مدحت بشاي
أرى ونحن نعمل بأمل وهمة على دعم بناء الإنسان وإعادة بناء مؤسساتنا ضرورة العمل على تحويل قضايا الشأن العام من ثقافة نخبة ومفكرين إلى ثقافة عامة لكل المصريين لزيادة إدراكهم بما يجرى حولهم وما يتهدد دولتهم من مخاطر وكذلك كي يفهم المواطن دوره في حماية دولته.

وعليه، لابد من قيام المؤسسات التعليمية والدينية وبمساندة إعلامية في ترسيخ ثقافة إعمال العقل في فهم النص، لأن هذا سيؤدي إلى القضاء على كثير من الأكاذيب والمفاهيم المغلوطة التي تستغلها جماعات التكفير في تجنيد وتفجير الشباب.

لقد بات من المؤكد أن التعليم هو الأداة الأهم والسبيل الضروري ونحن نحلم ونأمل العمل على صناعة التقدم، ولكنه ليس التعليم النمطي التقليدي الذي انصرفت عن تطبيقاته وآليات وجوده أنظمة الدول المتقدمة، والذي يكرس جل اهتمامه لحفظ التراث التليد من أزمنة الماضي العتيد، والإخلاص العجيب في رعاية نقله من جيل إلى آخر، وكأن ذلك هو المطلوب فقط لإحداث حالة الاطمئنان وراحة البال من خشية الخوف من الانحراف والوقوع في دوائر التخلف!!!

نعم، لا يمكن الحديث عن تقدم وتحقيق طفرات تنموية وثقافية وفكرية في بلد ما بدون إصلاح شامل لأنظمة التعليم والتدريب ولابد أن يتضمن هذا الإصلاح كل مقومات وأسس بناء المنظومة التعليمية، وفي صدارتها تحديد الأهداف المأمولة لمصالح المجتمع بعد التعرف على كل العلل التي يعاني منها الناس فيه، والتشارك  في وضع البرامج والمناهج والمواد التعليمية وطرائق التدريس وتقنياته وأساليب التقديم التي تتوافق وتتسق مع أحلام الشعب وإرادة وإدارة الدولة لصناعة التقدم المنشود.

في زمن وزير التربية والتعليم التاريخي، وجد أن الحل يكمن فقط في توسيع فرص الاتاحة بزيادة عدد المدارس، وكتابة لافتات كبيرة وبشكل واضح على بابها «مدرستي جميلة نظيفة منتجة وكما تحب الست الناظرة في كل مدرسة أن تقول دعمًا للفلسفة العصرية لوزارة الزمن المباركي المستقر العتيد...»!!

وعليه، لا تسألني عزيزي القارئ وولي الأمر، ماذا فعلت تلك الوزارة  عبر ربع قرن تقريبًا في الزمن المباركي لكى لا نصل إلى الحال التي باتت عليها مدارسنا كمؤسسات طاردة خاوية إلا من لافتات الوزير الوصفية على أبوابها، تنعي زمن كانت مدارسنا فيه منارات علم وثقافة وفنون ورياضة ومؤسسات جاذبة تربوية!!!

إن التعليم المتميز هو الوسيلة الناجحة لبناء وتنمية قدرات وطاقات ومهارات المورد البشري، وأن الجودة النوعية والتعليم العصري الجاذب أصبح من  متطلبات الأساسية في بناء البشر، بل إننا نعتبر الجودة النوعية والتعليم الجيد هو مفتاح جودة الحياة ذاتها لأن التعليم وثيق الصلة بجميع مراتب الحياة وكلما تحسن مستوى التعليم كلما تحسن مستوى معيشة الأفراد وتحسنت خيارات الحياة بين الناس وهذا هو لب التنمية البشرية المستدامة فهناك علاقة وثيقة بين جودة التعليم وتوفير فرص العمل وبين جودة التعليم وتحسين مستوى صحة الفرد والأسرة وبين جودة التعليم وتوفير البيئة النظيفة وبين جودة التعليم وانتشار الديمقراطية والحرية السياسية وتحقيق السلام الاجتماعي.

Medhatbe9@gmail.co
نقلا عن الوفد