محمد حسين يونس
في كتابه ((الفن المصرى القديم الجزء الاول صفحة 231)) اورد الدكتور ثروت عكاشة النص التالي لبردية (مفقود عنوانها) تقص حديث بين شخص .. و روحة قادمة من الدولة المتوسطة (الاسرة الحادية عشر ) و يحتفظ بها متحف برلين :-

((تبدأ بشكوى لشخص قائلا
ترى من أكلم اليوم : الاخوة لا خير فيهم و الاصدقاء لا يركن لهم .
ترى من أكلم اليوم : القلوب تضمر الخيانة و الجار يعدو علي الجار .
ترى من أكلم اليوم :طلاقة الوجوه أعقبها وجوم وذهب ما بين الناس من معروف .
ترى من أكلم اليوم : لقد غدا الاشرار بآثامهم مهيبين مرموقين .
ترى من أكلم اليوم :لقد أصبح الخائن يسمي أمينا والامين يسمي خائنا .
ترى من أكلم اليوم : فليس ثمة عدل وليس ثمة علي الارض مكان إلا لظالم جائر)) .

. يبدو أن هذا هو حال مسنين مصر عبر العصور .. دون توقف.. .كأنة مسن مثلي يعيش في القرن الحادى و العشرين بعد الميلاد.

أو كما علق ثروت عكاشة :
(( حديث إنسان كان خيرا أفقدته الشدائد صحته و ماله وتنكر له أصدقاؤه ،إنتهب ما يملك جيرانه فإذا هو في غمرة الهلع و الجزع مدفوع إلي شفا قبره يريد الانتحار ليخلص من تلك الحياة فنراه يضرع إلي روحه في وحشته و نرى الروح تأبي عليه (الانتحار ) و تصف له ما سوف يجد في القبر من أهوال))..

فلنعود للبردية و نسمع رد الروح
(( وفغرت روحي فاها و أخذت تجيب إذا فكرت في الموت فسوف تجده شيئا يبعث علي الحزن و يثير البكاء و يملأ الصدر همُا فهو لا محال مختطف المرء من بيته و مودعه قبره حيث لن ينهض ثانية كي يبصر مطلع الشمس أنظر إلي أولئك الذين شادوا بالجرانيت الاحمر هذه المباني الرائعة و إتخذوا لهم قبورا في الاهرام و كأنهم الالهه ها هم أولاء قد إستوت موائد قربانهم بموائد الدهماء الذين لقوا حتفهم علي الشاطيء و تركت جثثهم في العراء تلفحها الشمس بحرارتها فإذا ما جرفهم الفيضان كانوا طعمة للسمك فإلقي بسمعك إلي وما أحكمك إذا فعلت ، خذ من الايام صفوها و لاتجعل للهم إلي نفسك سبلا )).

يا حبيبي .. أربعة الاف سنة و الحال علي ما هو علية ...فلنعيد كتابة النصيحة لتصبح بعد هذة القرون معاصرة.

أنظر إلي هؤلاء الذين بنوا ناطحات السحاب و الكبارى و قصور المدن الجديدة .. هذه المباني القبيحة المكلفة التي تسببت في ديون بالمليارات ..هؤلاء الذين أمروا بتفتيش تليفونات الخلق في وسط البلد .. و إعتقلوا و سجنوا الألاف من اصحاب الرأى .. و إتخذوا لهم مسكنا في قلاع محصنة ..و مثوى الاخرة في المساجد و المقابر الفاخرة .. و كأنهم ألهه .. هؤلاء سيصيبهم البلي و التعفن .. و ستأكل أجسادهم كائنات دقيقة لا ترى لتستوى جثثهم بجثث من دفنوا في قبور الصدقة .. فخذ من الأيام صفوها ..و أضحك من سخرية الأقدار . أف