سليمان شفيق

من هو المليونير اليهودي الامريكي عراب الصفقة؟
أعلن مستشار الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر، أمس الثلاثاء، عن تجميد ملف "صفقة القرن" إلى أجل غير مسمى، بدواعي الظروف "الملتبسة"، والتطورات المتلاحقة في منطقة الشرق الأوسط، من إيران إلى العراق ولبنان وسوريا، وهي دول مجاورة لإسرائيل، وتحتك مباشرة بأمن واستقرار إسرائيل.

وكشفت مصادر أمريكية، من داخل البيت الأبيض، أن جاريد كوشنر، التقى منذ أيام في نيويورك أقطاب الطائفة اليهودية، وأبلغ إليهم بوضوح أنه لن يعاود جهوده في ملف التسوية الاسرائيلية – الفلسطينية خلال الأشهر المقبلة لعدة أسباب أهمها:

إنشغال الإدارة الأمريكية بالمعركة الرئاسية المقبلة في ظل ضغوط داخلية هائلة على ترامب'> دونالد ترامب

وتولّي جاريد كوشنر، ملف بناء الحائط الفاصل مع المكسيك، والذي يتطلّب تفرغاً له

والانهيار السياسي الذي يواجهه بنيامين نتنياهو في إسرائيل، وهو الذي يشكّل الركيزة الأساسية لمشروع "صفقة القرن"، ما يستوجب إعادة النظر في كامل الخطة الموضوعة، والعودة إلى دراسة مشروع "حل الدولتين".

وأشارت المصادر الأمريكية، إلى أن حديث "جاريد" لأقطاب الطائفة اليهودية، يؤكد أنّ واشنطن  غير مستعدة للتدخل بشكل مباشر في أزمات الشرق الأوسط، لكنّ المصادر نفسها لا تنفي المتابعة الأمريكية الدائمة والدقيقة، والمركزة لكل ما يحصل في المنطقة.

. من هو جاريد كوشنر؟
ولد وترعرع كنف عائلة يهودية ، جاريد كوشنر، أكبر مستشاري البيت الأبيض اليوم، وزوج ابنة الرئيس الأميركي ترامب'> دونالد ترامب، إيفانكا، حُكم تحصيله العلمي بالفشل، مما دفع والده للتبرع لجامعة هارفارد بمبلغ 2.5 مليون دولار عام 1998، من أجل مساعدة جاريد على الالتحاق بها، لم يكتف كوشنر باختصاص واحد بل درس القانون في جامعة نيويورك، حيث حصل عام 2007، وهي الجامعة نفسها التي تبرع لها والده بمبلغ ثلاثة ملايين دولار عام2001 .

بعد تخرجه، استغل جيداً حادثة سجن والده شارل كوشنر بتهمة التهرب الضريبي ليرسخ وجوده في عالم العقارات، فاستثمر في عقارات منهاتن بنيويورك، واشترى ناطحة سحاب قرب أبراج ترامب بمبلغ 1.8 مليار دولار، كما اشترى أسبوعية "نيويورك أبزيرفور" بمبلغ 10 ملايين دولار، وبعد أن عانى مشكلات مالية بسبب الأزمة المالية عام 2008، عادت استثماراته لتنتعش بعد ذلك.

إلا أن الميلونير الصغير عاد ليغرق بالديون، فقد أظهر تحقيق استقصائي أجرته وكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية الأميركية أن جاريد غارق في الديون، وأن مديونية شركة كوشنر بلغت مئات الملايين من الدولارات بسبب المبنى (666) الواقع في الجادة الخامسة من نيويورك، ما جعله يطرق أبواباً سياسية تخالط بعضها شبهات وتخضع لتحقيق فيدرالي، ما يهدد ليس فقط مستقبل كوشنر، وإنما أيضاً مستقبل ترامب نفسه.

كما تطرقت صحيفة "وول ستريت جورنال" لشبهات فساد تطال كوشنر، ونقلت عن مصادر مطلعة أن لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية فتحت تحقيقاً حول نشاطات تتعلق بشركة عقارية يديرها صر ترامب.

افتقر كوشنر لأساليب اللعبة السياسية، بحكم مسيرته المهنية في مجال المال والأعمال، ولم يكن ظهوره إلا بجانب زوجته إيفانكا، في اللقاءات والتجمّعات التي يعقدها والدها ترامب، والذي كان حينها رجل أعمال وشخصية مثيرة للجدل في الولايات المتحدة، ليبرز كوشنر لاحقاً خلال حملة ترامب للانتخابات الرئاسية عام 2016، كإحدى الشخصيات الأكثر موثوقية من قبل ترامب.

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن صهر الرئيس ترامب يتمتع بعلاقات مالية عميقة مع اسرائيل .

بعد فوز ترامب وظهور شبهات التدخل الروسي في نتائج الانتخابات الأميركية، كان اسم جاريد حاضراً في التسريبات والتحقيقات، وفي 26 يوليو 2017 استمعت لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي لكوشنر، ضمن التحقيقات في علاقة حملة ترمب بالروس.

ومنذ الأيام الأولى لإدارة ترامب، تولى جاريد التحضير للخطة التي روّج لها ترامب، باعتبارها ستجلب السلام للشرق الأوسط وتنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

ولكن سرعان ما بدأت علاقات كوشنر بإسرائيل تطفو على السطح، ففي يناير 2018 كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن صهر الرئيس ترامب يتمتع بعلاقات مالية عميقة مع "إسرائيل"، رغم مهمته المفترضة في "التوسط لتحقيق السلام في الشرق الأوسط".

على خطى عائلته ذاتها سار كبير مستشاري البيت الأبيض في علاقته مع "إسرائيل"، فأعاد طرح فكرة قديمة كان قد طرحها سابقاً آل غور، نائب الرئيس الأميركي أيام جيمي كارتر، بناءً على مقولات شمعون بيريز في كتابه "السلام في الشرق الأوسط" ضد مشروع حل الدولتين.

صحيفة "واشنطن بوست" لفتت في مقال تحليلي إلى أن "خطة ترامب- كوشنر للسلام تبدو منكوبة بالفعل".

عمل كونشر بشكل حثيث على الضغط من أجل زيادة مبيعات الأسلحة إلى السعودية، ويعود ذلك إلى علاقته القوية بولي العهد السعودي

لم تقف الصحيفة عند هذا الحد بل علقت قائلةً "هذا الأمر قد يكون منطقياً بالنظر إلى الهاوية السياسية التي سقطت فيها فرص إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة".

أما علاقته الحميمة بالسعودية وولي عهدها محمد بن سلمان، فعرّضته لانتقادات كبيرة، وبالرغم من تعرّض الرياض لانتقادات وسخط دولي كبير بسبب حرب اليمن، وانتهاكات حقوق الإنسان، والتعذيب في السجون، واغتيال المعارضين، يضغط كوشنر باتجاه تضخيم حجم مبيعات الأسلحة إلى السعودية.

في هذا الإطار حصلت شبكة "إيه بي سي نيوز" على معلومات عن كوشنر من مسؤولَين أمريكيَّين اثنين حاليَّين، و3 سابقين في البيت الأبيض، حيث أكد المسؤولون -لم تسمّهم- أن كوشنر أوعز بتضخيم أرقام مبيعات الأسلحة إلى السعودية، ومارس ضغوطاً على وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين في هذا الإطار، في حين وافقه وزير الدفاع، جيمس ماتيس، على أهمية تضخيم حجم المبيعات للمملكة..

وأكد المسؤولون، بحسب الشبكة الأميركية، أن الرقم الحقيقي لمبيعات الأسلحة للسعودية لا يتخطّى 15 مليار دولار. وأن وزارتي الخارجية والدفاع استشارتا كوشنر في كيفية زيادة هذا الرقم.