كتب : نادر شكرى
 فى هذا اليوم 14 مايو الذكرى الاولى لعودة رفات شهداء ليبيا انه يوم الفرح عندما نالت أرض مصر بركة عودة شهداء ليبيا الأقباط الذين استشهدوا على يد تنظيم داعش الإرهابي في سرت في فبراير 2015، عندما رفض 21 شهيد إنكار عقيدتهم من بينهم إفريقي، لتدق أجراس الكنائس فرحة بعودة رفات الشهداء، الذين فقدوا الأمل في عودتهم عندما نشر “داعش” فيديو لذبحهم، وأنهم تم إلقاء أجسادهم بمياه البحر ردا على إلقاء جسد الإرهابي أسامة بن لادن في مياة البحر بيد القوات الأمريكية .
 
ولكن تجددت الأمال وانتفضت القلوب فرحا، عندما أعلن النائب العام الليبي العثور على مقبرة الشهداء الأقباط، بعد القبض على أحد المنفذين للمذبحة واعترافه بموقع الأجساد وقيام السلطات الليبية باستخراج الجثامين، وكانت بركة ومجد السماء أن الأجساد جزء كبير منه كما هو، وظهرت جماجم الشهداء وشعر الرأس بها، وبدأت رحلة العودة منذ استخراج الجثامين في 6 أكتوبر 2017، وحتى وصولهم الاثنين 14 مايو 2018 ، حيث تم أخذ عينات ” dna ” من أسرهم ومطابقتها بأجساد الشهداء لتظهر النتائج إيجابية، وتم التعرف على هوية كل شهيد، كما تم إعادة كل جمجمه إلى جثمان كل شهيد بعد تحليل لكل رأس والتي فصلت عن الجسد بعد ذبح الشهداء ليكتمل رفات كل شهيد ويتم كتابة اسم كل شهيد على جسده .
 
فى الذكرى الاولى لعودة الشهداء نرصد لحظات ومحطات رحلة الشهداء من الخطف الى الذبح  
المشهد الأول: خطف 20 قبطيا
بعد سقوط نظام القذافي في الربيع العربي وتحولت ليبيا لحرب بين التنظيمات الإرهابي وبدا استهداف المسيحيين بليبيا واستشهد 7 أقباط بإطلاق الرصاص على رأسهم في 2014 ثم استمرار القتل لحالات فردية وضرب الكنائس القبطية، وفي في 30 ديسمبر 2014، خُطف 7 من العمال المصريين الأقباط في مدينة سرت شرق ليبيا، حيث قطعت طريق عودتهم لمصر، ثم خُطف 14 آخرون في 3 يناير 2015 من مساكنهم في سرت أيضاً، وأعلنت داعش في بيان رسمي خطف 21 كافر من عباد الصليب ونشرت صورهم.
المشهد الثاني: الاحتجاج
عاشت “وطني” لحظة بلحظة مع أسر المخطوفين عندما تم تنظيم وقفات عدة للمطالبة بتحرير وعودة الأقباط، وفي 5 يناير 2015، أعلنت وزارة الخارجية أن عبد الفتاح السيسي أمر بإنشاء خلية أزمة لمتابعة قضية المخطوفين، وأنها في حالة إنعقاد دائم وقامت الخلية بإجراء محادثات مع شيوخ القبائل الليبية، والسلطات الليبية الرسمية، وظلت اسر المخطوفين تنظم عدة وقفات حتى في شهر فبراير نشر التنظيم بيان عن ذبح 21 نصراني، وهنا انتفضت الأسر والتقى بهم المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء بمجلس الوزراء وبحضور نيافة الأنبا يوليوس الأسقف العام، وشاركت “وطني” ممثلة فى هذا الاجتماع وأكد خلالها عدم التأكد من صحة ما نشر.
 
المشهد الثالث: فيديو لمشهد الذبح
بعد أيام قليلة من اجتماع محلب نشر التنظيم مقطع فيديو يروي ذبح الأقباط ومعهم شاب إفريقي، وهم يرفضون إنكار ديانتهم ليثير المشهد البشع مشاعر الجميع بفصل رؤوسهم عن أجسادهم وهم يصرخون يا يسوع، وهنا رد الرئيس عبد الفتاح السيسي وقتها بضربة جوية لمواقع التنظيم في درنه مما لتطفىء نيران قلوب اسرالشهداء  . 
المشهد الرابع: عزاء وكنيسة للشهداء
رغم الألم والحزن للأسر لمشهد الذبح إلا أن سرعا ما شعروا بالفخر بابنائهم لتمسكهم بإيمانهم وتحولت قرية العور لسرادق لاستقبال العزاء وقام المهندس إبراهيم محلب بزيارة القرية ووفد من الوزراء وأعلن وقتها قرار الرئيس السيسي ببناء كنيسة باسم الشهداء على نفقة الدولة بالقرية، وعاشت “وطني” لحظات داخل منازل أسر الشهداء ترصد حياتهم كاملة .
المشهد الخامس: بناء الكنيسة وتدشينها
بدأت مرحلة بناء كنيسة شهداء الإيمان والوطن بمساحة كبييرة لتكون منارة للشهداء وخصص مطران سمالوط حجرة لوضع متعلقات الشهداء لعدم وجود جثامين وتم تدشين الكنيسة رسميا في العام الماضي.
المشهد السادس: الإعلان العثور على مقبرة الشهداء
في أكتوبر 2017 أعلن الجانب الليبي في بيان رسمي العثور على مقبرة شهداء الأقباط في موقع ذبحهم بعد القبض على مصور فيديو الذبح والذي أدلى بالموقع وتم نشر صور لاستخراج الجثامين، وهنا انتفضت الأسر مرة أخرى، وبدأ النائب العام في إرسال وفدا للمشاركة في التحقيق ومتابعة الأمر، وتم التأكد من الجثامين الذين دفنوا بنفس ملابسهم البرتغالي مقيدين الأيادي من الخلف، وتم التأكد أكثر بعد مطابقة عينات ال “dna”” وتجميع كل رأس بجسد كل شهيد مع أسرهم لتبدا رحلة العودة.
المشهد السابع: تعديل وإنشاء مزار
بدا نيافة الأنبا بفنوتيوس مطران سمالوط إجراء تعديلات على كنيسة الشهداء بإنشاء مزار لاستقبال الجثامين وتحويل كنيسة صغيرة أسفل الكنيسة الكبرى بتحولها لمزار وبناء مقصورة لوضع الرفات، وكانت جميع الأسر حولت منازلها لمزار لأبنائهم بتحويل غرفهم لمزار بوضع صورهم ومتعلقاتهم، حتى طلبت الخارجية في مارس الماضي الأسر بكتابة اقرارات بالنيابة بطلب استلام الجثامين وتم إرسالها للجانب الليبي.
 
المشهد الثامن: طائرة مصرية تتحرك لليبيا
بعد الانتهاء من كافة الإجراءات والتحاليل وتجميع كل جثمان من الشهداء أخطر النائب العام الليبي السلطات المصرية، بطلب رسمي مكتوب وموقع من أسر الشهداء بطلب استرداد الأجساد وبالفعل أقرت الأسر أمام نيابة سمالوط بإقرارات موقعة بطلب عودة الشهداء وتم إرسالها للطرف الليبي، وبعد شهرين من كتابة البيانات أخطر الجانب الليبي الجانب المصري بالموافقة على استلام الجثامين فتم إرسال طائرة مصرية خصيصا، إلى الأراضي الليبية ، وقامت بنقل الجثامين الذين وضعوا في نعوش خشبية كتب عليها اسم كل شهيد محفور أعلى الصندوق لتصل الطائرة إلى مطار القاهرة صالة 27 كبار الزوار .
 
مشهد التاسع: البابا وأساقفة الكنيسة في استقبالهم
استقبل البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بمطار القاهرة الدولي، رفات شهداء الأقباط الـ20 شهيدا بعد أن تم حجز الشهيد ماثيو الإفريقي بالحجر الصحي الليبي لتسليمه لسفارة بلاده، وكان برفقة البابا لفيف من أساقفة الكنيسة على رأسهم نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس المدن الغربية الأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس والأنبا بفنوتيوس مطران سمالوط ولفيف من أعضاء المجمع المقدس وكهنة الكنيسة .
 
وارتدى البابا والأساقفة والكهنة الثياب البيضاء للاحتفال بالجثامين والإلحان وطقوس الفرح والتف حولهم شمامسة الكنيسة بالزي وترأس البابا صلاة استقبال الجثامين في مهبط الطائرة وطالب البابا توزيع الأساقفة والكهنة أن يقف كل منهم بجوار كل نعش من النعوش أثناء الصلاة وسط فرحة كبيرة وتهليل ببركة الأجساد وظل البابا يذكر اسم شهيد، وأنه بركة لأرض مصر وسط مشهد مهيب بمطار القاهرة ولاسيما لحظة نزول الاجساد من الطائرة وسط ألحان الكنيسة ويقف بجوار الطائرة 20 سيارة إسعاف بصف منتظم لنقل الجثامين إلى كنيستهم بالمنيا .
و شاركت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج، في استقبال رفات الأقباط المصريين وأكدت السفيرة نبيلة مكرم أن مشاركتها استقبال رفات شهداء الوطن كوزيرة للمصريين بالخارج، هو استقبال رسمي وإنساني، لافتة إلى أن صلاة الجنازة التي ترأسها قداسة البابا اليوم بأرض المطار بمشاركة عدد كبير من الأساقفة والكهنة هي بركة كبيرة للشهداء .
 
وأشارت “مكرم” إلى التسهيلات الكبيرة التي قدمتها سلطات المطار لوصول الرفات ومتعلقات شخصية لشهداء الوطن.
 
 
المشهد العاشر: الكنيسة تشكر الرئيس السيسي وسلطات ليبيا
وقدم المجمع المقدس للكنيسة القبطية المصرية الأرثوذكسية، برئاسة البابا تواضروس الثاني، الشكر الرئيس عبد الفتاح السيسي ومعاونيه وكل الأجهزة المعنية في مصر، وللسلطات الليبية والسفارتين المصرية والليبية والنائب العام والأجهزة الأمنية في كلٍ من البلدين، وشركة الإفريقية للطيران على جهودهم التي بذلوها بكل تميز وبكفاءةٍ عالية حتى تم العثور على جثامين شهداء الوطن والكنيسة بليبيا وعودتهم إلى أرض الوطن بكل كرامة وتقدير.
كما شكرت الكنيسة، في بيان وزارة الصحة المصرية ومرفق الإسعاف على جهودهم في عملية تسلم الجثامين ونقلها إلى قراهم بالمنيا. وقالت الكنيسة إنها تصلي أن يحفظ الرب مصر من كل سوء وأن ينعم عليها وعلى العالم أجمع بالسلام والاستقرار.
المشهد الحادى عشر: موكب مهيب على الصحراوى لشهداء الكنيسة
فور الانتهاء من الصلاة بمطار القاهرة بدأت سيارات الإسعاف نقل الجثامين في 20 سيارة وهم عدد الشهداء، وكان عدد كبير من الأقباط وصلوا أمام بوابة 35 وهي بوابة الخروج للجثامين، وهم يحملون الصلبان والورود وفور فتح البوابة انطلقت زغاريد النساء والتصفيق والتهليل والجميع يلامس سيارات الإسعاف لأخذ بركة الشهداء والكل يهتف “طوباكم بركة لأرض مصر” .
وبدأ موكب سيارات الإسعاف في التحرك على الطريق الدائرة إلى الطريق الصحراوي الشرقي المتجه للمنيا، واصطف موكب السيارات في شكل جمالي طولي منظم بنفس المسافات والسرعة وخلفهم وأمامهم سيارات الشرطة لتأمين الموكب وسط “صيحات وسرينات الإسعاف والشرطة” لتبارك أرض مصر طوال سير السيارات بالشهداء وجميع رواد الطريق يلتقطون الصور ويطلقون “تلكسات” سياراتهم فرحة بالشهداء، وبذلت الشرطة مجهود كبيرا في التأمين وفتح الطريق أمام الموكب ومنع مرور أى سيارات بجوار الموكب .
 
وفي الطريق الصحراوي الشرقي كانت قوات الشرطة تسلم لأخرى من أفراد التأمين أمام كل محافظة، وأمام كارتة الكريمات على بعد 70 كم من القاهرة خرج أقباط بسطاء من الفلاحين يقفون أمام الكارته يحملون “سعف النخيل” وهم يستقبلون السيارات أثناء مرورها بالزغاريد والتهليل، أنه الموكب المهيب المستحق لهؤلاء الشهداء لمن رفع رأس بلاده وثبت على عقيدته أمام السيف الذي على رقبته ليكونوا شهداء العصر الحديث ويستحقوا أن يخصص المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية يوم 15 فبراير يوم عيد الشهداء للعصر الحديث وهو عيد استشهادهم على شواطىء سرت .
 
وفور دخول سيارات الإسعاف إلى قرية العور بمركز سمالوط بالمنيا كان الآلاف في انتظار الشهداء وأسرهم وسط زغاريد ودموع أسرهم والتف الجميع حول سيارات الإسعاف لنقل النعوش لمزارهم الذي تم تجهيزة خصيصا لهم فور الإعلان عن استخراج الجثامين .
وتم نقل النعوش إلى مزارهم وكان لفيف من الكهنة ونيافة الأنبا إرميا الاسقف العام، وبعدها تم إخراج الجميع من المزار استعداد لنقل الجثامين من نعوشهم إلى المقصورة التي أعدت لهم داخل المزار حيث تم نقل جثامين إلى المقصورة .
 
المشهد الثانى عشر: الصلاة والاحتفال بالجثامين
بعد نقل الجثامين إلى مقصورتهم بالمزار توافد الأقباط والأسر لنوال البركة وسط زغاريد وبكاء النساء، كما توافد العشرات من أساقفة وكهنة الكنيسة، وأقيم قداسا إلهيا بالكنيسة بالطابق الثاني وترأس الصلاة نيافة الأنبا إرميا الذى قدم الشكر لرئيس الجمهورية وللقيادات في الدولة والقوات المسلحة والشرطة لما بذلوه من مجهود في عودة الجثامين. وتحدث الأنبا إرميا عن ما قدمه الشهداء من أجل الحفاظ على ثباتهم وإيمانهم للنفس الآخير، وروي على لسان أحد المتهمين في الأقوال التي وردت في التحقيقات مدى التعذيب الذي تعرض له الشهداء والضغوط طوال فترة أسرهم وتحميلهم لأعمال بناء وحمل الرمال للتنكيل بهم ولكن لم يهتز إيمانهم.
 
المشهد الثالث عشر: قيادات المحافظة تهنىء الأقباط
وأثناء الاحتفال الذي شهد إجراءات أمنية مكثفة حول كنيسة الشهداء وصل محافظ المنيا، ومدير أمن المنيا وقيادات تنفيذية لتقديم التهنئة للأقباط ولمطران سمالوط بعودة الجثامين، في حين استمرت وسائل الإعلام تنقل فرحة الأسر داخل الكنيسة وداخل المزار بعودة شهداء .
المشهد الرابع عشر: صلاة الاحتفال
عقب انتهاء القداس وصل نيافة الأنبا بفنوتيوس مطران سمالوط ونيافة الأنبا اغابيوس أسقف دير مواس ونيافة الأنبا بطرس الأسقف العام ونيافة الأنبا زوسيما أسقف أطفيح والأنبا إرميا الاسقف العام، حيث بدات مراسم الصلاة والاحتفال بالجثامين، وذلك داخل مزارهم بالطابق الأول، وبحضور أسر الشهداء فقط نظرا لضيق مساحة ساحة المزار .
وتحدث نيافة الأنبا بفنوتيوس عن رحلة الأقباط من الخطف حتى العودة كاملة وما بذل من مجهودات ومتابعات طوال الفترة الماضية لعودة الجثامين مقدما الشكر لرئيس الجمهورية ولقداسة البابا تواضروس وتحدث عن بركة الشهداء، وأن الله حافظ عليهم ولم يكشف عن موقعهم حتى اكتمل بناء كنيستهم وتدشين الكنيسة وإعداد المزار وأنه لأول مرة في العصر الحديث نرى الوحشية في الذبح ويرفض الشهداء إنكار ديانتهم ونطق الشهادتين بل ثبتوا على إيمانهم .
المشهد الخامس عشر: الاحتفاظ بمتعلقاتهم
تم افتتاح مزار للشهداء ضم متعلقات الشهداء والنعوش الخشبية التى حملتهم من ليبيا  و تم رصده في هذا المشهد الفرحة والفخر لأسر الشهداء عندما شاهدوا الجميع يأتي ليصلي ولينال البركة ويطلبوا الشفاعة منهم، فحقا كان مشهد الدم المنتصر لأجل المسيح وفخر لأسرهم وبركة لكنيستهم ولبلادهم مصر .