جمال رشدي: يكتب
الخارجية المصرية هي بيت الوطنية المصرية، هكذا تستنشق عبق وجمال الهوية المصرية في رجال الخارجية أينما كانوا.

وهنا في الرياض عاصمة الشقيقة المملكة العربية السعودية، التي يتواجد بها اكبر جالية مصرية علي مستوي العالم بمختلف أطيافهم ومستوياتهم العلمية والتخصصية، حيث يقدر العدد بما يفوق 2.5 مليون، وفي ذلك الاختبار الحقيقي لمقياس الأداء الوظيفي والمهني والإنساني لرجال الخارجية في القنصلية المصرية  أمام هذا العدد المهول الذي يمثل عدد عدة دول من دول الخليج.

وكما اعتاد قرائي أني لا أحبذ آن اكتب عن اشخاص، إلا عندما يكون الامر متعلق بقدرات فذة خارج الإطار التقليدي للمواصفات المطلوبة في الأداء المهني ، وما يسعدني في أداء رجال القنصلية في الرياض آن الأداء غير مرتبط بدور شخص بل اصبح ثقافة إدارة يعمل بها من يتواجد.

في الأمس القريب كان هنا القنصل العام السفير هاني صلاح الذي كان يحلو لي آن ألقبه بسفير الهوية المصرية، لما يمتلكه من ثقافة عميقة ورؤية دبلوماسية، تجعله قادر علي الإدارة والأداء بشكل يناسب ويوافق حجم مصر وهويتها ،وقد انتقل للعمل كسفير في احد الدول الآخرة.

وكان خير خلف لخير سالف الدكتور إيهاب عبد الحميد القنصل العام الذي استلم المهام منذ أشهر وصاحب الدعوة والأمسية الوطنية في منزله ليلة امس علي مأدبة عشاء، لمجموعة من رموز العمل الإعلامي والصحافة بحضور رجال القنصلية والعاملين فيها .

وكانت سعادتي بالغة بقدرات الرجل الفكرية والثقافية ولما يمتلكه من رؤية متسعة للإدارة الحديثة التي تتماشي مع ثقافة الثورة الرقمية، التي حولت كل قطاعات العمل في معظم دول العالم إلي إدارة الكترونية توفر الكثير من الجهد والوقت، وتفضي علي الثقافة البيروقراطية التي ما زالت تبتلع الملفات المصرية داخل الجهاز الإداري للحكومة المصرية .

فبجانب ثقافته الإدارية التي تعتمد علي معايير الحداثة، هناك التواضع والبساطة التي تجعله قريب من الجميع، فقد وضع خطة عمل من ضمن بنودها آن يقوم بحصر التخصصات المهنية للعاملين المصريين بالمملكة، والعمل علي تكوين مجموعة  تمثل كل تخصص، لمقابلتهم في جدول زمني محدد  علي فترات متقاربة، للاستماع إلي أطروحاتهم واقتراحاتهم، وتبادل الرأي في كل ما يخص احتياج ومشاكل شريحتهم، وفي الأخير العمل علي صياغة شاملة لإستراتيجية عمل تشمل كل ابناء الجالية المصرية، داخل بوتقة إدارة الكترونية تساعد علي الوصول إلي كل ابناء الجالية، ومن هنا أطالب السادة في وزارة الخارجية مساندة هذا الرجل في مقترحاته العملية، لكي تكون تجربة ناجحة يتم تعميمها علي كل القنصليات والسفارات المصرية بالخارج، مع ملاحظة آن ذلك الفكر يتم العمل به في جميع السفارات الأجنبية بكل دول العالم.

وذلك النهج هو الإدارة الكترونية الذي يعمل علي تطبيقها  معالي السفير القنصل العام الدكتور إيهاب عبد الحميد، ففي وقت وجيز طبق أهم بنود تلك الادراة  " إدارة الوقت والزمن " عن طريق تحديد مواعيد مسبقة داخل الموقع الالكتروني للسفارة ومواقع التواصل الاجتماعي بالساعة واليوم، وبالفعل تمت التجربة بنجاح منقطع النظير، وبذلك تم التغلب علي مشكلة كبيرة كانت تؤرق الجميع، وهو الزحام والتكدس الكبير الذي كان يصل بعشرات المئات يومياً، يتوافدون علي مقر القنصلية، وألان انتهت المشكلة  بنسبة كبيرة، ورغم ذلك هناك العمل الإنساني الكبير الذي يقوم به رجال القنصلية في الحالات الطارئة والخاصة، خارج وقت الدوام وأيام الأجازات.

وفي تلك السطور، وبضمير صادق أمين ووطني، لابد آن اكتب كلمات إجلال وتقدير واعتزاز لبعض الجنود المجهولين بالقنصلية، والذين يحملون علي عاتقهم كل تحركات وعمل القنصلية،  وهم الأستاذ احمد عبد العاطي والأستاذة أميرة موسي، مدراء مكتب القنصل العام، بالاصالة عن نفسي والإنابة عن الكثير من ابناء الجالية المصرية أرسل لهم رسالة تقدير وشكر ومحبة .

وما جعلني سعيد للغاية هي روح الفريق الواحد التي وجدها في رجال القنصلية المصرية، والتي رسخها معالي القنصل العام في تعاملاته مع أبناءه العاملين معه، الذين يتمتعون بالحيوية والشباب والحماس والثقافة المتنوعة، والأداء العالي الذي يعتمد علي  الرؤية المدروسة، وكان من ضمن الحضور من العاملين بالسفارة المستشار العمالي الدكتور محمد أبو السعود والقنصل سارة محمود والقنصل احمد يوسف والقنصل محمود النشرتي .

وقد تطرقنا في الحديث علي الكثير من الأطروحات والأفكار الغير تقليدية، التي تساهم في تطبيق كامل للإدارة الالكترونية في القنصلية المصرية، ولكن اصطدمت أطروحاتنا بقوانين الخارجية المصرية التي تحكم تحركات وعمل القنصلية وفي الغالب التي تحتاج إلي مخصصات مالية.

وللتغلب علي تلك الإشكالية فقد طرحنا الفكر التسويقي الخاص والذي يقوم برعاية بعض الانشطة والإعمال، ووجدنا أيضا آن ذلك يحتاج بعض التدابير والموافقات من الخارجية المصرية.

وفي تلك السطور رسالة إلي السيد وزير الخارجية سامح شكري، والسيد رئيس لجنة الخارجية بمجلس الشعب الدكتور محمد العرابي الرجل الوطني القدير الذي يتدخل لحل أي مشكلة ترسل إليه، فقد تقرر منذ وقت قريب الاستغناء تماماً عن الملحق الطبي في السفارة تحت أسباب عدم وجود مخصصات مالية، والسؤال هنا للسادة أصحاب الاختصاص ،هل تعلمون آن لدينا ما يقرب من 37 ألف طبيب في المملكة، وهل تعلمون آن قوانين المملكة في كثير من الأحيان تفرض علي بعض لتخصصات الطبية إخراج تصاريح طبية، وبعض الأوراق التي تسهل إجراءات عملهم، وهل تعلمون آن هؤلاء أصحاب الاحتياج لتلك التخصصات في كثير من الأوقات يلتجأون إلي الملحق الطبي بالقنصلية لمساعدتهم في حل مشاكلهم آن وجدت.

وهنا علامة التعجب كيف اتخذ هذا القرار ولماذا في وسط اكبر جالية تحتوي علي اكبر شريحة من الوافدين الذين يعملون في المجال الطبي في كل دول العالم، .فأرجو من السيد وزير الخارجية والسيد الدكتور محمد العرابي، إيجاد حل لتلك المشكلة لأنها هامة للغاية في دولة مثل السعودية .
وفي الأخير الشكر والتقدير للدكتور إيهاب