أحمد علام
* يقول محمد عمارة المفكر الوهابى فى أخر مقالاته أن الحضارة الأوروبية ليس لها إطار أخلاقى تستند إليه وبالتالى هى حضارة هشة إلى زوال عكس الحضارة العربية المستندة إلى إطار أخلاقى وبعيدا عن الإطار الأخلاقى العربي الذى كان قائما على الغزو والسبي والنهب فلا ندرى ملامح تلك الحضارة العربية ليس تقليلا ولكن التاريخ يقول أن العرب لم تكن لهم حضارة وقد حلوا بالخراب على كل الدول التى غزوها تحت راية الإسلام وأوقفوا نموها الحضارى وسأكتفى للرد عليه بفقرة قمت بتصويرها من مقدمة ابن خلدون الذى يسميه عمارة نفسه أبو علم الإجتماع العربي حيث قال بالفصل السادس (واعلم أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب فجميع الآثار القديمة بالبلدان التى غزوها تدل على أن الصناع لم يكونوا من العرب، ومما يشهد على ذلك الآثار الرومانية واليونانية التي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا بمصر والعراق وسوريا والتي تتميز بدقة صنعها..

ويتميز العرب بطبيعتهم الوحشية حيث استحكمت أسباب التوحش داخلهم لتأصل القسوة فيهم وتلك الصفات منافية للعمران ومناقضة للحضارة كما أن طبيعتهم تقتضي نهب ما في أيدي الناس من رزق وأموال فكلما امتدت أعينهم إلى مال أو متاع انتهبوه بالقوة والغلبة فهم غلاظ القلوب لا يعتذرون ولا يعذرون وهذا يخالف منطق الإجتماع الإنسانى ولأن بأسهم بينهم شديد والقوى منهم يسلب الضعيف فلا يصح لهم حكم إلا بالدين لإخضاع الناس والتحكم فيهم باسم سلطة عليا )..

إلى هنا انتهى كلام ابن خلدون ونقول بناء عليه أن حضارة أوروبا التى ذكرها عمارة قامت على عدة مقومات أهمها التخلص من الشمولية الدينية بإبعاد الدين عن المجال العام للدولة أى فصل الدين عن الدولة لا عن الأشخاص مما نتج عنه وضع إطار أخلاقى يجعل جميع عناصر وأطياف المجتمع تتفاعل لإثراء المنتج الحضارى..ويستند هذا الإطار لمنظومة قوانين تعلى من قيمة الإنسان ركيزة قيام الحضارة ..وأهم مقومات تلك الحضارة هى إعتذار تلك الشعوب عن الحقب المظلمة لا التفاخر بها وبذلك بدأت رحلتها الحضارية على أساس أخلاقى انسانى سليم لذلك أنجزت فى ثلاثة قرون تلك الحضارة العمرانية والعلمية والتكنولوجية والتى ستبقى وستتباعد الهوة بينها وبيننا مالم يختفى أمثال عمارة من حياتنا بأفكارهم الظلامية الإقصائية ..