د. مينا ملاك عازر 
أعترف أنني من هؤلاء الذين ملأتهم الثقة، وتوقعت بأنفراجة في مسألة سد النهضة، لا لقسم آبا أحمد رئيس وزراء أثيوبيا بأنه لن يمس مصر بسد النهضة، فهذه مسألة يمكنه أنه يعتبر نفسه كان مضغوط عليه من الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكن كان سر تفاؤلي أن الرئيس السيسي يقف من وراء الخطوات المتبعة للتفاهم مع إثيوبيا، ولأن البشير زال من السودان، وربما يتقارب السودان معنا برغم أن الأخيرة كان يشوبها شائبة التقارب الإثيوبي السوداني الذي رأيناه، لا في نجاح أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي في إيجاد قاعدة تفاهم بين الثوار والمجلس العسكري السوداني، وشهادته على التوقيع على اتفاقية التفاهم السياسي المشترك ما بينهما في وسط غياب مصري بل دعني أكون صريح بأن أقول وسط كره شعبي سوداني لمصر والهتاف ضدها للأسف.
 
لم أزل متفائل وشاعر بالأمل بالرغم من أني أستشعر أيضاً استباقي الأحداث بسبب التوقف والتعنت الذي أبدته إثيوبيا، بل والتقارب السوداني منها، الذي حتى لم يتخذ موقف الحياد، أو يرى رؤية عادلة، مؤسف هذا بالطبع لا شك، لكن وجود وساطة خارجية متمثلة في الوفد الأمريكي يعطينا نسمة أمل بأن الأمور قد تسير في مسار عالمي وتدويل القضية بالرغم من أن الوقت ليس في صالحنا لكن من المؤكد أن الأمل موجود وعلاقات مصر الخارجية ربما تنجحنا في اتخاذ موقف صارم يضغط على إثيوبيا ولا تصبح أثيوبيا محبس يهدد حياتنا، ويجعلنا تحت ضغط هائل من قوة خارجية قد تكون لها علاقات جيدة بإثيوبيا وعلاقات سيئة بنا.
 
دعني أشير بوضوح وبشكل قاطع إلى كون إثيوبيا دولة أفريقية تقبل عرض من جنوب أفريقيا الرئيس القادم للاتحاد الأفريقي خلف لمصر الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، يعني لي الكثير خاصة في ظل حالة التقارب التي بدت تلوح في الآفاق بين مصر وجنوب أفريقيا، بعد حالة التنافر التي جعلت الرئيس السيسي يوما ما يعزف عن الذهاب والسفر لجنوب أفريقيا، الآن رأينا الرئيس الجنوب أفريقي يحضر لمصر ويلتقيه الرئيس السيسي، وهو ما قد يوحي باحتمال وساط عادلة من داخل القارة الأفريقية تجعل الأمور تستتب وتجعل أثيوبيا اقل تعنت وإصرار على إيذاء مصر. ومن ثمة، فنحن بصدد -وبإذن الله- نجاح في المباحثات هذا دون أي استباق مني للأحداث، بل هو مجرد تفاؤل مشوب بالحظر والحيطة، وربما بالقلق المزعج.
 
المختصر المفيد دعونا نلجأ لرجال القانون الدولي ليستعدوا للحفاظ على حقوقنا المائية؟