لم يكن أحد في منطقة الشرق الأوسط يتخيل أن يظل الجنرال الإيراني قاسم سليماني الذي قتلته أميركا في العاصمة العراقية بغداد فجر يوم الجمعة “صاحب نفوذ إقليمي” حتى بعد نشر صور مروعة لجثته التي قطعتها صواريخ أميركية مباغتة، فيبدو وفق سيناريو الأحداث والمواقف الدولية بعد قتل سليماني أنه سيكون على الأرجح “حجر عثرة” أمام أي تحرك عسكري لتركيا في ليبيا أقله خلال الأيام الأربع المقبلة، والتي يخشى العالم معها من “مواجهة عسكرية” بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.

وفق تحليلات في عواصم الثقل العالمي، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيكونان منشغلان ب”تدوير الزوايا الحادة” منعا لأي حرب إقليمية قد تفجرها إيران في حال قررت الرد، وهو وضع لا يجرؤ معه أردوغان أبدا على إحداث أي خطوة عسكرية في ليبيا، أو في مياه البحر الأبيض المتوسط، وأن أردوغان بطبيعة الحال لديه “اشتباك منطقي” بالمعادلة الإيرانية والسورية في المنطقة، وهو حريص على متابعة أي تطور لمسار الأحداث، وهو أيضا أمر كفيل بإعادة ليبيا ك”أولوية متأخرة” خلافا لتقدمها بسلم أولويات العواصم خلال الأسبوعين الماضيين مع تهديدات تركية بالتدخل في ليبيا.

لن يقبل الرئيس الأميركي -وفق ما تقوله أوساط دولية- خطوة عسكرية من أردوغان في ليبيا، تدفع واشنطن ل”ضعف التركيز” على أي نشاط إيراني أو رد فعل انتقامي، خصوصا وأن الترجيحات أن طهران ربما يأتي ردها من مياه البحر الأبيض المتوسط ضد قطع عسكرية أميركية عبر عناصر لحزب الله اللبناني الموالي لإيران، وهو ما يعني أن واشنطن تريد “تهدئة تامة” على سواحل المتوسط، وأنها لن تقبل بأي “مغامرة عسكرية” تتيح لطهران استغلالها ل”خلط الأوراق”.

بوتين أيضا -وفق الأوساط ذاتها- لن يسمح لأردوغان بأي عملية عسكرية في ليبيا قد أن يهدأ “الغبار الكثيف” الذي أثارته سياسيا وعسكريا واستخباراتيا الصواريخ الأميركية التي قتلت “أهم ضابط إيراني”، خصوصا أن أردوغان وبوتين سيلتقيان الأسبوع الحالي وسط امتعاض موسكو من “التصرفات التركية” حيال الملف الليبي، فيما لا تستبعد الأوساط ذاتها أن يكون أردوغان نفسه يريد الاستفادة من “موت سليماني” عبر “النزول عن الشجرة الليبية”، والتبرير لحلفائه في ليبيا بأن مساعدتهم عسكريا “أمر غير ممكن” بسبب التداعيات المرجحة دوليا.
نقلا عن 218TV