سحر الجعارة
لا أدرى من الذى أطلق على الإنترنت اسم «الشبكة العنكبوتية».. لكنها كذلك بالفعل، ما إن يسقط فى قبضتك «متطرف» يزرع ألغام الفتنة ويحض على الكراهية، حتى تتداعى بقية «الشبكة» لتسقط «خلية نائمة» تخصب الأرض للتطرف الذى يمهدها للإرهاب فيما بعد!

البداية كانت بتدوينة على «فيس بوك» لخطيب وإمام مسجد اسمه «أسامة السيوطى»، يعمل بـ«مديرية أوقاف سوهاج إدارة أوقاف بندر جرجا»، بحسب تعريفه لنفسه.. يحرّض خلالها الشباب على التحرش بالنساء والفتك بهن فى الطريق العام، ويوصى «ولىّ الأمر» بأن يمنع «بكل قوة» ابنته وزوجته من الخروج إلا بزى فضفاض وواسع، أو يعتقلها فى المنزل!.

وفوراً قامت «ثورة» على الفيس بوك من مجتمع عانى كثيراً من «السعار الجنسى» الذى أصبح ظاهرة، بدأت بفتاوى مماثلة من بعض العلماء. وحدى كنت أرى الصورة من عدة زوايا: هذا الرجل ينفرد بقرية نائية فى صعيد مصر، حيث تعليم المرأة وعملها يتم بصعوبة، ولا ترث بحكم «التقاليد»، ويستغل قدسية «المنبر» والعبارات الفخيمة من عيّنة «درس بالأزهر الشريف» ليكتسب مصداقية لدى البسطاء.. لكنه لم يكن نغمة نشاز ولا يؤدى عزفاً منفرداً على أوتار الرغبة المكتومة عند الشباب.

دخل فجأة فريق الدفاع: «خالد شعيب»، يعرّف نفسه بأنه (مؤسس القناتين السابعة والثامنة ويعمل كبير معدى قناة «طيبة» بالتليفزيون المصرى)، ولأننى عملت بالإعداد والتقديم وداخل مبنى «ماسبيرو» نفسه أحسست أن المناصب التى ذكرها نوع من «الشعوذة» أقرب ما تكون لمراكز «السيوطى» الذى نصب نفسه من وكلاء الله فى صعيد مصر! فعادة من يؤسس قناة يكون وزير الإعلام بنفسه أو رئيس القناة. بدأت أفتش عن المدعو «شعيب» لأرى كيف يسير عكس اتجاه الحكومة التى يعمل بها، تماماً مثلما يعمل بها «معلمه»، وجدت أن زوجته تعمل بنفس القناة وأن أقصى مجده أنه يعد برنامجاً بعنوان «علمنى القرآن».. وعلى صفحته بالفيس بوك عدة «بوستات للتورية» مثل «تحيا مصر» وغيره.. لكنك فى المنتصف سوف تلمح فيديو لقناة «الجزيرة» المحظورة رسمياً فى مصر (لاحظ أنه إعلامى).. والفيديو عن سوق أسوان وضعه عنده «يحيى محمود» وهو مخرج بقصر ثقافة أسوان (!!).

كلما وصلت لمعلومة كنت أشعر بالدوار، فإن كانت وزارة الأوقاف مخترقة أو كان للسلفيين والإخوان أذرع بداخلها، فهذا أمر معلن للجميع، ويقوم الدكتور «مختار جمعة» وزير الأوقاف بتطهيرها.. وتصورت مع أول صدمة أن «السيوطى»، مثل كل خطباء المسجد فى الصعيد، لا يجيد تكوين «لوبى متطرف» يروّج له ولأفكاره لدرجة نشر «هاشتاج» متهافت وهزيل «أدعم الشيخ أسامة».. وهو ما يعادل فى نظرى تماماً: «أدعم التحرش والاغتصاب وهتك العرض»!!.

لقد لاقى «السيوطى» ما يستحقه من ردود وصلت إلى حد الاستشهاد بالحكم القضائى بالسجن 6 سنوات لإمام مسجد هتك عرض طفل فى قنا (وهى إدانة ضمنية)، وباغتصاب الطفلة «جانا» طفلة البامبرز.. وطفل البامبرز الذى هتك عرضه شاب عمره 17 سنة.. لكم أن تتخيلوا أن اللعنات كانت تنطلق من صدور الرجال قبل النساء مثل طلقات الرصاص ومن كل الدول العربية.. لكن السيوطى «كادر مدرب»، رد على تهديده المتكرر «بإبلاغ وزارة الأوقاف» باستهتار من يستند على شعبيته فى قلب الصعيد المحاصر ببعض عناصر الإرهاب من «الذئاب المنفردة» التى تعمل فى هيئة «خلايا عنقودية»!

هذا -إذن- بلاغ للسيد الدكتور «مختار جمعة» الذى وعد الرأى العام بما سماه «ميثاق المنبر»، ليكون المنبر «منارة فكر واستنارة، وسبيل الوسطية والتسامح، ولا يمكن ولا ينبغى أن يكون عامل هدم أو تخريب أو إفساد أو تحريض، أو أن تختطفه جماعة أو حزب، أو أن يستغله شخص لمصالحه الخاصة، أو يوظفه لخدمة جماعة أو نشر فكرها أو أهدافها» بحسب تصريحاته.. ونحن نقول له: «خطيب جرجا» يهدد أمننا ويدعو الرجال إلى وأدنا.

«السيوطى» كتب تدوينته موجهة إلى ما سماه الإعلام المصرى الأصيل الغيور على المحافظة على شباب بلده من الزلات: («خالد شعيب وطه كمال» وهما موظفان بالتليفزيون، وكذلك مراسل قناة النيل د «.أحمد العوضى».. بالإضافة إلى عدة جرائد متأسلمة وعدة قنوات من «بير السلم»).. وهتف فى ممثلى الإعلام الذين يعرفهم ويتواصل معهم وكأنه ينادى «حى على الجهاد»!.

وأتصور أنه من واجب وزير الإعلام «أسامة هيكل» والمجلس الأعلى للإعلام أن يحققا فى الأمر، لنعرف ما علاقة «شعيب» بقناة «الجزيرة» هو وصديقه المخرج المسرحى «محمود» الذى يعمل فى «وزارة الثقافة» ولو منتسباً!.

أعلم أن الخيوط متشابكة ومعقدة مثل كرة الصوف، لكن يقينى أن للتطرف ثلاثة أضلع رئيسية هى: «المنبر والإعلام والثقافة».. وأن اغتيال العقل الجمعى وتفريغه ثم إعادة حشوه بأفكار متشددة مهمة مستحيلة بدون اكتمال الدائرة!

سيقول البعض إن «السيوطى» تذكّر، فى اليوم التالى، أن يحث الشباب على «غض البصر» بعد لطمات موجعة كان أكثرها إيلاماً صور التحرش بالمحجبات والمنتقبات، وأنه نصح الشباب بالابتعاد عن «البنطلونات الممزقة الضيقة التى تُظهر العورات».. وكأن النساء على وشك التحرش بالرجال!.. لكن هذا البوست يؤكد النظرية التكاملية بين أذرعه الإعلامية «شعيب وغيره» وبين تجميل الصورة الذهنية المأخوذة عنه بعد ليلة تجريس وهجوم شرس عليه.

ثم إن «التقية السياسية» لم تعد تخدعنا، لقد عانيناها طويلاً من أحزاب سلفية ومن علماء كفّروا الأقباط ثم أنكروا أو اعتذروا!.

التحرش هو هتك عرض لنساء المحروسة، قتل عمد، (كما وصفته فى مقالى: ولماذا لا تتحرش بالنساء)، لسنا «سلعة» يتاجر بها «السيوطى»، ولسنا «بضاعة» تروج لنشر التطرف والإرهاب مغطاة بالحجاب أو مكشوفة للذباب والذئاب والمرتزقة من تجار الدين وجوقتهم الإعلامية- الثقافية!!.

نحن نطالب الجهات المعنية بالتحقيق بموضوعية، وإعلان ما تم بكل شفافية لأننا فى دولة مدنية ولسنا من «سبايا السيوطى».
نقلا عن الوطن