محمد حسين يونس
لا يوجد في الحياة بتاريخها الطويل أى معلومة مؤكدة بيقين .. غير الوجود و العدم .
 
كل ما في الكون يخضع لهذه الحقيقة ذات الوجهين .. و لا يوجد في حدود معلومات البشر الحالية أى شذوذ.. 
 
الفارق هو المسافة الزمنية التي تستغرقها الدورة من التواجد حتي الفناء.. لذلك نقول عمر الزهور الذى لا يزيد عن ساعات .. و خلود الشمس و النجوم  الذى في تصورنا قد يستغرق مليارات من السنوات خارج قدرتنا علي العد أو التنبوء أو حتي الفهم .
 
ما بين ميلاد الانسان وحدوث الوفاة .. صراع كل ثانية لا نعرف متي سينتهي ليصبح الكائن مجرد ذكرى ، 
 
الوحيد الذى يعي هذه الحقيقة من بين الجوامد و الاحياء هو نحن .. و لان الصراع واسع و الخطر محيط من كل جانب و متواجد حتي في طبيعة الجسد البشرى و إسلوب عمله لذلك عوض عجزة عن فهم الظواهر المحيطة به و توقي الاخطار المهلكة باوهام .. متعددة بدأت بإختراعة لوجود كائنات أثيرية غير مرئية تتحكم في كل ما يسعي من أجله ..( كالماء و الغذاء و العلاج و الملجأ الامن)، ثم إلي تجسيد عوالم موازية في القصة والاسطورة و الحدوته التي تقصها الجدة حول راكية النار .. ثم في الموسيقي و الغناء ، و التمثيل الطقسي فالمسرحي .. و خيال الظل .. و تلعيب العرائس .. و إنتهي في العصر الحديث إلي السينما و التلفزيون و الروايات و الاوبرا .. و ما نراه اليوم من تجسيد ثلاثي الابعاد (هولوجرام ) لاحداث وهمية يبتكرها متخصصون في الالهاء بوهم الخروج من أزمة التواجد وإنتظار العدم .
 
في القرن الحادى و العشرين .. يندر أن تجد بشريا واحدا علي ظهر المعمورة و قد نجي من تعاطي الاوهام .. لقد أصبحنا مدمنين .. للوهم .. نتبادلة .. و نشيعة .. و لا نتوقف عن إبتكارة .
 
فالانسان حتي يومنا هذا لم .. يصل إلي إجابات علي أسئلة الاجداد البدائية و لا يستطيع أن يقول بيقين .. هذه هي البداية و هذه هي النهاية .. و هذا هو المسار .. بدون أن يلجأ للحلم في المنام أو اليقظة وللوهم سواء كان بسيطا متصلا بالسحر و المعجزة لتغطية شذوذ زمن الجهالة أو حديثا من زمن الهولوجرام التجسيدى.
 
الاب و الام .. يغذيان الابناء باوهام .. الاخلاق الحسنة وطيب السلوك .. و الطاعة .. و التأقلم مع المجتمع .. كل طبقا لتصوراته التي إكتسبها خلال تواجدة في الحياة .. 
 
و الاعلامي يشيع أنماطا يراها هو و من يدفع له أنها مناسبة للمتلقي .. يحركونه بها كيفما أرادوا من خلال اوهام المعاصرة و الطموح و الالتزام بالعقيدة والوطن .. وحقوق الانسان 
 
 و السياسي لا يتوقف أبدا عن بث أوهامة المغلفة لاطماعه بوصف مجتمع عادل و متوازن .. أو إشاعة الرعب و الخوف بين معارضية ..
 
الجميع يلعبون نفس اللعبة .. أوهام و أحلام .. و امال .. تنهي كلها عند حقيقة إشباع إحتياجات البشر الاساسية التي لا يستطيع الحياة بدونها الغني أو الفقير .. الزعيم أو الغفير الطفل أو الشيخ.. المرأة او الرجل . هواء ،و ماء و طعام ، و ملجأ و أمان ، و علاقات جنسية مشبعة .. الانسان في هذا مثل أى حيوان علي الارض و لكنه يبعي . 
 
نحن جميعا صناع الاوهام و مستهلكيها و مطوريها الفارق بيننا ..هو أى وهم نمارسه يوميا .. قل لي ما هو وهمك أقل لك من أنت ..!!