كتب - نعيم يوسف

علق الدكتور محمد طه، أستاذ الطب النفسي، على واقعة تحرش مجموعة من الشباب بفتاة ليلة رأس السنة، والمعروفة باسم "فتاة المنصورة"، والانتشار الواسع الذي حققته أغنية "السالمونيلا"، والتي اعتبرها الكثيرون مسيئة للفتيات.
 
وروى "طه"، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، العديد من الأحداث ووقائع العنف ضد المرأة التي سمعها "من قلب حجرة العلاج النفسي، خلال أسبوع واحد"، ومنها تعدي أخ على شقيقته لمنعها من حضور "كورس" تعليمي، ورفض أب عمل ابنته بالجامعة لكي تظل تعتمد عليه ماديا، واعتداء أخ على أخته لأنه طلب منها أموال ولم تعطه لأنها ليس معها، واعتداء زوج بالضرب على زوجته، وتحرش "خال" ببنت أخته، واعتداء شاب عاطل بالضرب على شقيقته بسبب ملابسها.
 
وتابع: "وأخيرا تخرج علينا أغنية (سالمونيلا) تشتم البنت اللى تقول (لأ) للى بيعاكسها ويطلب رقم تليفونها، وبيهددها بالفضيحة وتشويه السمعة والمرض. دى بعض كلمات الأغنية: أنا شفتك مرة ف حته في يوم وطلبتي لاتيه.. فهروحلك نفس الحتة لحد ما اقابلك فيه.. ومش همشي أنا قبل ما آخد رقمك ف ماتكسفنيش.. وإن قولتلي لا يلعن ابو شكلك بكره يقابلك حد يقولك.. لا تلق طعامتك تيجي ف كرامتك تبقى.. ويجيلك Salmonella سالمونيلا.. وتصحي فشله وتجري ورايا ماتلحقنيش.. عشان تبقي تقولي لا.. عشان تبقي تقولي لا".
 
وأضاف أستاذ الطب النفسي: "كل ده نتيجة اننا فى مجتمع بيوصل لكل ذكر إنه نصف إله.. لو نام غضبان على مراته، تبات الملايكة تلعنها لغاية الصبح.. كل ده نتيجة اننا فى بيوت بيوصل معظمها لكل أنثى إنها عبدة وخادمة مطيعة مش من حقها تخرج ولا تدخل ولا تشتغل ولا تلبس ولا تسافر ولا تتجوز ولا تتطلق ولا تتحرك ولا تتنفس إلا بإذن سيدها وولى أمرها.. كل ده نتيجة اننا فى ثقافة بتفرق بين الرجل والمرأة بشكل أقرب ما يكون إلى العنصرية.. كل ده نتيجة الرسايل المتوارثة من أيام الجاهلية الأولى بوأد البنات أحياء.. بس هما كانوا بيوأدوهم جسديا بوضوح وصراحة ومباشرة.. لكننا بنوأدهم نفسيا ومعنويا باسم تربية مشوهة وعادات مريضة.. كل ده نتيجة عقلية جماعية مريضة ترى أن الأنثى عار.. وحريتها خطر.. وأنوثتها فضيحة يجب سترها أو التخلص منها.. أو حتى إيذاءها والانتقام منها".
 
واستكمل: "ممكن حد يقوللى ازاى أى بنت تنشأ سليمة نفسياً وسط كل ده؟ إزاى أى ولد ماتتصبغش شخصيته بخليط -ولو بسيط- من النرجسية والسيكوباثية متعددة المصادر والمستويات؟ إزاى تحصل علاقات سوية بين الرجل والمرأة قائمة على الاحترام والندية والمساواة من أول الأب وبنته، والأخ وأخته، والزوج وزوجته، لغاية أى واحد بيشوف أى واحدة فى الشارع؟ عاوزين تحلوا؟ عاوزين تعالجوا؟ احنا محتاجين نعمل إعادة ضبط المصنع لعقليتنا المجتمعية والثقافية على فطرتها الحقيقية غير المشوهة.. محتاجين فرمتة أمخاخ أجيال كاملة ورثت وتورث عقد وكلاكيع نفسية من أبشع ما يكون.. محتاجين توعية نفسية تصل لكل بيت.. ولكل حجرة داخل كل بيت.. محتاجين تأهيل نفسي قبل الخطوبة وقبل الزواج وبعد الزواج وقبل الإنجاب وبعد الإنجاب وأثناء التربية.. إيه ده؟ أقولك.. احنا محتاجين برنامج تأهيل نفسي يستمر مدى الحياة لمدة ثلاث أجيال قادمة على الأقل".
 
وأردف: "محتاجين جراحات نفسية عاجلة فى المدارس والجوامع والكنائس والنوادى وحتى على الكافيهات والقهاوى.. ومحتاجين طبعاً تطبيق حاسم لكل قانون وكل مادة فى قانون يحمى حقوق الطفل والمرأة والأسرة.. والرجل طبعا.. ومحتاجين جداً دور اعلامى توعوى نفسي قوى ومسئول على كل قناة ومنبر إعلامى.. المهم فى كل ده.. إننا محتاجينه فوراً وحتماً وبسرعة.. لأن السرطان مراحل.. ولو وصل لمرحلة متقدمة.. مش هايكون فيه علاج.. ولا حتى أمل فى علاج".
 
واختتم "طه" حديثه قائلا: "أعتقد إننا دلوقت واقفين على الخط الفاصل قبل المرحلة الأخيرة.. الخط المرسوم بوضوح بين اللى حصل فى المنصورة وبين اللى اتقال فى أغنية (علشان تبقى تقولى لأ).. وأعتقد إننا هانخطو فوق هذا الخط وندخل المرحلة النهائية بجد لو كانت ردود أفعالنا من عينة (دى ظواهر غريبة علينا.. واحنا شعب متدين بطبعه.. وشبابنا مايعملوش كده).. وساعتها..كلنا هايجيلنا سالمونيلا.. وننقرض.. إلى غير رجعة".