كتب – محرر الاقباط متحدون ر.ص 
قال الكاتب الصحفي خالد الكيلاني، المتخصص في شئون الحركات الدينية :" ذات يوم ركبت مع سائق تاكسي في أحدي المدن السياحية.. كان فرحا متهللا .. سألته عن سر انبساطه الذي أسعدني .. قال: مبسوط بالموسم السياحي الذي بدأ .. قلت ضاحكا : أنت سعيد بتدفق الأرزاق التي كانت قد توقفت منذ أحداث يناير 2011 ؟ ..فوجئت به يقول ساخرا : تدفق الأرزاق إيه .. أنا أساسا مالي كله حرام ؟." 
 
وأضاف"الكيلاني"، عبر حسابه على "فيسبوك"، :" قلت له ممتعضا : لماذا تُنغص علي نفسك الحياة ، أنت شغال شغلانه شريفة وتكسب من عرق جبينك؟ ..اتضح من خلال الحديث معه ، أنه من المؤمنين بأن السياحة وأموالها كلها حرام في حرام .. وأنه مضطر للعمل فيها ، وأن أمواله علي كثرتها ليس فيها بركة .. كما ذكر، لم تبدو علي السائق علامة من علامات التطرف ، لكنني أيقنت بأنه مثل غالبية المصريين الذين سمم رجال الدين أفكارهم ، وجعلوا من أدمغتهم "دواعش" تسير في الشوارع ، وتأكل الطعام وتمشي في الأسواق ." 
 
موضحا:" تملكتني الشفقة عليه من أفكاره ، التي تُفسد عليه حياته في المدينة الجميلة ، وسألته : من قال لك إن أموال السياحة حرام .. وأين الحرمة في ذلك؟..قال : تعلمنا ذلك في المدارس ومن المشايخ في المساجد .. قلت : وهل علموك أن السياحة حرام؟..قال : أخبرونا بأن ساقي الخمر وحاملها والساعي فيها ملعون ، وبأن الرسول صلي الله عليه وسلم هو القائل ،! قلت : وهل تعمل في سقيا الخمر؟..قال : لا !.. قلت: وإذا افترضنا صحة الحديث .. ما علاقتك أنت بالخمر؟ ..قال : أنا أحمل السائح في سيارتي إلي الفندق أو "البار" الذي يشرب فيه الخمور !..قلت : بهذا المنطق المختل كل من تحملهم في سيارتك حرام .. لأن جميع الركاب ، سياح كانوا أم غير سياح ، يرتكبون المعاصي والموبقات بحسبانهم بشر يخطئون ويذنبون .. وبما إن حضرتك قررت أن تحاسب الناس وتراقب أفعالهم التي لا علاقة لك بها .. فكل حياتك حرام في حرام في حرام ؟..أطبق الصمت علي الشاب ثم سألته : هل نحن مسئولون عن مرادات البشر وغاياتاتهم .. أم لا علاقة لنا بهم؟..أجاب : لا علاقة لنا .. قلت : إذن لماذا تحاسب نفسك علي مسعي الغير .. وتحكم علي نفسك بالحرام .. هذا إذا افترضنا بأن الحديث صحيح عقلا وقانونا،سألني : وماذا عن الحديث؟ .. قلت : الحديث يجافي القرآن .. والقرآن يقول "ولا تزر وازرة وز أخرى" ، والمعنى أنه لا علاقة لي بذنوب غيري ." 
 
موضحا :" فضلاً عن أن الإمام أبو حنيفه له قول كبير في الحديث بأن الإثم يقع علي "الشارب" فقط ، ولا يشمل كل أطراف "السلعة" ، وأن من يقول باللعنة في باقي الحديث لم يعرض باقي الآراء في المسألة حتى يختار الناس ما يرون في صوالحهم حسب وقائع الحياة ، سيما أن كل ذلك "فقه" وليس شرع !..كان السائق شاب مؤدب غير مثقف دينياً ، مفاهيمه مشوشة ، تحت وقع خُطب رجال دين المساجد ، والدروس الدينية في القنوات الفضائية." 
 
 
وواصل :" أنهي معي الحديث المثير قائلاً : يعني فلوسي مش حرام؟.. قلت : الحرام هو أن تفسد علي نفسك العيش في تعاسة ، وأن لا تسعد بأموالك التي تجنيها من عرق جبينك وكد يديك، الحرام هو أن تنصت لأناس يكرهون الحياة ، ويعشقون تبكيت الناس في حيواتهم و أرزاقهم ..الحرام هو أن تحتقر السائح الذي يتسبب في رزقك ورزق أولادك ويتسبب في استتباب الأمن القومي لبلادك عبر زيادة دخلها القومي، الحرام هو أن لا تُحسن من آداءك ، وتُطور من عملك كي تكون سفيرا رائعا أمام ضيوف بلادك، الحرام هو ان لا تمتلئ فخرا ببلادك فتكون لها عونا علي الأفكار الهدامه التي أفنت شعوبا وقبائل بإسم الدين." 
 
واختتم :" سألني : هل أسمع كلام المشايخ ؟ ..قلت : إسمع كلام قلبك .. وابحث عن الله في جوفك .. فلن تجده عند المرضي النفسيين!."