في مثل هذا اليوم 13 يناير1924م..
فى 12 يناير عام 1924، فى عهد الملك فؤاد الأول، حدثت انتخابات نيابية نزيهة، جاءت بعد ثورة 1919، حيث أصدرت بريطانيا تصريح 28 فبراير، الذى كان يعطى استقلالًا نسبيا لمصر، كما صدر دستور 1923، أول دستور يُفعل فى تاريخ مصر الحديثة، وكان ينص على إقامة حياة نيابية فى مصر يشارك الشعب فى حكم البلاد من خلال مجلس نيابى يختار الشعب أعضاءه، ويشكل الحزب الذى يحظى بأغلبية برلمانية الحكومة.

لكن دستور 1923 أعطى الملك الحق فى حل البرلمان وإقالة الوزارة، مما مكن الملك، صاحب السلطة التنفيذية، من التحكم فى السلطة التشريعية مجلس النواب "البرلمان".

وفى 23 يوليو 1923 ألغيت الأحكام العرفية، وخاض حزب الوفد، برئاسة سعد زغلول الانتخابات فى يناير 1924، وجاءت النتيجة بفوز ساحق للوفد وحصل أعضاؤه على غالبية مقاعد البرلمان وحصل الوفد على الأغلبية من مقاعد مجلس النواب بـ195 مقعدا، بينما نجح عدد قليل من حزب الأحرار الدستوريين برئاسة عبد الخالق ثروت.

وكان عدد أعضاء مجلس النواب 264 عضوا منتخبين، أما مجلس الشيوخ فعدد أعضائه 147 عضوا منهم 28 عضوا بالتعيين، والباقى بالانتخاب، وتم افتتاح البرلمان فى 15 مارس 1924.

وجاء دور سعد زغلول، لتشكيل الحكومة برئاسته، فكان أول مصرى من أصول ريفية يتولى هذا المنصب وسميت وزارته بوزارة الشعب، ولم يكن مقبولًا لدى الملك فؤاد أن يرضخ للدستور، ويتنازل عن صلاحياته لصالح النظام الديمقراطى.

لكن الملك اضطر لقبول من جاءت بهم الانتخابات البرلمانية، وظل يتحين اللحظة للانقضاض على تلك الانتخابات، وقام بحل برلمان 1924 فى 24 ديسمبر وكلف زيوار باشا برئاسة الوزارة.

شكل سعد زغلول وزارة برئاسته فكان أول مصري من أصول ريفية يتولى هذا المنصب و سميت وزارته بوزارة الشعب.

عرض سعد باشا برنامج وزارته و كان يهدف إلي التخلص من التحفظات الأربعة في تصريح 28 فبراير التي كانت تعوق الاستقلال التام لمصر، فطرح سعد زغلول مطالب وزارته و هي:

الاستقلال التام بجلاء القوات الإنجليزية عن البلاد .
قيام مصر بمسؤلياتها في حماية قناة السويس .
حرية الحكومة المصرية في وضع سياستها الخارجية .
الحكومة المصرية هي التي تتولي شئون الأقليات و الأجانب .
و لكن الحكومة البريطانية رفضت هذه المطالب و ناصبت وزارة سعد العداء.

و جاءتها الفرصة عندما قام أحد المصريين بدافع الوطنية باغتيال سردار الجيش المصري في السودان سير لي ستاك وهو في القاهرة ، فاستغلت الحكومة البريطانية هذا الحادث و وجه لورد اللنبي إنذاراً لوزارة سعد زغلول يطالب فيه:

أن تقدم الحكومة المصرية اعتذاراً عن هذه الجريمة
أن تقدم مرتكبي هذه الجريمة و المحرضين عليها للمحاكمة و العقاب
أن تقدم تعويضاً مقداره نصف مليون جنيه استرليني للحكومة البريطانية
أن تسحب القوات المصرية من السودان
أن تقوم بزيادة مساحة الأراضي المزروعة قطناً في السودان
كان الإنجليز يهدفون من هذا الإنذار إبعاد مصر عن السودان لتنفرد به بريطانيا ووضع السودان و مصر في تنافس اقتصادي حول محصول القطن و ظهور إنجلترا بمظهر المدافع عن مصالح السودان إزاء مصر.

وافق سعد زغلول علي النقاط الثلاثة الأولي و رفض الرابعة. فقامت القوات الإنجليزية بإجلاء وحدات الجيش المصري بالقوة من السودان، فتقدم سعد زغلول باستقالته.

بعد استقالة سعد زغلول، قام الملك فؤاد بتكليف أحمد زيور باشا برئاسة الوزارة كما قام بحل البرلمان. و لكن نواب البرلمان اجتمعوا خارج البرلمان و قرروا التمسك بسعد زغلول في رئاسة الوزراء. فقامت الحكومة البريطانية بإرسال قطع بحرية عسكرية قبالة شواطئ الإسكندرية في مظاهرة تهديدية، لذلك قرر سعد زغلول التخلي عن فكرة رئاسة الوزراء حتي لا يعرض مصر لنكبة أخرى مثل ما حدث عام 1882م.

و للأسف لجأ الملك إلي تزوير الانتخابات المتتالية ليمنع وصول الوفد إلي السلطة، فنجح في كثير من الأحيان و قليلا ما فشل. كما ضغط المندوب السامي البريطاني في انتخابات كثيرة لإسقاط مرشحي الإخوان المسلمين في دائرة الإسماعيلية و غيرها.!!