د. مينا ملاك عازر
ليلة الأمطار الغزيرة، وغرق القاهرة شرقها بالذات، المهندس مدبولي ماجلوش نوم، هذا مفاد ما صرح به المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري
. تصدق، صعب على البشمهندس، لكن أحب أتحدث رسمي باسم المصريين اللي ولادهم عملوا حمام على روحهم وقت ما لم يجدوا حمام عام في مصر - الدولة السياحية- يستوعبهم والناس من غلبها بتلوم على بعض المحال رفضت استقبال الأطفال، حمام عمومي يا سيدي البيه لم تقيموه في شوارع المحروسة في الوقت الذي يجب إقامة العديد منها، بالوعة صالحة لاستيعاب الصرف الهائل من المياه والاستفادة منه في الوقت الذي نتعارك مع أثيوبيا ونستعد في السوشيال ميديا للذهاب للحرب، ونقارن بين جيشنا وجيشها لنرى مين حايكسب لو تحاربنا؟ المهندس مدبولي لم يكن الوحيد الذي جافى النوم عيونه، فهناك أسر كثيرة لم تراه، هكذا قلقة على بناتها وأولادها الأطفال الذين باتوا بعيدين عنها، ولأول مرة في معية أسر زملائهم أو ما شابه، هناك أسر لم تنم من رعب وهول ما رأت أو قلقة على ذويها الذين تعرضوا لحوادث أو عطل في سياراتهم ما دعاهم يتعطلوا أكثر وأكثر، أو الحزن والكمد على بنتها التي صعقها المطر بسبب عامود كهرباء حتى أن لودار رفع جثتها أي إهانة لإنسانيتها وإنسانية من شابهها، المهم أن المهندس مدبولي لم يكن وحيد في مجافاة النوم، فهناك أسر كثيرة جفاها النوم.
 
السؤال هنا، وبرغم فشل المتحدث الرسمي لمجلس الوزراء لجذب زر الاستعطاف الداخلي لأتعاطف مع رجل فاشل يترأس منظومة من الفشل والإهمال المنظم لكيد وقتل المصريين بشكل ممنهج، وخراب اقتصادها وكذا وكذا، السؤال الأهم، لماذا في وجهة نظر المهندس ومتحدث مجلس الوزراء الرسمي جافى النوم المهندس مدبولي؟ هل ضميره يؤرقه على جريمته في حق الطفلة المكهربة؟ أم الشاب الذي كهرب بالمعادي؟ أم السيارات التي خربت وعطلت الطرق؟ وكلفت أصحابها أموال طائلة لتصلحيها؟ أم الطرق ومنظرها الخرب؟ الذي ظهرت عليه بعد الأمطار الرعدية التي حذرت منها هيئة الأرصاد، وها هي بالمناسبة هيئة حكومية تابعة لمجلس الوزراء المفترض أن يربطها بكم علاقات جيدة - وليست كتلك التي تربطكم بمنظمات حقوق الإنسان العالمية الغير حكومية- لا أعرف بجد لماذا لم ينام؟ هل كان يتابع رفع المياه من الشوارع وإنقاذ الناس الذي تسبب بإهماله وقلة حيلته وعدم مقدرته على متابعة مرؤوسيه وتوجيههم للاهتمام بالعاصمة القديمة كما يهتم بالعاصمة الجديدة لإرضاء سيادة الرئيس ونسى أن الرئيس رضاه يكتمل برضا الشعب، لماذا لم تنام يا باشمهندس مدبولي ؟ هل كنت متعذب من روايات الأطفال المسجونين بأوتوبيسات مدارسهم بدون أكل ولا شرب ولا قدرة على قضاء حاجتهم؟ هل - ما عاذ الله- شعرت بالذنب وشعرت بمسؤوليتك عن هذا الجرم الإنساني؟ وتفكر في تقديم الاستقالة لعلك تكفر عن سيئاتك في حق هذا الشعب الذي لا يجد للآن للأسف من يحنو عليه.
 
عذراً لم أتعاطف معكم، ولن أتعاطف مع مدمري نفسية أبناءنا وأخوانا وأخواتنا وآباءنا وأجدادنا وأهلنا ونفسيتنا نحن أنفسنا لمجرد أنه بحث عن راحة آخرين على حسابنا، فلم يجافيه النوم للأبد، إذا كان حقاً لديه شعور ويتحمل المسؤولية وليس هو فقط بل الكل ولا أستثني منهم أحد.
 
المختصر المفيد أعتذر لكباش الفداء برغم مسؤوليتهم المباشرة رؤساء الأحياء والمسؤولون عن المحليات الذين سيقالون وسيحاكمون -إن حوكموا- لتهدئة شعب دأب قادته على التنكيل به في الشوارع وفي كل مكان، واعتذاري لأنهم سيكونون وحدهم ومن أوصلوهم لهذا، ومن أساءوا اختيارهم وحملوهم المسؤولية سيكونون هم من يحاكمونهم ويذبحونهم.