سليمان شفيق
عشرة رؤساء عزل بن بيلا واغتيل بوضياف واطولهم بومدين 13 عام
في ظلّ احتجاجات غير مسبوقة شهدتها وما زالت تشهدها البلاد. وجاء فوز تبون بهذه الانتخابات، التي رفضها الشارع الجزائري، بعد عدة أشهر من الحراك. وينتظر الرئيس الجديد الكثير من الملفات أبرزها النجاح في عقد حوار مع الحراك، يساعد الجزائر على الانتقال إلى ما أسماه بـ"الجمهورية الجديدة.

ووسط استمرار الاحتجاجات الجماهيرية ، وافق الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون على استقالة رئيس الحكومة نور الدين بدوي اول امس الخميس، وقام بتعيين وزير الخارجية صبري بوقادوم خلفا له على رأس حكومة تصريف أعمال يستمر فيها جميع الوزراء تقريبا في أداء مهامهم، حسب ما أعلنت رئاسة الجمهورية.

وقال بيان للرئاسة نقلته وكالة الأنباء الرسمية "استقبل رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الخميس، بمقر رئاسة الجمهورية، السيد نور الدين بدوي، الوزير الأول، حيث قدم له استقالته التي حظيت بالموافقة.

وفي بيان آخر ذكرت الرئاسة أن تبون "عين صبري بوقادوم، وزير الشؤون الخارجية، وزيرا أولا بالنيابة. كما كلف أعضاء الحكومة الحالية بالاستمرار في مهامهم لتصريف الأعمال"، ما عدا وزير الداخلية صلاح الدين دحمون الذي أنهيت مهامه وعين مكانه وزير السكن كمال بلجود.

وكان الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة قد عيّن في آخر أيام حكمه، وزير الداخلية نور الدين بدوي (60 عاما) خلفا لأحمد أويحيى المحكوم عليه 15 سنة سجنا، لكنه لقي رفضا شعبيا من الحراك الذي طالب برحيله كأحد الباءات الثلاث إلى جانب بن صالح (عبد القادر، رئيس الدولة المؤقت الذي انتهت ولايته الخميس) وبلعيز (طيب، رئيس المجلس الدستوريا سابقا)

وحاول بدوي إسكات الاحتجاجات بوعود بتشكيل حكومة "من الشباب" ثم أعلن حكومة أغلب أعضائها من الموظفين رفيعي المستوى في الوزرات التي عينوا فيها مع بضعة وجوه جديدة من شباب كما في وزارات الثقافة والرياضة والعلاقات مع البرلمان.

النشأة والحياة السياسية :
ولد عبد المجيد تبون في 17 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1945، في ولاية النعامة بالجزائر. تخرج من المدرسة الوطنية للإدارة عام 1965 بعد تخصصه في الاقتصاد والمالية

شغل تبون مواقع ولائية ووزارية في حكومات مختلفة، فتقلد مناصب عدة، من مسؤول على مستوى الجماعات المحلية بين عامي 1978 و1992 إلى والٍ للمحافظات، قبل أن يجري تعيينه وزيرا منتدبا بالجماعات المحلية بين عامي 1991و 1992.

تولى تبون حقيبة السكن والعمران عام 1999، ثم حقيبة الاتصال عام 2000، ثم وزيرا للإسكان والعمران للمرة الثانية بين عامي 2001 و2002.

ابتعد تبون عن الحياة السياسية لأكثر من عشر سنوات، قبل أن يعود وزيرا للسكن والمدينة بين عامي 2013 و2014 في أول حكومة لعبد الملك سلال خلال عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وتولى تبون رئاسة الحكومة منذ يونيو حتى أغسطس 2017، خلفا لسلال، لتكون بذلك أقصر حكومة في التاريخ السياسي الجزائري. وفي وقت لاحق، تسلم وزارات عدة أبرزها الثقافة والجماعات المحلية والتجارة والسكن.

وقد ارتبط اسم تبون بقطاع السكن الأهم بالنسبة للجزائريين والذي أداره لأكثر من سبع سنوات في مختلف الحكومات. كما أشرف على إطلاق صيغة "عدل" عام 2013 التي تسهل على الجزائريين الحصول على السكن عن طريق البيع بالإيجار. وكان الرئيس بوتفليقة قد سلمه وسام استحقاق لمجهوداته في قطاع السكن.

البرنامج الانتخابي والوعود:
تحت شعار "بالتغيير ملتزمون وعليه قادرون"، كشف تبون في بداية حملته الانتخابية عن 54 التزاما سياسيا يسعى إلى تجسيدها على أرض الواقع، من بينها مراجعة واسعة للدستور لتكريس الديمقراطية الحقيقية، حسب تعهداته، والفصل الحقيقي بين السلطات لتجنيب الجزائر أي انحراف "استبدادي".

كما يقترح أيضا تحديد ولاية واحدة للرئيس المنتخب قابلة للتجديد مرة واحدة فقط.

ويعد تبون بإجراء تعديلات على القانون الانتخابي للسماح ببروز جيل جديد من المنتخبين الأكفاء و"الصادقين"، فضلا عن فصل السياسة عن المال.

في المجال الاقتصادي، يقترح تبون تنفيذ سياسة جديدة بعيدة عن قطاع المحروقات وتثمين الإنتاج الوطني في مجالات الصناعة والزراعة والخدمات من خلال تقديم حوافز ضريبية وتقييد الواردات ووضع سياسة تصنيع جديدة موجهة نحو الصناعات الصغيرة ومتوسطة الحجم، إضافة إلى تعزيز الاستثمار والإنتاج الوطنيين، وكذلك تحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر.

في مجال السياسة الخارجية، يقترح تبون اتباع "دبلوماسية اقتصادية" لخدمة التنمية الوطنية. كما يريد إعطاء أهمية للدبلوماسية الثقافية والدينية لتلميع صورة الجزائر في الخارج.

كما يعد بإصلاح شامل للقضاء لضمان استقلاليته وتحديثه من خلال الرقمنة (العدالة الإلكترونية) وتكريس مبدأ المساواة أمام القانون وتحقيق حرية الصحافة وتعدديتها واستقلالها، فضلا عن تعزيز الديمقراطية التشاركية وبناء مجتمع حر ونشيط.

وفي المجال الاجتماعي، تعهد تبون بحل "نهائي" لأزمة السكن، كما وعد بضمان دخل لائق للمواطن عبر مراجعة الحد الأدنى المضمون للأجور وإعفاء ذوي الدخل المنخفض من دفع الضرائب.

رؤساء حكموا الجزائر :
تعاقب عدد من الرؤساء على حكم الجزائر، وكان لكل منهم بصمته في المسار السياسي الحديث للبلاد، وهم كالتالي:

: أحمد بن بلة
في سبتمبر 1963، أصبح الأمين العام لجبهة التحرير الوطني أحمد بن بلة أول رئيس جمهورية في الجزائر بعد الاستقلال. وقد حكم بن بلة الجزائر من 1963 إلى1965 .

وتمت الإطاحة ببن بلة في 19 يونيو 1965 عبر انقلاب قاده وزير الدفاع في حكومته، العقيد هواري بومدين الذي تولى رئاسة المجلس الثوري والحكومة.

هواري بومدين:
تولى بومدين حكم البلاد من 1965 حتى وفاته في 1978. اسمه الحقيقي محمد إبراهيم بوخروبة وقد التصق به اسمه العسكري "هواري بومدين" حتى وفاته. حظر بومدين التعددية النقابية والسياسية وجمد العمل البرلماني. وقام بتأميم شركات النفط عام 1971.

رابح بيطاط:
حكم رابح بيطاط الجزائر لمدة 45 يوما فقط كفترة انتقالية قبل أن يختار الجيش العقيد الشاذلي بن جديد، ليكون المرشح الوحيد للانتخابات الرئاسية في عام 1979، بدل عبد العزيز بوتفليقة الذي كان مرشحا لخلافة الرئيس هواري بومدين الذي توفي عام1978 .

الشاذلي بن جديد:
حكم البلاد من1979 حتى 1992. وفي عهده دخلت البلاد التعددية الحزبية بدل نظام الحزب الوحيد،وعرفت الجزائرخلال حكمه "ربيعا ديمقراطيا" جاء بانتفاضة كبيرة في 1988 ضد الأوضاع الاجتماعية، تم إخمادها بعنف من قبل الجيش الذي دفعه إلى مغادرة السلطة بعد الفوز الكاسح لجبهة الإنقاذ الإسلامية في الانتخابية التشريعية1992.

محمد بوضياف:
حكم بوضياف البلاد لمدة خمسة أشهر عام 1992. ويعتبر بوضياف أحد رموز حرب التحرير الذي عاد من المنفى بعد أن حكم عليه نظام أحمد بلة بالإعدام في 1964. فبعد استقالة الشاذلي بن جديد الذي حلّ البرلمان، انتقل الحكم إلى المجلس الأعلى للدولة المشكل من خمسة أعضاء، برئاسة بوضياف، واغتيل بوضياف، بعد أقل من ستة أشهر على يد عنصر من القوات الخاصة.

علي كافي:
خلف علي كافي بوضياف على رأس المجلس الأعلى للدولة حتى نهاية ولايته في يناير/كانون الثاني 1994. وسلم كافي السلطة لخليفته ليامين زروال في نفس السنة.

اليامين زروال:
عام 1994، تم اختيار اليامين زروال ليكون رئيس الدولة لفترة انتقالية. وفي 1995 انتخب على رأس البلاد قبل أن ينسحب من الساحة في 1999، وينظم انتخابات رئاسية مبكرة فاز فيها عبد العزيز بوتفليقة.

عبد العزيز بوتفليقة:
 بعد انسحاب كل المترشحين الآخرين تنديدا بالتزوير، فاز بوتفليقة بالانتخابات الرئاسية في1999 وأعيد انتخابه بأكثر من 80 بالمئة من الأصوات في 2004 و2009 ثم في2014 .

ورغم حالته الصحية الحرجة، سعى بوتفليقة إلى الترشح لولاية خامسة، لكن الشارع الجزائري رفض الأمر جملة وتفصيلا. ما أدى إلى اندلاع مظاهرات في 22 فبراير 2019، دفعته إلى التنحي في الثاني من أبريل/نيسان من نفس العام

عبد القادر بن صالح:
لعب عبد القادر بن صالح عدة أدوار في الحياة السياسية الجزائرية منذ شبابه، إذ انتخب نائبا في المجلس الشعبي الوطني وهو في سن تناهز 36 عاما، قبل أن يصبح سفيرا، ثم ناطقا باسم وزارة الخارجية. ومنذ عام 2002 أصبح رئيسا لمجلس الأمة، ليكون الرجل الثاني في الدولة، ويصبح دستوريا الشخص المخول كي يقود البلاد لفترة انتقالية بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حتى تنصيب الرئيس الجديد عبد المجيد تبون.