها مخاطرة كبير لا يمكن أن تنجح، ولكن بنز لم ييأس، وإنما ازداد إصرارا وعزيمة، وغامر وحيدا، عمل بجد وتصميم إلى أن نجح في تصميم محرك للسيارات واستطاع أن ينجح في بناءً الشاصي، واستطاع أن يجعل المحرك قادرا على دفع العجلات الخلفية إلى الأمام بقوة المحرك، مستخدما السلاسل الحديدية، والأحزمة المطاطية، وعلى الرغم من أن أول سيارة لبنز تم عرضها للجمهور اصطدمت بحائط وتحطمت إلا أن ذلك لم يحبط إصرار كارل بنز على تصميم سيارة متينة، ويمكن الاعتماد عليها إلى أن احتل العام 1899 المرتبة الأولى في صناعة السيارات في العالم.
 
في 29 يناير 1886 حصل مهندس ألماني يدعى كارك فريدريش بنز من مكتب براءات الاختراعات في ألمانيا القيصرية على براءة اختراع تحمل رقم 37435 وتعطيه كامل الحقوق للعمل على تطوير أول عربة تعتمد على احتراق البنزين.
 
هذا المهندس والتقني الذي ولد في عام 1844 في مدينة كارلسروهه الألمانية الجنوبية كان منذ نعومة أظافره مولعاً بالتقنية والميكانيك.
 
وبعد وفاة والده، توجه بينز إلى معهد البوليتيكنيك في مدينة كارلسروهه بغرض الدراسة واستطاع من خلال التجارب التي أجراها في المعهد وضع حجر الأساس لمحرك بديل لمحرك العربة البخارية.
 
وبعد الانتهاء من الدراسة، بدأت الحياة العملية للمهندس الشاب في كارلسروهه ومانهايم وفروستهايم.
 
وفي عام 1871، قام بينز بخطوة جريئة وهي تأسيس شركة حملت اسم "المصانع الميكانيكية" وفي هذه الفترة، تابع بنز ابتكار وتطوير محركات الغاز وعمل في هذا المجال على تحسين أداء هذه المحركات. ولاحقا بدأ يهتم بمحركات تعمل بتقنية احتراق الوقود.
 
محرك الدفع الأحادي:
في غضون ذلك، بدأ بنز يعمل على اختراع أول محرك للدفع الأحادي. بعدها بدأ المهندس يعمل على صناعة عربة مزودة بمحرك. وفي حين ركز منافساه گوتليب دايملر وڤيلهلم مايباخ على صناعة محركات تستخدم لأغراض كثيرة، اهتم بينز في صناعة سيارة المستقبل.
 
وفي بداية عام 1885 استطاع المهندس تصميم محرك ووضعه في عربة تسير على ثلاثة إطارات.
 
ويكتب بنز في مذكراته أن الناس "تجمعوا في مدينة مانهايم لرؤية هذه العربة ولم يسعهم في حينها إلا الضحك والاستهزاء منها.
 
" ويضيف بنز: "الناس كانوا محقين في حينها. لماذا الجلوس في هذا الصندوق غير الآمن والمزعج في حين تتوفر أحصنة كثيرة للتنقل وقضاء الحاجات؟ حتى أن أحد الأشخاص الذين تجمعوا على جنبات الطريق في مانهايم اقترح رمي الصندوق (العربة) في نهر نيكر الذي تقع المدينة على ضفافه."
 
ولاحقا، واجه بينز صعوبات مالية كبيرة ورفضت البنوك والممولون مواصلة مده بالمساعدات المالية. وبعد رفض بنز طلب البنك تحويل شركته إلى شركة مساهمة، تراجع البنك عن مواصلة التمويل.
 
أما هو فقد غادر الشركة وأسس شركة جديدة تحمل اسم "بنز وشركائه" وبعد سبع سنوات، تحولت هذه الشركة إلى أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم. بعد ذلك، طور بينز عربة "فيكتوريا" التي تعمل بثلاثة إطارات. وواظب المهندس على تطوير "فيكتوريا" لدرجة أنها بدأت تصل سرعتها إلى 40 كم في الساعة.
 
أما موديل "ڤلو" (Velo) الذي تم صناعته على أساس عربة "فيكتوريا" فإن شركة بينز باعت منه 1200 نسخة.
 
لاحقا، تخصص بنز في صناعة السيارات وأسس في مدينة لادنبورگ شركة "بنز وأولاده" لصناعة السيارات.
 
في عام 1914 كان بنز شاهدا على ثورة صناعة السيارات، ما اضطره إلى دمج شركته مع الشركة المنافسة دايملر، لتصبح الشركة منذ ذلك الحين تحمل اسم "دايملر بنز"..
 
في ربيع عام 1890م تم اختراع محرك بأربع سيلندرات من قبل مايباخ، وتم استعماله للقوارب.
 
وقد سمي محرك ديملر، واشترى أحد رجال الأعمال المجريين 36 سيارة سباق من ديملر عام 1900م، فاشترط أن تسمى هذه السيارات باسم ابنته مرسيدس، وساعد هذا الاختراع بنز وديملر معا حيث أصبح باستطاعتهما تطوير عملهما ووسائل النقل بشكل كبير.

بنز-ديملر:
أسس ديملر في 28 نوفمبر 1890م مؤسسة سجلها في شتوتگارت وكان شريكاه ماكس دونتهوفر وڤيلهلم لورانز، وفي 18 مارس 1895 اخترعت شركة بنز في مانهايم أول باص في العالم، وسير للعمل في مدن زيگن، نتفن، ودويتس، وفي العام نفسه تم تنظيم أول سباق للسيارات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وكان السباق كناية عن ذهاب وإياب ما بين شيكاغو وواكيغان، وخسر بنز السباق، وأما السائق الوحيد الذي استطاع إنهاء السباق فهو اوسكار مولر.
 
استمرت شركة دايملر بالتطور، وعلى الخط نفسه كانت شركة بنز في بحث دائم عن تطوير محركاتها وسياراتها، وفي عام 1905 اخترعت شركة ديملر الرديتر الذي حقق نقلة نوعية في عالم السيارات وتصميمها، واشتدت المنافسة بين مصنعي السيارات، وأصبح هناك شبه ثورة في عالم السيارات في دول عدة، أهمها: الولايات المتحدة.
 
شكلت الحرب العالمية الأولى ضربة قاصمة للشركات الألمانية، وفي الوقت نفسه طرح هنري فورد سيارته الأولى، التي حققت نجاحا باهرا بتصميمها وأسعارها التي ضربت بها الأسواق، وكانت تعرف بموديل T وتحت هذه الضغوط اتفق بنز ومسؤولو شركة ديملر على دمج الشركتين، وحصل ذلك عام 1926م، وشكل ذلك بداية جديدة لقفزات نوعية في عالم السيارات.
 
من محاسن المصادفات نرى أن هذين الرجلين اتخذا قرارات مهمة قبل وفاتهما، ففي عام 1900 أوصى ديملر أن تسمى سيارته باسم ابنته مرسيدس، ولولا هذا لكنا الآن نتكلم عن سيارة ديملر، ولم يكن أحد يعلم ما معنى مرسيدس، كذلك فإن قرار بنز بالدمج مع شركة ديملر كان قبل وفاته بثلاث سنوات، وبالتأكيد فإن هذا الدمج قد لعب دورا مهما في تطوير سيارة مرسيدس بنز، والارتقاء بها إلى القمة.
 
مرسيدس بين التفوق والفخامة:
بدأت الشركة بالوقوف مجددا عام 1930م عندما بدأت ألمانيا بتعبيد الطرق وتوسيعها، وفتح الأتوسترادات حيث ازداد الطلب على السيارات، وفي الوقت نفسه اختار هتلر سيارات مرسيدس الفخمة كسيارات الدولة الرسمية، كما بدأت شركة مرسيدس بنز بتصنيع المحركات للسيارات والطائرات العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية، وكانت الشركة قد تعرضت إلى خسارة قاسية بعدما دمرت طائرات الحلفاء أغلب مصانعها.
 
بدأت سيارات مرسيدس باحتلال مركز مرموق في عالم السيارات في العالم وراجت بشكل واسع وخاصة بين الأغنياء، وأحيانا تذكر باسم سيارة الفخامة، وقد بدأت الشركة في عام 1960م بتقوية وضعها في عالم الشاحنات والمحركات، حيث أعطت شركة مرسيدس بنز لصناعة السيارات قوة كبيرة ودفعة هائلة، فالابتكارات التي أضيفت على سيارة مرسيدس كانت عظيمة، حيث كانت الأولى في طرح حقيبة الهواء الوقائية Air Bag والفرامل Anti-Lock إضافة إلى الهياكل الآمنة.
 
وفاته:
توفي ديملر في 6 مارس 1900م عن عمر 65 سنة في مدينة لايدنبرج، وفي عام 1901 ربحت إحدى سيارات ديملر السباق، وسجلت شركة ديملر اسم مرسيدس رسميا حسب وصيته، وهكذا توفي من دون أن يلتقي كارل بنز، ولكنه على الخط نفسه، ولديهما الدوافع والطموحات نفسها، وبكل استقلالية أضافا الكثير إلى عالم السيارات.!!