د. مينا ملاك عازر
لم يعد أمام الدولة المصرية حلاً عملياً ونهائياً لأزمة ليبيا سوى الانتصار لحفتر والوقوف الصريح والواضح بجواره، قد يتنافى هذا مع أبسط قواعد الدبلوماسية والسياسة التي يجب أن تتحلى بها مصر في المواقف الصعبة، بيد أن التلاحم والتكاتف والتعاون الذي جرى بمقتضى اتفاقية ترسيم الحدود بين تركيا وفايز السراج رئيس حكومة ما يعرف بحكومة الوفاق المعترف بها من منظمة الأمم المتحدة، يقلق الجميع من الوصول لحالة الحرب بل ربما هي الحرب، إذا ما شدد المشير خليفة حفتر من قبضته وقرر الحسم والهجوم وتطهير طرابلس، اعتقد أنني وإن كنت أرى هذا، فأنا في نفس الوقت أرى ضرورة الإسراع به قبلما تجهز تركيا نفسها وتكون مستعدة لاحتمال كهذا أو وهو الأسوأ أن تكون هي البادئة بعمل هجومي وقائي عدائي ضد الجيش الليبي الوطني.
 
يجب أن تدعم مصر حفتر دبلوماسياً وعسكرياً وتدفع الروس لمؤازرته أكثر وأكثر، وتعطيه المظلة الدولية باستغلالها موقفها وموقعها في الاتحاد الإفريقي والمحافل الدولية لتزيد من فرص التخلص من القفزة التركية المحتملة للسواحل الليبية، وتشديد أيدي المتطرفين والإرهابيين الكارهين لمصر، ما يعين عودة تهديدنا المباشر بمليشيات إرهابية قادرة على تخطي الصحراء الليبية شرقاً نحونا، والمهم أكثر أن نبقي بذلك على منطقة شرق البحر المتوسط هادئة دون استعار حروب بها، مما يؤدي لتوقف علميات التنقيب واستخراج الغاز والبترول منها، ما قد يسفر عن خراب اقتصادي محدق بنا، ونحن نرتكز على الكشوفات الغازية والمزيد من حقوق التنقيب للشركات العالمية، الأمر جد خطير ومنذر بحرب لو لم نسرع في تنفيذ ضربة تكبدهم أكبر خسائر وتفقدهم مركز حلفائهم الاستراتيجي الذي بمقتضاه يجدون الذريعة ليقفزوا لقلب ليبيا ولسواحل مصر فتتحول المنطقة لمنطقة صراع وقلاقل وربما لحروب.
 
أعتقد أن حل الأزمة يكمن في أيدي الروس الذين يساندون حفتر عسكرياً، ربما لن يكونوا قابلين بأي هزيمة له، كما أنهم لو أثرنا شبقهم بامتيازات تنقيب عن الغاز في السواحل الليبية وبالداخل الليبي ربما تزيد من فرص جذبهم لجانب مصر والمشير حفتر والوقوف أمام أردوغان الذي والآن بالذات أصبح يهابهم أكثر من الأمريكيين، ويخشاهم ويطيعهم بعد أن أصبح لا حليف صادق له سواهم، ومعين خاصة بعد ما فعلوه فيه في حادثة إسقاطه لقاذفتهم واغتيالهم للسفير الروسي في اسطنبول، هنا يا سادة نعود لأهمية علاقاتنا بالجانب الروسي الذي بيده الكثير من أوراق اللعبة بعد الضربات المتلاحقة التي تصيب ترامب تجعله مترنح غير قوي القبضة على ذمام الأمور.
 
المختصر المفيد اللعب مع الأتراك يحتاج لحسم روسي، وهو ما تفهمه الدول الأوروبية جيداً، وتعيه الكثير من الدول الأعضاء بحلف شمال الناتو، وعلينا إذن نستوعب هذا، واستغلاله لكفه عن ابتزازنا بتلقينه صفعة قوية بيدنا أو بيد الروس لمصلحتنا.