حمدي رزق
لا أملك سوى هذه السطور أهديها إلى الشيخ نشأت زارع، خطيب مسجد «سنفا» بميت غمر- دقهلية، الذى استمسك بالعروة الوثقى وبالهدى النبوى وهنأ إخوتنا فى الوطن بعيد الميلاد المجيد من فوق المنبر زاعقًا: «كل سنة وأنتم طيبون يا مسيحيين»، قالها غير هيّاب من الذباب، الذى يملأ الفضاء من حولنا طنينًا، ويسوّد حياتنا بسخام الكراهية.

الخطيب الشجاع لم يخش فى قول الحق لومة لائم عقور، ولم يخف هجمة إلكترونية خبيثة، ولم يمار فى حق اعتقده، وطوع منبره فى تجديد الخطاب الدينى، واضطلع بمهمته، التى يفرضها عليه دينه الحنيف، ولم يهادن سلفيًا كارهًا، ولم يخش جهاديًا متطرفًا، ولم يختن دينه فى المضاجع الإخوانية، خلاصته لم يضع الأمانة المؤتمن عليها.

ما أحوجنا لأمثال فضيلة الشيخ نشأت، لو على منابر الأوقاف ألف مثله لأجهزت المؤسسة الدينية على خطاب الكراهية المتفشى فى الأجواء، ولا رفدت نهر المحبة بماء زلال حلو شرابه لذة للشاربين، للأسف هناك على المنابر من لوث النهر وسمّم مياهه، صرنا نشرب ماء أجاجًا لا يروى ظمأ العطشى إلى المواطنة الحقة.

شجاعة الشيخ نشأت (كما برزت فى تقرير اليوم السابع) نموذج ومثال، ويستوجب الاحتفاء بهذه الصور المضيئة بنور الإسلام، ما كان الإسلام دين كراهية، بل دين محبة وسلام، والسلام لفظا من لحم الإسلام حرفا، والمسلم الحق من سلم الناس من لسانه ويده، وعرف المسلم بالمسالمة، وعدم الأذى كما قال القرآن (وقولوا للناس حسنًا وأقيموا الصلاة)، صح لسانك شيخنا الجليل.

رسالة الشيخ نشأت تقول إن فطرة الشعب المصرى سليمة وتعبر عن نفسها بصور رائعة، ومنها هذه الصورة الراقية، لماذا إذن تتصدر صور الجفوة والرفض والعنف والتفجير العناوين، لماذا تغيب صورة الشيخ نشأت عن الصفحات الأولى، لماذا تهيمن «طيور الظلام» على الصورة، لماذا تتصدر وجوه البغضاء المشهد، لماذا يشوهون وجه مصر الطيب بسناج صدورهم، وما ينفثون غلاً للذين آمنوا بالعيش المشترك؟.

سيقول السفهاء إن الشيخ يتجمل، فليكن، فليتجمل أكثر، والشيخ يتودد وليكن، فليتودد أكثر، ويصل الشيخ إخوته، ويفرح لفرحهم، ويغتبط لعيدهم، دعهم فى غيهم وغلهم يعمهون، قلوبهم قاسية ونفوسهم مظلمة، هنيئا للشيخ نشأت بحسن صنيعه، ولم أستغربها منه، وأغبطه عليها، الشيخ يرد بصنيعه الطيب على غلاظ القلوب، الذين يحرمون تهنئة المسيحيين بأعيادهم، ويزرعون الكراهية فى النفوس، ويقفون من أخوة الوطن موقفًا لا يقره شرع ولا دين.
نقلا عن المصرى اليوم