بقلم :زهير دعيم

كان الجوُّ صافيًا والطقس جميلا ، حين سمحت اللبؤة لشبلها الصغير أن يلعبَ على العشب الأخضر بجانب العرين.
ولكن سرعان ما دخل الشّبلُ راكضًا نحو أمّه خائفًا، فاحتضنته وقبّلته قائلة : ماذا وراءك يا بُني ؟
خرجت اللبؤة مع شبلها الى الخارج ، فأشار الشّبل الى غزالة ترعى العشب على مقربة من العرين، فابتسمت الأمّ قائلة: غزالة ؟!! أمِن غزالة تخاف يا ولدي ؟ ألستَ تعلم أنك ملك وابن ملك ، والملوك لا يخافون ، بل الكلّ يخاف منهم ويخشى بأسهم ؟.
وانتبهت اللبؤة الى أنّ شبلها بالأمس أيضًا وفي مثل هذا الوقت تقريبًا دخل العرين خائفًا....
إذًا شبلنا ووليّ عهدنا يخاف من الغزالة، قالت اللبؤة ، ثمّ سألت نفسها ماذا عليها ان تفعل ..هل تذهب الى الغزالة وتفترسها أمامه حتى يطمئن ؟ ...ولكن الغابة مملوءة بالغزلان وما اظنّ انّ هذا هو الحلّ الأمثل !!
وعندما عاد الأسد الى عرينه ، وجد اللبؤة مهمومةً مغتمّة ، في حين كان الشّبل نائمًا، فاستفسر عن الأمر ، فأخبرته اللبؤة عن شبلهما الجبان..

نعم شبلنا جبان !!! قالت بمرارة ، شبلنا ووليّ عهدنا يا زوجي الغالي جبان يخاف من الغزالة.
فضحك الاسد وقال : إنّه هو كان كذلك حين كان صغيرًا كما اخبرته أمّه ، أمّا اليوم فأنت ترين شجاعتي وبأسي ، فزئيري يُرعب الشجر والحجر وكل حيوانات الغابة.
ضحكت اللبؤة وقالت : إذن لم يسقط ابننا بعيدًا عن الشجرة، ولكن دعنا الآن من الماضي ، فالزمن قد تغيّر وما عادت عادات الامس تنفع اليوم.. علينا ان نجد حلًّا.
اقترح الاسد ان يأخذ الشبل الى الثعلب ؛ الطبيب المشهور والسّاكن في المغارة القريبة.
لم تُعجب اللبؤة الفكرة ، فهي لا ترتاح الى الثعالب ومكرهم.
ثمّ قالت : " دع الأمر لي ، فأنا كفيلة بتربيته التربية الملوكية الحقيقيّة".

وفي الغد وفي الوقت المُعيّن ، ألزمت اللبؤة شبلها أن يلعب خارج العرين ويعترض سبيل الغزالة إن مرّت من امامه، وإلا فستحرمه من الطعام وسينام ليلته في العراء.
خرج الشّبل متردّدًا منقبض الصدر ، وأخذ ينظر الى البعيد ، وما هي الا لحظات حتى شاهد الغزالة قادمة نحوه وهي تسير الهوينا ، ويسير بجانبها غزال صغير .
اقتربت الغزالة من الشبل فحيته وابتسمت له ، فاطمأن قلبه ، وزادت الطمأنينة حين اقترب الغزال الصغير منه ودعاه الى مرافقتهما الى الحقل القريب.
اجاب الشبل الصغير : دعني أستأذن امّي .
وزأر بصوته الناعم : أمّي ...أمّي... أتسمحين لي ان ارافق صديقي الغزال الصغير الى الحقل القريب.
ابتسمت الام ابتسامة خفيفة وقالت : ليكن لك ما تريد...ثمّ تمتمت ضاحكةً: أرسلتك لتعترض طريق الغزالة لا أن تصادقها!!!
وصل الثلاثة الى الحقل القريب ، وأخذت الغزالة الأمّ تجمع العشب الاخضر ، في حين راح الشبل والغزال الصغير يلعبان ويتدحرجان على الاعشاب والأزهار.

كانت اللبؤة تراقب الوضع من بعيد ، وفجأة رأت الذئب يقترب من الحقل ويهجم على الغزال الصّغير ، فاضطربت وهمّت باللحاق به، ولكنها توقفت فجأة حين رأت شبلها المحبوب يهجم على الذئب بشجاعة ، ويطارده ببسالة والذئب يهرب خائفًا.
صفّقت اللبؤة لشبلها من بعيد ، وزغردت زغرودة اهتزت من وقعها الغابة كلّها ، ثمّ دخلت الى العرين لتعدّ لشبلها الشجاع الطعام الشهيّ الذي يحبّه.
بعد لحظات عاد الشّبل الى العرين رافع الرأس ، ثمّ وقف على الباب زائرًا : لقد عاد ابن الملك فهل الطعام جاهز؟ .
فعانقته امّه بحرارة وهي تقول : مولاي ..مولاي ..الطعام جاهز!!!