بقلم : ماجد سوس

عام قد مضى بأفراحه وآلامه وقيامه وسقطاته على الصعيد العالمي ترك لنا صورة قاتمة لكل ما يدور حولنا، ها هي أخبار حروب واغتيالات وتظاهرات واحتجاجات في كل مكان وتشاحناً بين الدول هنا وهناك تذمرات بين الشعوب وحكامها وبين طوائف داخل الشعوب ذاتها .
على الصعيد الداخلي ضغوطٌ غير مسبوقةٍ تطل بظلالها على مجتمعنا نفسية واجتماعية وبالطبع اقتصادية . لم نعد نحتمل بعض، ضيف إليها ارتفاع ظاهرة الانحدار الأخلاقي والتحرش الجنسي الإجرامي في مجتمع يتسابق ويتسارع في بناء دور العبادة في كل ركن وزاوية . تدني خلقي لم تشهده البلاد من قبل قد يطيح بسمعة بلدنا منعكساً ومدمراً لقطاع السياحة.

أما على المستوى الروحي فظهرت على السطح تحديات إيمانية ضربت مجتمعنا وكشفت عن صراعات وان كانت ليست بالحجم التي يقال عنها انها ظاهرة لكنها قد تسبب عثرة وجرح عميق في وجدان الرعية ، فاستخدم البعض منصات السوشيال ميديا لتصيد الأخطاء للبعض الآخر متزامناً مع ازدياد ملحوظ في عدد الملحدين والمتمردين والضالين.

 والأمر الملفت للنظر ان تلك الحالات التي تترك الإيمان بعضها لم يتركه عن تساؤلات إيمانية محيرة بل بسبب عثرة تسبب فيها بعض رجال الدين والخدام الذين داس بعضهم المحبة والتفتوا عنها واهمين أنفسهم أنهم المدافعون عن الإيمان وحرّاسه فرأي الشعب البعض من رعاته وخدامه وقد صاروا نحاساً يطن أو صنجاً يرن، في غضبهم قد يخطئون ويجرحون فأضحى غضبهم غير مقدس وصار إيمانهم أجوف بلا محبة كلا شيء كما وصفه الرسول بولس.

لم يعد الأمر الآن في حاجة إلى الجدال والمناقشة والمِراء ولا حتى إلى تعلم كيفية قبول الآخر أو البحث فيمن الأصح والأدق فهو أمر – في رأي – أنه بكل أسف خرج عن السيطرة وينبئ عن وضع خطير تسرب داخل الكنيسة وهو غياب فكر الرب يسوع المسيح عن المشهد وغياب إقتفاء أثره والتشبه به وكأن الرب يرانا حزينا لما وصلنا إليه وكأنه يتساءل هل جعلتم تجسدي بلا معنى ، هل أضعت وقتي حين أدنت الفريسيين وهم يتركون الرعية لقيادة الحرف لا الروح .

نعم، قد تبدو كلماتي قاسية، وقد يعتبرها البعض هجوماً على شخص بعينه لكنها أبدا ليست كذلك يشهد الله ، فقط هي دعوة صادقة لتعود الكنيسة لقيادة الروح والأمر يتطلب أن يأخذ الثالوث دوره الحقيقي لا على مستوى الليترولوجي باللسان والكلمات فحسب بل على المستوى الشخصي على الإنسان الداخلي للراعي والرعية على ضوء الإنجيل وإرشاد الآباء.

الرب قريب يا أحبائي وقد أهملنا عمل الروح وصارت صلاتنا اليومية التي نقدمها للروح القدس – إن إلتمنا بها – طالبين منه أن يتفضل ليحل فينا ويطهرنا..، أصبحت كما لقوم عادة، صلاة عقيمة قد لا تصل للأذن الداخلية لتصل لتُشبع الروح ، صارت تقال بالشفاه لا بصراخ القلب ولا بإيمان اليقين ناظراً الله لنا من سمائه قئلا هذا شعبي الذي يعبدني بشفتيه أما قلبه فمبتعد عني .

نعم لم نعد نعلّم أولادنا عن أهمية قيادة الروح وأن الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أولاد الله والأهم من هذا أنهم لا يرون فينا تلك القيادة ولا شهوة الجسد ضد الروح . لم نتعلم كيف نميت بالروح أعمال الجسد فكيف لنا أن ننقل هذا الفعل إلى أولادنا الجسديين والروحيين .

منذ أيام وجدت صلاة آبائية تقدم للابن القدوس له كل المجد وهي تقدم لدمه الطاهر وهي صلاة رائعة يطلب فيها الإنسان من الله أن يضع دمه الزكي الطاهر على كل أعضاء جسده ويقدس عمله وبيته وسيارته وهي صلاة مأخوذة كاملة من الكتاب المقدس ، إن صُلّت بالروح وإن قدمت لأولادنا ليصلوا بيها سيختبرون قوة دم يسوع المسيح.

الصلاة اليومية بذكر اسم يسوع وترديده باستمرار وتعليم أولادنا أن هناك قوة في اسم يسوع تحل المربوطين وتقيم الساقطين، تفتح الأبواب المغلقة وتغلق الأبواب الشريرة وتربط عدو الخير وهكذا اختبرها السائح الروسي الذي بحث عن الصلاة الدائمة فوجدها في ترديد  اسم يسوع
اقول بكل اسف انه قد قل وضعف التعليم عن الروح القدس وعن اسم يسوع ودمه الزكي بالرغم من انه تعليم كتابي آبائي أرثوذكسي صحيح تحتاجه الكنيسة اليوم لبناء شعب قوي يسلك في الروح بروح الآباء فهذا التعليم هو سر قوتهم التي  إختبروها وسجلوها – على سبيل المثال – في إبصاليات يومية لاسم يسوع تقال في التسبحة اليومية لكنيسة القبطية .

انظروا لكتابات القديس انطونيوس والقديس مقاريوس الكبير عن الروح القدس وعن عمل دم المسيح وستعيون سر عمل الروح في حياتهم وكيف اجتازوا تجارب الحياة ومرارتها وانتصروا عليها وتمتعوا بعشرة الثالوث القدوس.

أحبائي هذه أمنيتي للعام الجديد أن يترك الجميع الجدال والصراعات وكثرة الكلام ويكون عام لتفعيل دور الروح القدس ليعلو اسم يسوع لاختبار مفاعيل دم يسوع المسيح . وكل عام وحضراتكم في المسيح يسوع بخير وسلام.