سليمان شفيق
في خضم التوتر وطبول الحرب بعد موافقة البرلمان التركي علي ارسال قوات الي ليبيا ، والردود المصرية الحاسمة ، كشفت وسائل إعلام عبرية نقلاً عن الدفاع الأمريكية صباح أمس الجمعة، أنّ طائرات أمريكية في طريقها للشرق الأوسط، وذلك بعد اغيتال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني "قاسم سليماني" بغارة أمريكية في العراق.

وقال إيتاي بلومنتال من صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية، عبر موقعها الإلكتروني، إنّ "طائرات C-5 Galaxy التابعة لسلاح الجو الأمريكي والتي تعتبر أثقل طائرات النقل الجوي الإستراتيجي العابرة للقارات - تشق طريقها من الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط".

وأفاد ‏نير دفوري من القناة الـ(12) العبرية، أنّ "قطار جوي من طائرات النقل الأمريكية في طريقها إلى الشرق الأوسط".

وفي سياقٍ منفصل، أكد "اور هيلار" من القناة العاشرة العبرية، أنّه "بعد مناقشة لتقييم الوضع من قبل قادة مؤسسة الجيش والأمن ، سيعزز الجيش الإسرائيلي استعداده في القيادة الشمالية والقوات الجوية، بما يطرح امكانية اشتراك اسرائيل في العمليات بالعراق او ايران اذا ما فرضت الظروف ذلك .

اغتيال قاسم سليماني وابواب الحرب:
يشار، إلى أنّ المتحدث الحرس الثوري الإيراني أكد، مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني. في قصف أمريكي استهدف سيارته في مطار بغداد الدولي.

وقال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني العميد رمضان شريف بحسب وكالة "سبوتنيك"، أن اللواء قاسم سليماني قتل خلال القصف الأخير للقوات الأمريكية على مطار بغداد الدولي في العاصمة العراقية إلى جانب عدد من من قادة الحشد الشعبي العراقي.

وفي تفاصيل اغتيال "سليماني"، أفادت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية يوم  أمس الجمعة، بأن استهداف قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني جرى بعدة صواريخ من طائرة مسيرة، وأن الصواريخ استهدفت سيارتين كانتا تقلان سليماني ومسؤولين آخري.

ومن بغداد الي القاهرة حيث أكدت الخارجية المصرية على ما تُمثله خطوة البرلمان التركي من انتهاك لمقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن حول ليبيا بشكل صارخ، وبالأخص القرار (1970) لسنة 2011 الذي أنشأ لجنة عقوبات ليبيا وحظر توريد الأسلحة والتعاون العسكري معها إلا بموافقة لجنة العقوبات، مُجدداً اعتراض مصر على مذكرتيّ التفاهم الباطلتين الموقعتين مؤخراً بين الجانب التركي و"السراج"، وعدم الاعتراف بأي إجراءات أو تصرفات أو آثار قانونية قد تنشأ عنهما، نتيجة مخالفة إجراءات إبرامهما للاتفاق السياسي الليبي الموقع بالصخيرات في ديسمبر 2015، وبالأخص المادة الثامنة التي لم تخول "السراج" صلاحية توقيع الاتفاقيات بشكل منفرد، وخولت في ذلك المجلس الرئاسي مجتمعاً، واشترطت مصادقة مجلس النواب على الاتفاقيات التي يبرمها المجلس الرئاسي.

كما حذرت مصر من مغبة أي تدخل عسكري تركي في ليبيا وتداعياته، وتؤكد أن مثل هذا التدخل سيؤثر سلباً على استقرار منطقة البحر المتوسط، وأن تركيا ستتحمّل مسئولية ذلك كاملة.

كل الخيارات واردة بالنسبة للقاهرة التي عقد فيها امس الاول  الخميس الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعا للأمن القومي مع عدد من المسؤولين أبرزهم وزير الدفاع لبحث ملفات الأمن القومي.

ويعتقد مراقبون أن القاهرة لديها ثلاثة خيارات تعتمد على مدى تطور الأوضاع في ليبيا، هي البحث عن دعم سياسي دولي يوقف التدخل التركي، أو دعم حفتر بشكل أكبر، أو التدخل العسكري المباشر.

وقد كثفت مصر بالفعل في الآونة الأخيرة من اتصالاتها مع دول العالم، أبرزها اتصال الرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيره الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، يضاف إلى ذلك ترتيبات مصرية لعقد قمة رباعية في القاهرة تضم مصر وفرنسا وقبرص واليونان.

مصر قامت قبل نحو ثلاثة أسابيع بمناورات عسكرية بحرية في المتوسط كانت، حسب العشري، بمثابة "رسالة شديدة الأهمية للجانب التركي. مصر لن تقبل بأي عبث في المتوسط أو على حدودها الغربية".

وتتابع مصر عن كثب محاولات تركيا لإرسال قوات إلى ليبيا، وأنشأت غرفة عمليات لرصد أي تحركات تركية تهدد الأمن القومي المصري، حسب العشري.

في المقابل، يرى خبير الشؤون الأمنية اللواء جمال مظلوم أن "تدخل مصر عسكريا في ليبيا وارد جدا في حال واجهت تهديدا مباشرا من تركيا".
وقال مظلوم لموقع الحرة إن "هناك حديثا عن دعم استخباراتي ولوجستي مصري لحفتر، لكن لو شعرت مصر بتهديد مباشر ومتزايد لأمنها القومي فلا شك أنها ستتعامل معها، لأ استبعد أن تتدخل عسكريا".

وتمتلك مصر حدودا بطول 1115 كليومترا مع ليبيا ولطالما عبرت مصر عن قلقها من تدهور الأوضاع الأمنية في لييبا الذي سمح لبعض العناصر الإرهابية بالتسلل إلى مصر.

الموقف الدولي والاقليمي :
إلا أن اختلاف المواقف ليس المفارقة الوحيدة التى يمكن ملاحظتها تجاه التطورات على الساحة الليبية، ولكن تبقى الملاحظة الأبرز فى تغير توجهات الدول فى التعامل مع الأزمة، حيث أصبحت روسيا بمثابة فرس الرهان لأوروبا لدعمها فى دحض التهديدات التى يمثلها الدخول التركى المشبوه على خط الأزمة الليبية، بعدما كانت ترى الولايات المتحدة هى الداعم الرئيسى لها فى مجابهة كافة التهديدات التى تواجه القارة العجوز، منذ عقود طويلة من الزمن، وهو ما يرجع فى جزء منه للموقف الأمريكى الذى يبدو فاترا إلى حد كبير

ولعل الاتصال الهاتفى الذى أجرته المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والتى تمثل أحد أكبر دعاة أوروبا الموحدة، بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين، لمناقشة المستجدات على الساحة الليبية، بمثابة استجداء أوروبى لموسكو، لإنقاذ ليبيا ومن خلفها أوروبا الغربية، فى ظل موقف أمريكى تراه أوروبا يحمل قدرا كبيرا من التخلى، عبر التلويح بالورقة التركية، لمقايضة دول القارة العجوز وإجبارها على الدوران فى فلك واشنطن، خاصة وأن الدور المشبوه لأنقرة يضع الحكومات الليبرالية فى القارة العجوز أمام أزمة أمنية واقتصادية جديدة، فى إطار التدفق المتوقع لموجات جديدة من اللاجئين، ربما يتسلل بينهم إرهابيين، إلى الدول الأوروبية، وهو ما يعد بمثابة القشة التى قد تقصم ظهورهم فى المستقبل القريب

الاستجداء الأوروبى لروسيا فى الأزمة الليبية الراهنة، يمثل اعترافا أوروبيا بصعود روسيا، وقدرتها على مناطحة الولايات المتحدة على عرش النظام الدولى، استلهاما للنجاح الروسى المنقطع النظير فى فرض كلمتها على الجميع فى سوريا، واستئثارها بالنفوذ هناك

 رغم أهمية موقع ليبيا للقارة العجوز، إلا أن الأوروبيين لم يوحدوا موقفهم بعد إزاء الصراع في الجارة الجنوبية، رغم سعي ألمانيا في عقد مؤتمر حول الأزمة الليبية. فهل يشكل ذلك فرصة ذهبية لبوتين ليخلق منها سوريا ثانية؟

ليبيا ذات أهمية جيوسياسية كبيرة بالنسبة لأوروبا، ناهيك عن أهميتها الاقتصادية، خصوصا كمصدر مهم لتوريد الطاقة، ورغم ذلك، لا يتعامل الأوروبيون مع الملف الليبي بصوت موحد، بل تتعارض مواقفهم بشدة ويقفون في جبهات ليبية متحاربة وجها لوجه.. لماذا يا ترى؟ ما الذي يمنع أوروبا من توحيد الموقف بشأن ليبيا؟ ولخلافات أوروبا تأثير سياسي وأمني آخر على المنطقة، حيث تسعى روسيا لملء الفراغ الذي تخلقه اوروبا خصوصا، والغرب عموما في ليبيا وشمال أفريقيا. فهل تقف أوروبا متفرجة على توسع النفوذ الروسي في ليبيا؟
 
التناغم الروسي التركي :
لكن السؤال المهم في هذا السياق يتعلق بمدى تناغم النشاط الروسي، سواء أكان رسميا أم غير رسمي، مع تحالف بوتين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والذي كما هو معروف يقف وبكل قوة إلى جانب حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.  والسؤال ايضا هو: ألا يجازف بوتين بهذه العلاقة الفتية مع أردوغان؟

من جانبه، ينفي الصحافي أديب السيد المطلع على السياسة الروسية والمعتمد لدى الخارجية الروسية في موسكو أي دور عسكري روسي في ليبيا. وتابع في حديثه مع دويتشه فيله عربية (DW) "أن روسيا تسعى للوقوف بشكل حيادي في الصراع في ليبيا، ولهذا تحافظ على مسافة متساوية مع طرفي الصراع". وعلى هذا الأساس، وحسب رأي أديب السيد، فإن روسيا تعمل بكامل طاقتها الدبلوماسية من أجل دعم جهود ألمانيا الساعية لعقد مؤتمر للأزمة الليبية بحضور كل أطرافها في الداخل والدول المتورطة فيها في ما يسمى بمبادرة برلين من أجل ليبيا مطلع العام القادم.

الموقف العربي والجامعة العربية:
شدد مجلس  الجامعة العربية في قرار بعنوان «تطورات الوضع في ليبيا» أصدره في ختام اجتماع دورته غير العادية اليوم الثلاثاء الماضي  برئاسة العراق على خطورة مخالفة نص وروح الاتفاق السياسي الليبي والقرارات الدولية ذات الصلة، على نحو يسمح بالتدخلات العسكرية الخارجية، بما يسهم في تصعيد وإطالة أمد الصراع في ليبيا والمنطقة .

لكن موقف الجامعة العربية ملتبس ففي حين تأكيد مجلس جامعة الدول العربية مجدداً الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها ولحمتها الوطنية وعلى "رفض التدخل الخارجي ايا كان نوعه" ، هذا يدل علي ان الجامعة لاتفلاق بين التدخل التركي والتدخل من دول الجوار ؟!!

ولذلك  شددت من جهة اخري على دعم العملية السياسية من خلال التنفيذ الكامل لاتفاق الصخيرات 2015/ 12/ 17 باعتباره المرجعية الوحيدة للتسوية في ليبيا، واهمية إشراك دول الجوار في الجهود الدولية الهادفة إلى مساعدة الليبيين على تسوية الأزمة الليبية .

هل يراهن اوردغان علي الصراع الامريكي الايراني في العراق او الخليج واستغلال ذلك في الذهاب الي ليبيا ؟ خاصة وان الموقف العربي ملتبس والاوربي منقسم ؟

ام سوف يعمل حساب لقوة مصر وجيشها ؟ وربما كما يري بعض المراقبين ان يدخل الجيش المصري حتي حدود طرابلس والتركي داخل طرابلس ويلجأ الطرفين الي التفاوض في مؤتمر برلين ؟ كل ذلك يرتبط بالتنسيق الامريكي التركي وبالتناغم الروسي التركي ـ كما حدث في سوريا ـ في كل الاحوال المستهدف ليس ليبيا بل مصر ونظامها لايقاف تطورها والتنمية التي تجري فيها الان .