نجحت الولايات المتحدة الأمريكية فى صناعة «براند عالمى»، أعتقد شخصيًا أنه أفضل حملة تسويقية فى التاريخ من حيث تحقيق الأهداف، وفى أحيان كثيرة جدًا من حيث المصداقية، وهى «الحلم الأمريكى»، كما يقول التعريف المتداوَل عنه، هو ببساطة الاعتقاد أنه يمكن لأى إنسان بغض النظر عن مكان ميلاده أو مستواه الاجتماعى أن يحقق نسخته الخاصة من النجاح فى مجتمع يمكن لكل شخص الترقى فيه لأعلى، عن طريق التضحية والمغامرة والعمل الجاد، وليس عن طريق الصدفة.

 
لا ننكر أن التفاصيل قد تحوى استثناءات كثيرة، لكن انشغالى الأكبر بما نجحوا فى تحقيقه لشعوبهم يجعلنى أغار كثيرًا على مصر!
 
أنا خائفة جدًا حد الرعب! خائفة من قصص الإحباطات المتكررة لجيلى ولأجيال تصغرنى بعشر سنوات على الأقل.. خائفة من غياب الفرصة لتحقيق النموذج الخاص من الحلم فى وطن غنى وكبير مثل مصر، سألخصها هنا فى 3 نقاط فقط:
 
- أولًا: فرص الحلم
 
الحلم يبدو لبعض الناس قصة جانبية ومعنى رومانسيًا لا يجوز تعميمه! بينما فى حقيقة الأمر أن الحلم هو الشىء الوحيد الذى يجب أن تخطط له الحكومات لأجيالها القادمة، ويروّج له إعلامها، وتعمل من أجله مشروعاتها. شبابنا مكتئب لأننا لم نروّج لنسختنا الخاصة من «الحلم المصرى». تحلم قياداتنا وتنفذ دون أن نشارك الأجيال الأصغر بما يخصهم من أحلام، دون أن يساعدهم أحد فى تطبيق الحلم الكبير على التفاصيل اليومية للناس حتى يصبحوا شركاء الرؤية وشركاء الحلم. كيف؟
 
الإجابة فى البند الثانى..
 
- ثانيًا: فرص النجاح
 
نحلم بمعايير واضحة واختبارات لكل المرشحين لوظائف عامة لخدمة الناس وكل قادة الرأى الذين يقودون وعى الناس!
 
نحلم بوطن يُختبر فيه ما يخرج للعامة، ويحسن تصدير النماذج التى تعطى الأمل، لا النماذج التى توحى بكثير من الخيبات.
 
فى كل بلاد العالم هناك «إعلان» عن وظيفة ومعايير اختبار وآلية اختيار! إلا فى أوطاننا العربية! يستيقظ الناس على أسماء بلا مبرر لوجودها، وينامون على تصريحات كارثية للشخصيات العامة! وهنا يأتى دور نقطة الترقى..
 
- ثالثًا: الترقى لأعلى
 
النسخة الحالية، التى تجعل الجميع ينتظر «فرصة» أو «شخصًا» يساعده أو يدعمه فى الترقى لأعلى، هى نسخة هزيلة ومهترئة! لأنه حتى وإن وُجد مَن يدعم الأفضل، سيوجد بجواره الآلاف ممن يقدمون الفرصة لمَن لا يستحق!
 
النسخة العالمية من الترقى لأعلى، عن طريق العمل الجاد والتضحية والتسابق، حتى تكون النسخة الأفضل من نفسك كل يوم، هى بمثابة إصلاح للجو العام للمجتمع وخدمة للوطن على المدى الطويل!
 
ببساطة.. الحلم المصرى.. لم تتم صياغته بعد! ولم يتم التفكير فى آليات تنفيذه.
 
مصر وطن كبير يصلح لأن يسَع الجميع.. ويليق به أن يسَع أحلامهم!
نقلا عن المصرى اليوم