كيف تتعامل الخطوات الاثنا عشر مع قضية "الفقد" في التعافي (بالذات في إدمان الجنس). اقتباس من كتاب Contrary to Love لباتريك كارنز الرائد في مجال التعافي من إدمان الجنس...
 
التعامل مع الفقد
بالنسبة لمُدمِن الجنس، فإن علاقَتَهُ بالجِنس تُعَدُّ العلاقةُ الرئيسة في حياتِه، والتي تُمِدُّهُ بالحنان والخطُّ الأوَّلُ بالنسبة له للتعامُل مَعَ الضُغوط. لذَلكَ فإنَّه عِندما يَتخلى عن هذه العلاقة (العلاقات)، يختبرُ ألم فَقدٍ حقيقيٍ.
 
يَظهر ألمُ الفقد هذا في صورة: شعورٌ بالارتباك والحيرة ماذا يفعل وأين يذهب؟ رُبما أيضاً أحلامُ يَقظة وأفكار سِحرية تَدورُ حَولَ تَمَني تَغيُّر الظروف، وحُزنٌ عَلى الحَياةِ الضائِعَة، قد يُؤدي إلى أفكارُ مَوتٍ وانتحار، بالإضافة إلى مشاعر الاغتراب الشديد.
 
فكيف يُساعد برنامج ال 12 خطوة المُدمنين أثناء التعامل مع الفقد.
 
أولاً: في مرحلة الصدمة والإنكار، تُساعد الخُطوَة الأولى المُدمن أن يعترفَ بعَجزِهِ وعَدَم قُدرَتِهِ على إدارَة حياتِه. في هذهِ الخُطوة يَقوم المُدمن بعَمَلِ جَردٍ للمواقف التي مَرَّ بها والتي توَضِّحُ كَيف كانَ الإدمانُ أكثَرَ قُوَّةً مِنهُ في الكَثير مِن الأحداث والمواقف.
 
خلالِ هَذَا الجَرد يَقومُ المُدمِن أيضاً بشَرح كَيفَ أصبَحَت حَياتُه غَيرَ قابِلَةٍ للإدارة و غير مُحتَمَلَة. يُساعدُهُم البرنامج مِن خلالِ هذه الخطوة أن يواجهوا الفَقد ويَعترفوا به.
 
ثانياً: بَعدَ كَسرِ الإنكار وتجاوُز الصَدمَة، يشعُرُ أغلبُ الناس بالغَضَب.
يُمكن أن يَشعرَ المُدمن بالغَضَب من الله لكونه أصبح مدمناً، أو من نَفسه لأنه أوصَلَ نفسَهُ لهذه الحالة، أو بسَبَب اضطرارِه التَخَلي عن موضوع إدمانِه الذي كادَ يُصبِحُ جُزءًا منه. قد يحدُثُ أيضاً نَوعٌ من المُساوَمَة.
 
مثل:’’رُبَما لستُ مُدمناً تماماً‘‘، يَحدُث هذا كثيراً بينَ من يَتَّسِم إدمانُهُم بفتراتٍ من الإغراق ثُمَّ التَوَقُّف لفتراتٍ طَويلة(bingers) خلالَ هذه الفَترة تلعب الخُطوتان الثانية والثالثة دَوراً هاماً من خلال الثِقة في القُوّة العُظمى و التسليم لها.
 
الغَضَب والاستياء والمُساوَمة، مَشاعرُ تَنبُع من الخَوف والرغبة في السَيطرة، لذلك فإنَّ خُطوَة الثِقَة والتَسليم تَتَعامَل مَعَ هَذه المشاعر، كما أن خِبرَة القَبول التي يَحصُل عليها المُدمن من المَجموعة تُسَهِّل خُطوَة الثقة والتسليم.
 
ثالثاً: بَعد الغَضَب، رُبّما يأتي الاكتئاب بكُلّ ما فيه من رؤية سلبية للنفس رُبما تصل لدرجة كراهية النفس.
عِندئذٍ تأتي الخُطوات الرابعة والخامسة والتي فيها يقوم المدمن بعمل جَردٍ أخلاقيٍّ شاملٍ لحياته بكُلِّ ما فيها من نِقاط قُوّة وضَعف، وكيفَ لَم يَعِش المُدمن ما يَتمناه مِن قِيَم في الحياة.
 
عِندما يواجِهُ المُدمن هذه الحَقائق، يشعرُ بالمَزيد من الحُزن، لكِنَّهُ في الخُطوة الخامِسة عِندَما يُشارِك هذا مع شخصٍ آخر ويَشعُر بالقَبول والاحترام، فإنَّه يَستعيد مرة أخرى نظرته الإيجابية لنفسه ويخرج من الاكتئاب.
 
رابعاً: عملية الفقد عملية دورية، فالصراع لا ينتهي بقَبول النفس، وإنما كثيراً ما تأتي أفكار وتخيلات وتَذَكُّر للنَشوة الماضِية، كَما تأتي مُحاولاتُ العَبَث بالحُدود التي وَضَعَها المُدمن المُتعافي لنَفسِهِ.
 
فيعَبث بالانترنت مثلاً ليُجَرِّب قُوَّة احتمالِهِ.
 
الخُطوات السادسة والسابعة تَحُثُّ المُدمن أن يُسِلِّم عيوبَه لله بصِفَةٍ دائمة لأن هذه العيوب المَوجودة بشكلٍ مُستَمِرّ تَجعلُهُ مُعَرَّضاً دائماً للعَودة لأسلوب الحياة الإدماني.
 
في هذه الخطوة يتعرف المُدمِن على أصدقائِهِ الإدمانِيّين الداخِليين ويُسَلِّمهُم للقُوَّة العُظمَى مِثلما سَلَّمَ أصدقاءَهُ الخارجيين. هؤلاء الأصدقاء الداخليين هُم الإنكار، والتبرير، والاستياءات، والَتوَجُّهاتِ المَريضَة، وعَدَم الأمَانة والسيطرة، والشفقة على النفس وغيرها.
 
من أهم فوائِد الخُطوات في عِلاجِ الفَقد أنَّ الخُطوات ليسَت خطواتٍ يتمُّ عبورُها مَرَّةً واحِدَةً وينتهي الأمر، وإنما يِتم استخدامُها بصورة دورية مُنتظمة، وهَذا يَخدُمُ الطَبيعَةَ الدَورِيّةَ لأَلَمِ الفقد(النوح) حيثُ يُمكن لمراحل النوح أن تتداخل وتتواجد معاً في نفس الوقت.
 
خامساً: مَن يختبرون فقداً كبيراً في حياتهم يَصِلونَ في نِهايَةِ عملية النوح (Greif) إلى تأسيس هوية جديدة لهم حيث أن الفقد يغير من حياتهم بشكل درامي.
 
خلال تكوين هذه الهوية الجديدة، تلعَب الخُطوات الثامنة والتاسعة دوراً هاماً في إعادة العلاقات المقطوعة بالأهل والأصدقاء من خلال الاعتراف والتعويض.

سادِساً: تأتي خُطواتُ الصيانة (العاشرة والحادية عشر) لعَدَم العَودَة مرة أخرى إلى المراحل المُبكرة من الفقد، حيثُ الإنكار والغضب والحُزن.
 
الخُطوَة العاشِرَة، تُمَثِّلُ الاستمرارَ في القيامِ بالجَرد الأخلاقيّ بصِفَةٍ مُستَمِرَّة والخُطوة الحادية عشر تُمَثِّلُ بذلَ المَجهودِ اليَومِيّ للاتِّصالِ الواعي بالقُوَة العُظمَى، ثُم الخُطوَة الثانِيَة عَشَر، تَوصيلُ الرِّسالَة لمُدمِنٍ آخَر يُعاني، ليَستَمِرَّ مُجتمعُ التعافي.
 
هَذِه الخُطوات الثلاث الأَخيرة تُساعدُ المُدمن أن يُضَمِّنَ البرنامج في حياته اليومية العادية لبَقِيَّةِ عُمرِهِ، لكَي لا يعودُ النظامُ الإدمانيُّ يؤَسِّسُ نَفسَهُ مَرَّةً أخرى.
 
  على موقع فيس بوكAwsam Wasfy نقلا عن صفحة