لافت ارتفاع منسوب الفرحة بعيد الميلاد المجيد بين المسلمين العاديين، البعض يكتشف غبطة عيد الميلاد من جديد، ويُشيِّر التهانى والتبريكات، ويتواصل حميميًا مع الأصدقاء، ويشاهد مغتبطًا القداس، مُهلِّلًا لمعايدة الرئيس.

 
أحسنت إذاعة القرآن الكريم أن بَثّت ترتيلًا وتجويدًا وتكرارًا: «والسلام علىَّ يومَ وُلدت ويومَ أموت ويومً أُبعث حيًا» (سورة مريم)، وتنافست القنوات العامة والخاصة على نقل القداس بألوانه البهيجة على الهواء مباشرة، وأصدرت دار الإفتاء تهنئة خاصة، وخرج من مشيخة الأزهر عدد خاص من «صوت الأزهر» عن ميلاد المسيح عليه السلام.
 
توارت فتاوى الكراهية، وغُيِّبت وجوه التكفير، وتواصى المسلمون بتهنئة إخوتهم، تدلك إحصاءات شركات الاتصالات على زخم المعايدات على الهواتف، وتلوّن «الفيس وتويتر» مصريًا بصور رائعة من محبة المصريين، «لايكات» وتعليقات و«تشييرات»، فعلًا «الليلة ليلة عيد»، كما تغَنّت جارة القمر «فيروز».
 
يجعل أيامنا كلها أعياد، إجازة الميلاد كانت قبلًا عنوانًا وحيدًا لحلول عيد الميلاد، تنوعت العناوين، الرسائل تصل تباعًا، تجمع الأحباب فى القداس، زيادة ملحوظة فى حضور المسلمين القداسات فى مختلف الكنائس على اختلاف الطوائف المسيحية، «الليلة عيد.. ع الدنيا سعيد»، كما تغَنّت كوكب الشرق «أم كلثوم».
 
الإمساك بهذه اللحظة مهم وضرورى، ووصية الرئيس فى القداس «أَحِبّوا بعضكم» تعنى الكثير، المحبة عنوان المسيحية العريض، وصية السيد المسيح على الجبل، المحبة طبع المصريين، وعلى طريقة طيب الذكر «محمد عبدالمطلب»: «يا اهل المحبة ادُّونى حبة»، وقرّب حبة تزيد محبة، والقرب دفا، والدفا عافية، وعافية هذا الشعب وقوته فى المحبة.
 
المحبة لا تُباع ولا تُشترى، ما وقر فى القلب، والقلوب المُحِبّة التى أحاطت القداس لفّت الوطن تحميه من خطر الكراهية، مَن يرَ نهر المحبة يجرى فى أرض مصر رقراقًا يروى المُحِبّين فليطمئن، المصريون جُبلوا على المحبة، وُلدوا فى أرض السلام، ولا يبغون سوى إعمار الأرض.
 
هزيمة خطاب الكراهية فى عيد ميلاد السيد المسيح نصرة قوية، وبزوغ خطاب المحبة بالترانيم والتسابيح نقلة نوعية تاقت إليها النفس طويلًا وكثيرًا، وتحجيم ظهورات وجوه البغضاء والتكفير والكراهية علامة صحة، ومؤشر سلام، ورغبة مجتمعية أكيدة ومجسدة لأيام أكثر إشراقًا.
 
البناء على ما سبق من آيات المحبة التى تجسدت فرحًا بعيد الميلاد مستوجب، وتسييد خطاب المحبة، وحصار خطاب الكراهية فى ركن مظلم، دَعْهم فى ظلمات أنفسهم يعمهون، وتحكيم القانون بصرامة على مَن يبتدرون إخوتنا الكراهية وجاء «وقاية»، آخر الداء الكىّ، أو آخر الدواء الكى، كما تستطيب من الكلم الطيب.
 
«هللويا» لم تعد ترنيمة فرح كنسية، صارت ترنيمة فرح شعبية، ترنيمة الشعب المصرى الطيب، «هللويا» صوت فرح يصدح فى البرية، يؤذن بالخير والسلام على أرض السلام، وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة.
نقلا عن المصرى اليوم