صرف معونة عاجلة من وزارة التضامن.. مشروع من "بنك ناصر" لمساعدة أبنائه

كتب - نعيم يوسف
كانت الأجواء باردة.. والأمطار تهطل على شوارع مدينة الإسكندرية الساحلية بغزارة.. اختبأ الملايين في منازلهم بحثًا عن الدفء المفقود في هذه الأجواء، خاصة بعد تحذير حكومي تم تكراره عدة مرات للمواطنين: "لا تخرجوا إلا للضرورة".. هذه الـ"ضرورة" هي التي أجبرت إبراهيم عبيد عبيد مسعود، على العمل في هذه الأجواء القاسية.

ما بين قسوة الطقس وقسوة الحياة
على ما يبدو أن قسوة أحوال الطقس كانت أخف على "عم إبراهيم" من قسوة الظروف المعيشية، فالرجل يقطع نحو 20 كيلو متر من منزله في كفر الدوار إلى شركة نهضة مصر في الإسكندرية -وهي إحدى شركات المقاولون العرب، وتم إنشاؤها عام 2011 لإدارة المخلفات الطلبة وأعمال النظافة العامة - ليباشر عمله في الشوارع كعامل نظافة.

حياة بسيطة في كفر الدوار
"عم إبراهيم"، رجل مصري بسيط، يبلغ من العمر 43 عاما، يعيش في منطقة كفر الدوار مع زوجته، وطفليه وهما من ذوي الإعاقة، طفله الأكبر "محمد" يبلغ من العمر 17 عاما، ومصاب بتشوهات في الوجه والجسد، وابنته "ندى" تبلغ من العمر 14 عاما، وتعاني من شحنات كهربية مرتفعة بالمخ.

حلم.. وأمل في الظروف الصعبة
حتى عدة شهور مضت، كان "عم إبراهيم" يعمل في جمع المحاصيل الزراعية للفلاحين، بمقابل مادي يساعده على المعيشة، بينما يطارد حلم حياته وهو إجراء عملية تجميله لنجله الأكبر، وما بين الأمل والألم حاول عدة مرات الالتحاق بشركة "نهضة مصر"، وقد تم ذلك بالفعل منذ نحو ستة أشهر.

طيلة الستة أشهر الماضية، تحمل خلالها حر الصيف، وبرودة الشتاء، وصعوبة مشوار يقطعه يوميا إلى مكان عمله الذي يبعد عن مسكنه نحو 20 كيلو متر تقريبا.. يشقى ويتعب في سبيل أسرته وأبنائه، حتى جاءت اللحظة الموعودة يوم الخميس الماضي.

المشوار الأخير
صباح الخميس، خرج من منزله مثل كل يوم، وذهب إلى عمله.. كان الجميع يعلم ما يخبئه الطقس السيء للمصريين في هذا اليوم بعد تحذيرات مكررة من الحكومة وهيئة الأرصاد الجوية، ومناشدات عديدة للسائقين بالحرص أثناء القيادة.

رغم الأجواء القاسية.. كان "عم إبراهيم" يعمل بكسح مياه الأمطار بشارع مسجد سيدي بشر، شرق المدينة، وأثناء عمله صدمه أتوبيس نقل عام رقم "س. و. ن 1657" خط 513 "سيدي بشر– محطة مصر" قيادة "إ. م. ع"، وأسفر ذلك عن وجود إصابات عبارة عن "كسور بمختلف أنحاء الجسد، وعظام الجمجمة، ونزيف من الأنف".

ارتاح "عم إبراهيم"، من قسوة الحياة وظروفها المعيشية والجوية على حد سواء، إلا أن هناك طفلين تركهما خلفه يصارعان في الحياة التي فارقها، الأمر الذي لفت انتباه كثير ممن سمعوا قصته، ولقبه البعض بـ"شهيد الأمطار"، و"شهيد لقمة العيش".

شهيد لقمة العيش
وفي هذا الصدد، قال الكاتب والإعلامي خالد منتصر: "شهيد لقمة العيش ، اللي ماحدش كتب عنه ، الكل معلش كان مشغول بالسف والتريقه والقلش والكوميكس على المطر في مصر ، ماحدش افتكر يكتب عن عم إبراهيم عامل النظافة الاسكندراني الغلبان اللي صدمه أتوبيس نقل عام أثناء كسحه للأمطار وكنسه للشارع وتنظيفه ، عم إبراهيم مات ، ودعنا بدون مايضحك على النكت والقهقهه ع الشاشات والكيبورد ، ابراهيم مات وسايب طفلين معوقين هو عائلهم الوحيد ، عايزين نعمل مبادرة لتكريم عم إبراهيم ، ونشوف عياله حيعيشوا إزاي ....بره بيعملوا تماثيل لعمال النظافة ، وإحنا هنا بنسيبهم يتسولوا أو يموتوا ، شعب مش عارف يجمع قمامته ومش عارف يوفر لعمال نظافته حياة كريمة ، وعايز يتقدم ، إزاي؟؟!".

تحرك من وزارة التضامن
اليوم السبت، تحرك فريق من وزارة التضامن، وزار أسرة العامل الراحل، وقدموا لهم واجب العزاء، وإعانة عاجلة تم صرفها لهم قدرها 10 آلاف جنيها، وكشفت تقارير صحفية، أنه سيتم عمل بحث اجتماعي للأسرة لصرف معاش "كرامة" للأبناء، ودراسة صرف تعويض وفقا للقانون، بالإضافة إلى دراسة توفير تمويل من بنك ناصر لإقامة مشروع يدر دخل للأسرة التي فقدت عائلها الوحيد.