يتنافس مرشحو الانتخابات الرئاسية التونسية في كسب عقول وقلوب الناخبين وهم يدركون أن الطريق إلى قصر قرطاج الرئاسي يجب أن يمر بلافتات الدعاية التي تطل من جوانب الطرق الرئيسية، لكن تصميم اللافتات والشعارات أصبح سلاحا ذو حدين في هذه المعركة.

وتستقبل اللافتات الضخمة القادمين إلى البلاد من مطار قرطاج وعبر شوارع العاصمة وصولا إلى الأزقة ذات الملصقات واللافتات الصغيرة.

وتحمل اللافتات شعارات شتى تهدف إلى الإعلان عن أولويات كل مرشح في إدارة البلاد إذا وصل إلى سدة السلطة.

فعلى الطريق الرئيسي المؤدي إلى شارع الحبيب بورقيبة الأشهر، يطل المرشح المستقل عبد الكريم الزبيدي بلافتة اتشحت باللون الأحمر المميز لعلم تونس، مع شعار "الفايدة في الفعل"، في إشارة إلى أن المرشح يراهن على ما سينجزه إذا تولى الرئاسة.

وتقول الكاتبة التونسية وفاء الهمامي في تصريحات صحفية إن الشعار يعد "أبلغ رد على الانتقادات التي وجهت إلى الزبيدي بأنه غير فعال في التواصل والأساليب الخطابية للتعبير عن برنامجه"، لكنها أيضا أشارت إلى أن الشعار لا يتخطى الأسلوب التقليدي.

كما استخدم الزبيدي شعار "الوفاء للوطن" على بعض لافتاته، وهو بحسب المحلل السياسي خالد عبيد، محاولة لترسيخ صورة لدى التونسيين بأنه ظل وفيا للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي حتى آخر لحظة، وهو آخر مسؤول اجتمع به السبسي قبل وفاته.

 نظرة الشاهد الحادة
واختار رئيس الوزراء المرشح عن حزب تحيا تونس يوسف الشاهد أن يظهر بنظرة حادة وخلفه منظر من أرض زراعية مع شعار "تونس أقوى"، في تركيبة دعائية أثارت انتقادات بسبب وضعية تصوير الشاهد التي قال البعض إنها تشبه أحد أفلام الرعب، بحسب الهمامي التي لفتت إلى أن الشعار يظل قويا رغم وضعية التصوير "غير الموفقة التي لم تراع التأثير العكسي لهذه النظرة الحادة في ذهن المتلقي".

لكن عبيد اعتبر أن "تونس أقوى" هو رد على اتهامات للشاهد بأنه غدر بالسبسي ، وقام بالتحالف مع حركة النهضة الإخوانية.

وقال عبيد إن الشاهد يريد تعويض صورته التي اهتزت بسبب التحالف مع النهضة، بالقول إن "لديه شخصية قوية وليس لعبة في يد الحركة".

واختار مهدي جمعة الذي يمثل حزب البديل التونسي في السباق الرئاسي شعار "مستقبل تونس" ليكون عنوان لافتاته الانتخابية التي روعي فيها لوني العلم التونسي الأحمر والأبيض، متمسكا بالأسلوب "الكلاسيكي" في الدعاية، بحسب الهمامي .

النهضة تقع في فخ شعارها
أما عبد الفتاح مورو، مرشح اللحظة الأخيرة لحركة النهضة، فاستخدم شعار "تونسي.. يشبهني"، ليأتي بعكس ما أرادت الحركة تسويقه ردا على الاتهامات لها بأنها حركة عابرة للحدود لا تؤمن بفكرة الوطن كونها جزء من تنظيم الإخوان العالمي.

فبحسب عبيد، فإن الشعار "رسخ فكرة  في اللاوعي الخاص بحركة النهضة بأنها ليست تونسية ولا تشبه التونسيين".

واستعان مورو بشعار آخر هو "انتخب الأقدر.. تونس الأفضل"، لكنه لم يكن أفضل كثيرا ، حيث اعتبرته الهمامي "شعارا يحمل لغة متعالية"، قد يأتي بنتيجة عكسية.

وعلى النقيض، اختار حمادي الجبالي، القيادي السابق في النهضة، والذي يترشح كمستقل، شعار "هيا تونس تستنى"، ليثير موجة من السخرية بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، الذين قالوا إن الجبالي يعتبر تونس مثل التاكسي الذي ينتظر الزبائن.

وعلى عكس صور البورتريه التي التزم بها كافة المرشحين، جاء نبيل القروي بصور فيها حركة على لافتاته، تثملت في تقبيل رؤوس أطفال أو محتاجين، للترويج للأعمال الخيرية التي ينخرط فيها رجل الأعمال المثير للجدل والمحتجز حاليا على ذمة قضايا تهرب ضريبي، لكنه لا يزال في السباق الانتخابي.

واستخدم القروي شعار " في قلب تونس
للتعبير عن قربه من احتياجات المواطنين محدودي الدخل، مع عبارات مثل "بالقلب نقطعوا تسكرة الفقر، وبالقلب نقطعوا تسكرة الفوضى، وغيرها على ذات المنوال.

واعتبرت الهمامي أن القروي أراد توظيف المشكلات الاجتماعية وحاجات الناس في شعاراته، كونه رجل مال وأعمال، فيما يعد من قبيل الدعاية المباشرة التي تفتقد للابتكار كما أنها تستغل احتياجات الفقراء.

"شعبوية" حمة و"ديمقراطية" عبير
ووجد المرشح المستقل حمة الهمامي نفسه وسط عاصفة انتقادات بعد أن اختار خلفية زرقاء في لافتات حملته، وذلك كون اللون الأزرق هو اللون المميز لحركة النهضة.

كما أن الشعار الانتخابي لم يكن بعيدا أيضا عن الانتقادات، عندما اختار "يلزمها حمة"، بمعني أن تونس تحتاج إلى حمة، وهو أسلوب اعتبر شعبويا أكثر من اللازم ولا يعطي أي إشارة لأولويات المرشح أو رسالته، بحسب الكاتبة التونسية.

كما أن المرشح المستقل لم يأت بشعار أقوى من الشعار الذي استخدمه في الحملة الرئاسية عام 2014، وهو " ابن الشعب رئيس"، والذي اعتبر شعارا قويا وجلب له نحو 250 ألف صوت.

ومن المآخذ التي طالت المرشحة عن حزب "أمل تونس"، سلمى اللومي هو أنها لم تفصل بين مجالها كسيدة أعمال وبين شعارها "نصنع الأمل"، حيث اعتبر البعض أن حملتها لم تبتدع شيئا مميزا في لافتاتها.

واختارت عبير موسى المترشحة عن الحزب الدستوري الحر شعار "ديمقراطية مسؤولة وحريات مضمونة"، لترد بهذا الشعار على أهم نقاط ضعفها وهي أنها محسوبة على نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

ويقول عبيد إن "موسى تبعث برسالة بأنها ستحافظ على الديمقراطية والحريات التي اكتسبها التونسيون بعد الثورة على نظام بن علي، لكن ذلك لا يزال مثار شك بالنسبة لكثيرين".

لكن الشعار الأكثر جدلا في حملة المرشحة هو "عبير الوطن"، والذي اعتبره كثيرون شعارا "نرجسيا فيه تبجيل للذات"، بحسب عبيد.

وعلى الرغم من اعتبار صعوده مفاجئا في بورصة الترشيحات الرئاسية، فإن الشعار الذي اختاره المستقل لطفي المرايحي وهو "صوت العقل"، أراد ترسيخ صورة الرئيس الذي سيلتزم بالحكمة والعقلانية والبعد عن القرارات الانفعالية.

لكن رياح المناظرة الرئاسية يوم الأحد، لم تأت بما يريد المرايحي ترسيخه، حيث ظهر منفعلا في بعض ردوده وقد كسر قواعد المناظرة عندما أتى بكتاب ليستشهد ببعض ما فيه.

ويعتبر عبيد أن الشعارات المستخدمة في الحملات بشكل عام لم تعبر عن برامج المرشحين بقدر ما عبرت عن طبيعة شخصياتهم أو توجهاتهم.