د. مينا ملاك عازر
بينما كلنا مشغولين بالحرب التي يعد لها السلطان أردوغان على مصر من الغرب، حتى أنه تحرك نحو تونس ليمد ويبسط نفوذه بالاتفاق مع حركة النهضة التونسية على أقصى ما يمكن الوصول له من بحيرته الخاصة التي حلم بها وهي البحر المتوسط، وسط غياب أوروبي وسكوت في انتظار ما يمنه به عليهم من منع تدفقات اللاجئين عليهم، ورغبة جامحة منهم أن يعرفوا حلاً يرضيه ويجعله يكف عن ابتزازهم، كلنا مشغولين بهذه التحركات التركية نحو حكومة ليبيا قل نحو فايز السراج ونحو تونس، بينما هناك جبهة حرب أخرى مستعرة دبلوماسياً حول سد النهضة تخوضها مصر مع إثيوبيا التي لها جميلة كبيرة على السودان، باستتباب الأمر هناك، وحضور رئيس الوزراء الأثيوبي توقيع اتفاقية التفاهم بين المجلس العسكري والقوة المدنية السودانية، فيما يعد أول انتصار لثورة عربية حقيقي، ربما لا يستمر النصر هذا طويلاً لكنه إلى الآن نصر، الأهم أن أثيوبيا تدعي أن وزيرنا قال أنه يكفينا أربعين مليار متر مكعب فقط من المياه القادمة، وهذا في حقيقته غير صحيح، ويكشف عن نوايا سيئة من أثيوبيا حيالنا ومقلقة بل مفزعة لو كان هذا ما يرضي أثيوبيا وتخطط له وتطمح له.
 
ثمة جبهة أخرى تخوض مصر الحرب فيها، وهي تلك المحاولات الحثيثة للم الشمل الخليجي على حساب مصر والمصريين، ربما كاد يحدث تقارب سعودي قطري تاجرت به الدوحة  محاولة منها لشق صف الدول الأربع المقاطعة السياسات القطرية، لكن وإن كان الفشل ما آل إليه الوضع والمحاولات القطرية لكن ما لا شك فيه ولا ريب فيه، أن مصر تقاتل لا تبقي الفجوة قائمة بل لتمنع الصدع الرباعي، ذلك الصدع الذي تحاوله الدوحة ومن ورائها تركيا أيضاً.
 
الأهم من هذا كله ومرة أخرى، نجد غزة جبهة مستعرة ومتأججة بفعل صبياني يطلق قذيفة صاروخية نحو إسرائيل فيتفجر الوضع، وتجد مصر نفسها متورطة في الدفاع عن إرهابيين يقاتلونها ويدعمون إرهابيون على ارضها، هذا كله لماذا؟ لسبب بسيط وهو أن الأنباء المتواترة تقول أنه قرب ضخ الغاز الإسرائيلي لمصر لتسييله وتجهيزه للتصدير لأوروبا ما يهدم المشروع الأردوغاني السلطاني، ودعني أخبرك بأن إذا مدت إسرائيل واليونان وقبرص أنابيبها لتصل لإيطاليا بالغاز ستمر في المياه الاقتصادية الليبية التركية المزعومة، ما يعني أنه لم يوجد سوى منفذ مصر هذا لو أحسنت مصر استثماره والضغط وحشد القوة العالمية حولها لتنهي حلم أردوغان في ليبيا وغازها وثرواتها وتستأثر بتسييل الغاز القبرصي واليوناني والإسرائيلي لتحتكر تصديره لأوروبا.
المختصر المفيد النصر لنا.