د. مينا ملاك عازر
لأنه عطل الدستور وأعلن الطوارئ يجب أن يعدم، هكذا رأت المحكمة في باكستان أن الرئيس الباكستاني الأسبق برويز مشرف يستحق الإعدام، حكمت عليه بالإعدام لأنه عطل الدستور وأعلن الطوارئ في البلاد لمدة خمس شهور تقريباً، بعدها اضطر للاستقالة من حكم البلاد بعد أن منُيِي الحزب الداعم له بفتور شعبي وشعور بأنه فاشل، وهنا تكمن المأساة برويز مشرف يغتال الديمقراطية بحسب رؤية القضاء الذي اضطهده أثناء حكمه، نعم مشرف اضطهد القضاء، وضيق هو عليهم، واحتمى بكونه عسكرياً، العلاقة بين العسكرين والقضاة في باكستان سيئة لأبعد الحدود، وطالما العسكريون هناك ضيقوا عليه، لم يكن هناك من يتوقع أن ينطق القضاء الباكستاني بإعدام برويز مشرف خاصة وأنه عسكري يحظى بحماية مدى حياته.

مشرف سجل فيديو من سرير مستشفاه في دبي، حيث يقيم، يرفض فيه الحكم، ويعلن استيائه منه، ويقول أنه خدم البلد خدمات جليلة وعظيمة، وفي هذا هو محق، لكن برغم كل الخدمات التي قام بها كما يقول الزعيم الباكستاني المستقيل، إلا أن القضاء رأى أنه يستحق الإعدام وحكم عليه بهذا لمجرد أنه أعلن أحكام الطوارئ في البلاد لمدة خمس أشهر بل أنه عطل الدستور ليضمن بقاءه فترة، وليفسد الحياة الديمقراطية بحسب رؤية المحكمة.

مشرف قام بأعمال جليلة مثله مثل باقي الديكتاتوريين في العالم الذين ظنوا أن في وجودهم خير لبلادهم ولدولهم ولشعوبهم، وعملوا كل ما هو منافي للقانون، وهدم الدستور كي ما يبقوا على كرسي الحكم أطول فترة ممكنة، بل ربما إلى أن يرث الله الأرض وما عليها أو هم الذين يلقونه، كل ديكتاتوريين  العالم يظنون أنهم الأفضل لبلادهم مهما خربوا في الضمائر وأفسدوا في الذوق العام، ومهما أفسدوا الحياة السياسية وهدموا المؤسسات وهدوا البنية القانونية والدستورية، وشوهوا القضاء حينها وحينها فقط يثور شعبهم، وينسى لهم ما قد يكونوا حقاً فعلوه خدمة للبلاد، وكل هذا ينساه الشعب في سبيل شعوره بأنه مقيد ومحبط وحياته السياسية والديمقراطية في خطر أو هي نالها الضرر بالفعل.

مشرف شأنه شأن كل الديكتاتوريين الذين مهما طال بهم الزمن يقعوا أمام مقصلة القضاء العادل، ويحاكموا، صحيح هم يرون في ذلك افتراء عليهم، وافتراء على تاريخهم المجيد المليء بالخدمات الجليلة كما قال هو بنفسه، لكن العدل لا يرى الخدمات، لكنه يرى الفساد، لا يقيم شخص لو كان فعل كل شيء، لكن لا يغفر له جريمة واحدة كبرت أو صغرت، فما بالنا بجريمة تخريب الحياة السياسية لينتفع هو ومن معه.

المختصر المفيد الي كل ديكتاتور اتقي الله في وطنك.