علاء عريبى
قسط بن لوقا هو أحد رواد الترجمة خلال الدولة العباسية، تفاصيل حياته، ومولد ووفاته، لم تصلنا، اختلفوا في تحديد الفترة التي عاش خلالها، قيل إنه عاصر أول فيلسوف عربى يعقوب بن يوسف الكندى، المتوفى سنة 256هــ.

تاريخ وفاة قسطا مثل تاريخ مولده، غير معلوم، ربما لأنه، وهو الأرجح، هاجر إلى أرمينية ومات فيها، فقد ذكر المؤرخون بأن حاكم أرمينية استدعاه، وسافر وعاش ومات ودفن هناك، أصوله عربية، مسيحى من بعلبك.

الفهرست هو أقدم مصدر ذكر قسطا وترجم له، مؤلفه (ابن النديم) أشاد بأخلاق وثقافة ومهارة قسطا، وقام بتمييزه عن حنين بن اسحق(ت 260هـ) في الترجمة، بقوله: كان يجب أن يقدم على حنين لفضله ونبله وتقدمه في صناعة الطب، وكان بارعًا في الفلسفة، والهندسة، والإعداد، والموسيقى، لا مطعن عليه، فصيحًا باللغة اليونانية، جيد العبارة بالعربية وقيل إنه كان الفيلسوف العربي المسيحي الأول في دولة الإسلام».

الثابت تاريخيًا أن قسطا كان معاصرًا للكندى (ت256هـ)، والأخير كان أول من اشتغل بالفلسفة عند العرب، وكان من ضمن اهتماماته الروح والنفس، وقد وصلتنا رسالة له عنهما، وهو ما يثير سؤالنا الأخير: من منهما له فضل السبق في كتابة مقال بالعربية عن النفس؟

جميع الشواهد ترجح كفة الفيلسوف، لأنه كان معاصرًا، كما أن الفلسفة كانت موضوع انشغاله وكتاباته، لذا من الطبيعي أن يسبق قسطا في الكتابة عن النفس، لكن المقارن بين رسالتي الكندى وقسطا عن النفس والروح، يضع يديه بسهولة على العديد من نقاط التشابه، الأولى: إن كلًا منهما قام بعرض آراء أفلاطون وأرسطو وبعض الفلاسفة اليونانيين حول الروح والنفس، وقد ذكر كل منهما هذا في افتتاحية الرسالة.

 الثانية: أن كلًا منهما إنحاز إلى رأى أفلاطون في النفس، الثالثة: إن كلًا منهما كتب رسالته لأحد الوزراء لكى يغنيه عن عناء قراءة العديد من المؤلفات المترجمة للفلاسفة اليونانيين.

قد يرجح هذا كفة الكندى ويمنحه لقب الأسبقية أو صاحب أول مقال عن النفس في العربية، لكن اشتغال قسطا بن لوقا بالترجمة، واشتراكه في نقل بعض مؤلفات الفلاسفة اليونانيين إلى العربية، يؤهل رسالته للقب الأسبقية أو الأقدمية، وما يقوى هذا الرأي أنه من السهل علي من قرأ وهضم وترجم، أن يلخص بعض ما قرأه في رسالة عن النفس تغنى الحاكم أو الوزير أو الأمير عناء قراءة العديد من الكتب المترجمة، بخلاف من سيعد مقالة بعد أن يقرأ ما سبق وترجم من كتب في المسألة، من هنا يمكن أن نرجح بكل اطمئنان أن قسطا بن لوقا، المتوفى خلال القرن الثالث الهجرى، كان صاحب أقدم مقال عن النفس والروح في العربية.

alaaaoreby@gmail.com
الوفد