ابتسامته وحدها تكفى لكى تمنحنا حالة من الصفاء النفسى، وكأن الآلام التى خففها عن الأطفال جعلت منه طفلا كبيرا، وكأن مشرط الجراح الذى يداوى أوجاع القلوب فتح له طريقا ممهدا إلى ملايين القلوب فى مصر والعالم ومنحه تذكرة ذهاب بلا عودة.

مجدى يعقوب.. ليس مجرد طبيب قلب بارع ذاع صيته فى جميع أنحاء العالم، ومنحته ملكة إنجلترا لقب «سير»، لكنه سفير الإنسانية فى عالم يعلو فيه صوت الطائفية، رسول الحب لقلوب تسكنها الكراهية، يكفى ما يفعله لتخفيف معاناة مرضى فقراء فى قرى مصر ونجوعها، رغم أنه بإمكانه أن يكتفى بإجراء بضع عمليات جراحية كل عام ليكون قد أدى الدور المطلوب منه تجاه وطنه، لكنه اختار الطريق الأصعب.. طريق تخفيف الآلام قدر ما يستطيع، وكأن المسيح بُعث من جديد فى صورة ملاك يسكن جسد إنسان.

مجدى يعقوب كأنه ولىّ من أولياء الله الصالحين، نعم ولىّ، فأنا كنت أعرف رجلا طيبا درويشا يسير فى شوارع إحدى قرى الدقهلية هائما على وجهه، ولما مات تخيل بعض البسطاء أن نعش الدرويش يطير وبنوا له مقاما وأصبح له «مولد» باسمه، واعتبروه وليا وصاحب كرامات، فما الذى قدمه هذا الدرويش وأمثاله من الأولياء لمصر المنكوبة بنار التعصب؟، وما كراماتهم؟، الولى الحقيقى هو مجدى يعقوب الذى اختار أسوان لينشئ فيها مركزا لعلاج أمراض القلب، اختار المشوار الصعب، والرهان الأصعب، وقرر أن تكون تجارته مع الله فى أقصى جنوب مصر، غير عابئ بأى مشاكل أو صعوبات أو نقص إمكانيات قد تحول دون تحقيق حلمه فى رسم الابتسامة على وجوه سمراء بلون طمى النيل العظيم.

لا أعرف مجدى يعقوب الإنسان، لكن الطبيب الذى وهب حياته للبشر على اختلاف جنسياتهم ودياناتهم وألوانهم وقدراتهم المادية، بالتأكيد يحمل بداخله طوفانا من الحب للجميع، وبالتأكيد أسعد لحظات حياته عندما ينجح فى تخفيف آلام مرضى ليس بينه وبينهم سابق معرفة، وبالتأكيد لا يتأخر عن علاج فقراء يمتلكون بالكاد قوت يومهم، حتى لو كلفه ذلك السفر آلاف الأميال على نفقته الشخصية دون أن يتقاضى أجرا، فهل مَن يفعل كل ذلك ليس وليا من أولياء الله، وإذا لم يكن وليا، فمَن الولى إذن؟.

المدهش أنه بعد الحملة الإعلانية الأخيرة لمركز مجدى يعقوب للقلب، والتى صاغ كلماتها الشاعر الموهوب أمير طعيمة، عاد الحديث مجددا على صفحات التواصل الاجتماعى عن عطاء طبيب القلوب المصرى العظيم، وتمنى البعض أن يُشهر الرجل إسلامه حتى يدخل الجنة، بدعوى أن الجنة لن يدخلها غير المسلمين، هكذا قرروا وكأن معهم مفاتيح الجنة وقوائم المحظوظين بدخولها، ولم يفكر هؤلاء المتعصبون أن مَن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا، ومجدى يعقوب يُحيى بعلمه ومشيئة ربه عشرات النفوس كل يوم، لا يعلمون أن الجنة ثواب إلهى يمنحه الخالق للمخلوق جزاء عمله فى الدنيا، وكان أجمل تعليق قرأته لمواطن مصرى على «فيس بوك»: «بيتهيألى إن الجنة موجودة أساسا عشان الناس اللى زى مجدى يعقوب».

مجدى يعقوب الذى نفخر بمصريته لا ينتظر من أحد جزاء ولا شكورا، كل ما يفعله بدافع النبل وإنسانيته التى تكفى الأرض ومَن عليها.
نقلا عن المصري اليوم