د. ميا ملاك عازر 
 
هناك أحداث في التاريخ يمكن قسمة الزمن عندها ما قبلها وما بعدها، ومنها ميلاد السيد المسيح وسقوط القسطنطينية واختراع الطباعة والحربين العالميتين وعد بلفور وأحداث أكثر وأكثر، وربما أحدثها وليس آخرها، مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني ومهندس الحروب بالوكالة في المنطقة، والذي أبقى على النظام السوري وبعث أمل الحوثيين في القتال باليمن، ومخطط عمليات تفجير معامل البترول بالمملكة العربية السعودية، وقامع الشعب الإيراني في ثوراته التي كادت أن تهدد النظام القائم غير مرة.
 
وبرغم التكهنات الكثيرة التي تحيط مقتل سليماني من تورط المخابرات التركية وتسليم أردوغان له مقابل أن تتركه أمريكا يعيس في ليبيا فساداً، على أساس أن أمريكا هي الوحيدة التي بيدها مقاليد الأمور بليبيا وليس لليبيين شأن في حياتهم، وقدرة على صد عدوانه، ولا حتى لدول المنطقة القدرة على التدخل وردعه، إذا ما تطلب الأمر الزود عن بلد عربي شقيق، بالمناسبة مصر لم تستنفر حين حدث التدخل التركي في شمال سوريا لأنها أولا لا تمس حدودها المباشرة، كما أن لسوريا نظام يحكمها تدعمه مصر وروسيا، وللأكراد المستهدفين من أردوغان علاقات جيدة بأمريكا، فكنا على ثقة أنه لن يتركوها فريسة سهلة، وهو ما حدث، ولم يتمكن أردوغان من صيد فريسته ولا بسط نفوذه على أرض سوريا، وهو ما سيحدث -بإذن الله- في ليبيا بشعب ليبيا وجيشها ودعم مصري عربي إن لزم.
 
نعود لسليماني ومقتله، أي متابع وعارف لقيمة القتيل الإيراني، من كانوا معه يدرك تماماً أنه لا محال سيأتي رد إيراني على تلك العملية النوعية، ربما يكون المستهدف قادة وعرب حلفاء لأمريكا أو جيوش عربية موالية لها أو قواعد أمريكية بالمنطقة وهم بالمناسبة كثر، ربما يوجد بالعراق وقطر والكويت وسوريا وتركيان ناهيك عن الصيد الثمين الذي سيصفق له إذا ما ناله أذى من إيران، الكثير من رجالات وشعوب المنطقة الحاظي بأكثر قدر ممكن من الكراهية وهي دولة إسرائيل، ناهيك عن السفارات والمدنيين الأمريكيين ودعني أذكرك أن أمريكا ذاقت الويل في هذا الصدد الأخير بسفارتها في ليبيا بمقتل سفيرها هناك بقصف صاروخي.
 
ربما أيضا يكون الرد الإيراني منصب على معامل وحقول النفط بالخليج، ما يسبب كارثة عالمية بارتفاع مفاجئ يهز البورصات العالمية، وهو ما حدث فعلاً قبل حدوثه، فقلق المستثمرون جعلهم يهوون ببورصات بلادهم والبلاد الأخرى لمستويات متدنية بسبب حركة البيع المتزايدة والقلقة من الرد الإيراني المتوقع، أسعار النفط إذا ما ارتفعت بجنون سيصب في مصلحة السعودية شكلاً اللهم إلا إذا كان الرد الإيراني يصيب السعودية نفسها، الأهم أن الأخيرة والتي كان متوقع أن تكون أكبر بلد سياحي بعد ما شهدته من موسم الرياض وخلافه وفاعلياته ستشهد إحجام سياحي كبير اللهم إلا إذا استثنينا ما تحتكره السعودية بفعل موقعها وهو السياحة الدينية.
 
انتظرونا المقال القادم نحلل باقي احتمالات الرد الإيراني وتبعاته إن لم يكن قد وقع.
 
المختصر المفيد برميل البارود اشتعل.