بقلم : د . مجدى شحاته
حل علينا عام  20 .. 20 حاملا معه أحداثا وملفات سياسية واقتصادية واجتماعية وبيئية  ساخنة ومثيرة وخطيرة  تستوجب الكتابة عنها .
 
كلها تركتها جانبا لحين ، وفضلت تناول موضوعا آخرمع بداية عام جديد ، يبدو عاديا جدا ، لكنه الاهم من وجه نظرى، لكل انسان .    
 
عام جديد .. صفحة بيضاء ، لم نكتب فيها شيئا بعد . ترى ما الذى سيكتبه كل واحدا منا فى هذه الصفحة من صفحات تاريخ حياته ؟ ماذا سنسجله على أنفسنا ؟ وكل ما نكتبه فى هذه الصفحة الجديدة سنحاسب عليه ، هل سنرضى الله ونريح ضمائرنا فى السنة المقبلة وتكون أفضل حالا من السابقة ؟ هل سنعتبر أيام العام الجديد بمثاية وزنة نتاجر بها ونربح ؟ هل سنعمل بحرص واخلاص لنستثمر كل ساعة وكل دقيقة بل وكل لحظة من هذا العام فى عمل مفيد ومثمر ، يشمله الخير والبركة لنا وللآخرين ؟ هل سنكون حريصين ومخلصين على كل دقيقة تمر من عمرنا ؟ وهل كل ساعة من عمرنا غالية وثمينة فى نظرنا ، عزيزة علينا ؟ الحياة التى نحياها ، نعم هى حياتنا ، لكنها ليست ملكا لنا ، انما هى ملك الله الخالق واهب الحياة ومبدعها .
 
ونحن مجرد وكلاء عليها ، ولابد اننا سنقدم كشف حساب عن هذة الوكالة او الامانة .
 
فلنراجع أنفسنا ، وندقق ، ونفحص ، وندرس بكل عناية كل ما نمارسه ونقوم به فى هذا العام الجديد المبارك .عندى يقين كامل ان كل دقيقة من عمر الانسان يقضيها فى عمل الخير هى محسوبة من عمره ، غير ذلك فهو وقت ضائع او ميت . والسؤال الذى يطرح نفسه ، كم من الاوقات او السنوات الى ضاعت من عمر كثيرين ولم تحسب من أعمارهم ؟ هنا انا أسأل نفسى ، كم ساعة من عمرى كانت مع الله وفعل الخير سواء لى او للآخرين ؟ وكم ساعة من عمرى ضاعت فى امور غيرمجدية وغير مفيدة لى او للغير ؟ ان ساعات قليلة من عمر انسان ، قد تكون أطول وأعمق فى مفعولها ، من عمر كامل لأنسان آخر .
 
لذا علينا ان نسأل انفسنا ، هل الوقت صديق لنا أم عدو ؟ هل نكسب فيه الحياة أم نخسرها ؟ هناك أشخاص لا يكفيهم وقتهم لقضاء وانجاز العديد من مهام حياتهم ، يحرصون على كل دقيقة من وقتهم  لا تمضى دون استثمارها فى عمل مفيد ونافع له وللمجتمع والوطن . هذا النوع من الناس وقتهم من ذهب ! وعلى جانب آخر ، هناك من يبحث عن وسيلة أو طريقة لأضاعة الوقت ، بل ربما ينفقون أموالا كثيرة لأضاعة الوقت .
 
نعم ، ناس يبحثون عن وسيلة للتخلص من الوقت  ويسعدون  اذا وجدوا  طريقة ( لقتل الوقت ) وفى حقيقة الامر ان موضوع  ( قتل الوقت ) ما هو الا جريمة قتل جزء من حياتهم مع سبق الاصرار والترصد !! فاذا كان الوقت يملكنا ، فنحن أيضا نملك حق ادارته وتنظيمه .
 
والانسان الحكيم يستطيع أن يدير وينظم وقته بطريقة تعود عليه وعلى من حوله بالنفع والخير والبركة . أما الانسان الذى لا يعرف قيمة الوقت ، يفقد أغلى ما يملك .. بل يفقد حياته نفسها .
 
لذا من المهم والضرورى ان يقوم الفرد بعمل خطة عمل يومية ينظم خلالها كل أعماله والانشطة المختلفة ، حتى يشعر ان ساعات اليوم طويلة نسبيا وانه أستطاع ان يحقق وينجز العديد من الامور والاشياء المفيدة . ومن 
 
الضرورى ان يشمل برنامجه اليومى  ، وقت محدد لحياته الروحية ، مع الوضع فى الاعتبار ، تخصيص الوقت الكافى للنوم والاسترخاء والراحة وممارسة الهوايات التى يحبها الفرد ووقت للزيارات ومقابلة الاقارب والاصدقاء  وغيرها من الانشطة الاجتماعية .    
 
من خصائص الوقت انه لا يعود ، فعقارب الساعة ماضية فى دورانها بلا توقف او هوادة . ويخطئ من يعتقد ان الوقت يمر ببطئ ,.. وفى الحقيقة ان الوقت يمضى ويمر أكثر مما نتصور ، واللحظة التى تمر لا يمكن استرجاعها ، فاذا تحدثنا عن زمن الطفولة او مرحلة الشباب ، فهى مجرد فترة زمنية باتت فى ذمة التاريخ ولا رجعة لها . من هنا نرى مدى قيمة الوقت ، فهو لا يمكن تقديره بثمن ، فما الذى يمكننا ان ندفعه لكى نسترجع ولو لحظة واحدة من زمن مضى ؟؟ كنوز الدنيا كلها لا تكفى لاستعادة لحظة مضت من حياتك ... اليس كذلك ؟؟
 
كثيرا ما يربط الناس جيل من الاجيال أو عصر من العصور بأسماء اشخاص عاشوا فى عالمنا هذا ، فكثيرون مثلا يذكرون جيل شكسبير ، او عصر بيتهوفن ، كما نذكر حاليا ونقول جيل الدكتور مجدى يعقوب أطال الله عمره وأبقاه ليقدم المزيد من الخير والمنفعة للبشر . وغيرهم اعطوا شهرة وتاريخ عظيم للفترة الزمنية التى عاشوا فيها ، نتيجة ما قدموه للأنسانية من أعمال نافعة .
 
ونحن ليس مطالبين بالضرورة ان نكون من المشاهيرالذين يذكرهم التاريخ ، ولكن على أقل تقدير يكون لنا رصيد طيب مثمر وناجح فى محيط العمل والاسرة والاصدقاء ، حتى لو كان هذا العمل المثمر فى الخفاء ، وأن يكون الانسان راضى ومقتنع عن حق كيف قضى أيام حياته . وكل عام وانتم بكل الخير والصحة والسعادة .