عماد الدين أديب
على مقهى فى عاصمة خليجية، زارنى مجموعة من الشباب والشابات ما بين العشرين والخامسة والعشرين، تخرجوا قريباً فى الجامعة وفى بداية حياتهم العملية.

سألونى إذا كان لدىَّ بعض الوقت للإجابة عن بعض أسئلة الساعة، فوعدتهم خيراً قائلاً: «تحت أمركم إذا كانت عندى إجابات تفيدكم».

ودار الحوار على النحو التالى:

شابة: ماذا يحدث فى المنطقة بالضبط يا أستاذ.. هل نحن على حافة حروب إقليمية فى البحرين الأحمر والأبيض؟

العبد لله: نحن للأسف الحلقة الأضعف فى صراعات العالم، لذلك اختار العالم أن يمارس صراعاته وتجربة أسلحته الحديثة على ساحة بلادنا، وبدماء شعوبنا، وبأموال خزائننا!

شاب: ومَن يدفع فاتورة كل هذا الجنون؟

العبد لله: فى حالة التوتر الإيرانى فى المنطقة يدفع الشعب الصبور تكاليف تلك المغامرات العسكرية فى المنطقة، أما فى شرق البحر المتوسط، فإن قطر هى التى تمول المشروعات التركية.

شاب «مقاطعاً»: هل لديك دليل على أن قطر تموِّل المشروع العسكرى التركى؟

العبد لله: لا تصدقنى، اعتبرنى كاذباً أو منحازاً، ولكن عليك أن تصدق وزير الدفاع التركى الذى خرج فى مؤتمر صحفى علنى، وأعلن رسمياً شكره وشكر بلاده لدولة قطر التى قامت بالتمويل الكامل لعملية شرق الفرات فى سوريا!

شابة: وهل هذا ينطبق على تمويل عملية ليبيا؟

العبد لله: لا تصدقونى، لكن صدقوا البيان المشترك الصادر فى الدوحة، عقب زيارة أردوغان الأخيرة لقطر، التى سبقت طلبه من البرلمان إرسال قوات وعتاد لليبيا.

شاب: ولكن لماذا تختار بعض القوى الإقليمية أن تدفع التكاليف الباهظة لمشروعات الكبار من أرزاق وحقوق شعوبها المتضررة من هذا الجنون؟

العبد لله: انظروا إلى اللافتات المرفوعة فى التظاهرات الأخيرة فى إيران وسوف تعرفون الإجابة.

شابة: ماذا تقول هذه اللافتات؟

العبد لله: يقول المتظاهرون والمتظاهرات: «لا سوريا ولا لبنان.. أنا بلدى إيران».

لا أحد يريد تمويل مشروعات خارجية ومغامرات توسّع فى النفوذ.

شاب: أنت لم تجِبنى بعد، ما هى الفائدة التى تعود على تركيا أو قطر أو إيران من أى مشروع عسكرى إقليمى؟

العبد لله: هذه دول لا ترضى بحجمها أو دورها الحالى، أو لديها مخاوف أو عمليات ثأر مع قوى أخرى فى المنطقة، لذلك تسعى إلى التمدد لصالحها، وإضعاف مَن تعتقد أنهم أعداؤها.

الشاب: وما هى نهاية هذا الجنون؟

العبد لله: إضعاف ذاتى لقدرات العرب والمسلمين، زيادة فى مبيعات السلاح للكبار، فوضى فى كل مكان، استنزاف موارد الدول، وأخيراً إسقاط مشروع الدولة الوطنية لإقامة دويلات طائفية وقومية ضعيفة.

انتهى الحوار، وغادر الجميع المقهى فى حزن وصمت.
نقلا عن الوطن