د. مينا ملاك عازر
كتبت هنا متمنياً أن يسرع المشير حفتر في اتخاذ ردة فعل حربية محمودة حيال العاصمة الليبية لتعود للجسد الليبي، وها هو فعل، وأعلنها معركة حاسمة
، عملية كاملة لتطهير قلب العاصمة الليبية واستردادها، وإعادتها عضواً فاعلاً وفعالاً في جثة ليبيا التي قد تحيا متى توحدت، كما فعلت إيزيس في أوزوريس بحسب الأسطورة المصرية القديمة، ربما حينها لا يجد أردوغان تكأته لاصطدامه بمصر كمنافسة في وجهة نظره شرعية على مصادر طبيعية من موارد الطاقة بشرق البحر المتوسط. 
 
انتبهوا يا سادة أن أهم تصريحات أردوغان كانت أن مصر وقبرص وإسرائيل واليونان لا يستطيعوا التنقيب عن النفط أو الغاز "الطاقة" في المتوسط إلا بإذنه، فهو يتعامل بمقتضى اتفاقية ترسيم الحدود مع السراج رئيس حكومة ما يعرف بحكومة الوفاق الليبي المعترف بها من الأمم المتحدة، وكأن البحر المتوسط بحره قل بحيرة تركية على غرار نفس ما كانت تتعامل به الدولة الرومانية في أوجها مع البحر المتوسط على أنه بحر مغلق لها، وكانوا يسمونه بحرنا، فهل استحال البحر المتوسط لبحرهم أي الأتراك العثمانيين الجدد.
 
ما هو موقف الجزائر بقيادتها القديمة الجديدة الخارج من عباءة بوتفليقة، وهي التي ومصر يوما فرطتا في الحق الليبي في الاستقرار بداعي رفض التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى وخاصة دول الجوار، ليبيا على المحك الآن يجب الجميع يغير من وضعه ويعدل منه ويستعد لصدام مروع، فالمسألة بالنسبة لأردوغان حياة أو موت بعد الخسائر الكبرى التي منيا بها في انتخابات البلديات التركية وخاصة اسطنبول، وبعد انشقاق رجال حزبه القدامى عليه وتشكيلهم حزب معارض منافس له ربما بالاتفاق معه على أن يأكلوا أنفسهم قبل أن يأكلهم آخرين بحسب المبدأ الاقتصادي المتعارف عليه سوقيا، أو لا توجد اتفاقات بينهم، المهم أنهم أصبحوا منافسين له -للسلطان الجديد- ما يهدد بقاءه بشكل أو بآخر وهنا تكمن الأزمة أن أردوغان بحاجة بعد فشله في شمال سوريا ووقوف الروس والأمريكان   ضده والعالم كله، عليه أن يحقق نجاح علي الصعيد الخارجي بعد سلسلة من الإخفاقات الاقتصادية لاحقته محلياً يحتاج على إثرها أن يرفع رأسه أمام شعبه، فالمعركة الليبية حياة أو موت بالنسبة له، لذا الوضع خطير لأبعد الحدود، وعلينا أن  تفهم هذا، ونستعد له.
 
التفهم غير كافي لاستعداد وإظهار الأنياب الحربية بحرياً بالذات، مهم لأبعد الحدود، وعلينا أن نفهم أن القوة التركية لا يستهان بها، فبرغم الإخفاقات الاقتصادية إلا أن اقتصاده يعد أقوى من اقتصادنا للأسف لأمور لا مجال لشرحها، وتقليب المواجع يعني أنه له ظهر قوي يتكأ عليه، صحيح أن خلفنا منابع البترول، وتؤمن إمدادنا بالطاقة بخلافه تماماً، لكن المهم أن إيطاليا وفرنسا وقفتا عاجزتان أمامه وأمام منعه لمعدات شركات تحمل جنسيتهما من التنقيب في المياه الاقليمية اليونانية، ولم تحرك الدولتان ساكناً، ولم تستطع أمريكا فعل شيء معه أو قل ابتلعوها لمصالح لديهم، المهم أن تركيا قوة لا يستهان بها، والنزال معها ليس سهلاً.
 
المختصر المفيد ليبيا مفتاح المنطقة، وعلينا أن نحكم قبضتنا عليها، لمصلحتنا ولمصلحة شعبها.