بقلم هانى شهدى 
 
في البداية عنوان السلسلة جاء في صيغة فعل الأمر "صدّق" ،ويأكده ثانيةً بأنك لابد أن تصدق ، العنوان في حد ذاته منذ البداية يلغي عقلك تماماً،  ويسلب حقك في التفكير والفرز والإختيار. وهذا الإلغاء يتعارض مع أهم مبادئ المسيحية وهو حرية الإختيار. 
 
المسيح في كل إختيارته لتلاميذه لم يجبر أحدا علي تبعيته أو تصديقه ، بل دائما ما كان يبدأ حديثه بـ " من أراد أن يتبعني .." ، ،  " من أراد ان يحمل صليبه.." ، وفي حالة النصح بالاختيار فإنه يوضح السبب مثلا " "اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرَ." (إش 45:22) ، فذكر التفتوا وليس صدقوا بمعني خد بالك ، ولا زالت حرية الاختيار والقرار ترجع لك ، ليه نلتفت؟ علشان نخلص وعلشان انت الله وليس آخر..السبب واضح اهو.
 
الحكايات أو المعجزات كما يرويها "الراوي" تفتقد لأهم العناصر لتصديقها وهي الزمان والمكان والدليل، فهي تعتمد بشكل أساسي علي فلان قال لفلان قال لعلان ، فلان دا اسمه ايه منعرفش، معجزة حصلت في إحدي قري المحافظة الفلانية ،القرية دي اسمها ايه برضو منعرفش،حصلت امتي وسنة كان بالتحديد .. برضه منعرفش، لو معجزة شفاء مثلا فين التقارير الطبية والاشعات المصاحبة للعملية والأطباء المشرفين علي الحالة مفيش اسم محدد،هو بس الدكتور قالها الطب يعجز عن التفسير. علي لسان الدكتور مين ؟ "اللّٰه أعلم".
 
الراوي يعتمد بشكل أساسي في تصديقه علي طيبة العقل القبطي الذي يقدّس كلام وروايات " الجلابية السوداء" دون فرز أو فحص، ولا تداعب مشاعره أو عقله ذرة شك واحدة في كلام أبونا فلان، ولو فكر بالخطأ فإنه أيضا يفكر "بقلــبه الطيب" وليس بعقله.
 
هل المعجزات بتحصل بشكل عشوائي بمعني اي معجزتين شفاء علي نجاح وكتر السلطة والطحينة وأرفع صوتك وانت بتتكلم وحطهم في شريط يبقي كدا انت تمام وهتوزع وهتعمل أرباح ولا الأمر غير كدا خالص؟ 
 
كل المعجزات التي أجراها المسيح كانت مسببة ولها هدف معين وفائدة معينة،مثلا إقامة لعازر من الأموات تؤكد سلطانه علي الموت،شفاء الاعمي والمفلوج في معجزات كثيرة تؤكد سلطانه على المرض، انتهار الريح تؤكد سلطانه علي الطبيعة، لكن كتير من معجزات سلسلة صدق ليس لها اي معني او هدف سوي تمجيد وتفخيم شخص البابا كيرلس.
 
هل إيمان المعجزات إيمان قوي؟ بالعكس المسيح دائما يمدح إيمان العقل والتفكير لأنه يقطع فيه الباحث نفسه خطوات نحو المعرفة ونحو الله نفسه دون غرض كالشفاء أو النجاح ويمكنه المجاهرة وتبادل نور المعرفة مع غيره، لكن إيمان المعجزة يقطع فيه الله نحوك خطوات أكثر مما تقطعها أنت نحوه، وغالباً إيمان مؤثر فقط ومحدود لصاحب المعجزة مهما سمع عنها أحد غيره ، تبقي في دائرة السمع ليس أكثر.
 
وأخيرا وبعد مرور ٢٤ سلسلة من روايات وحكايات ومعجزات "صــدّق" ،  بالإضافة الي سلسلة لا تنتهي من كتب معجزات البابا كيرلس الورقية والمرئية والتي تتشابه معظمها الي حد كبير، هل استفدت عزيزي المستمع اي معلومة او فائدة اخري غير تعظيم البابا كيرلس وأنه قديس عظيم؟ لا اطلاقاً ولا أي معلومة أخري مفيدة سواء معلومات كتابية تتعلق بالكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ولا معلومات تاريخية ولا عقائدية ولا لاهوتية ولا تفسيرية.
 
إنما هي فقط مجرد روايات تحشو العقل القبطي وأصبح مدمناً لها، والمسئولية لا تقع عليه بقدر ما تقع علي المسئولين عن تشكيل عقله المطيع وإيمانه السطحي من أمثال الرواي القمص يوأنس كمال وكثيرين مثله.
 
* ملحوظة هامة...المقال لا يتعرّض أو يناقش شخص البابا كيرلس نفسه،ولا أتفق أو أختلف مع معجزاته ، فهذه أمور ليس لي شأن بها ، إنما نناقش ونفحص سوياً سلسلة صدق ولابد ان تصدق.