حمدي رزق
هل سُدّت قنوات الحوار بين نقابة الأطباء ووزارة الصحة، لترفع النقابة دعوى قضائية ضد الوزيرة، تطلب وقف تنفيذ تطبيق نظام التكليف المستحدث، وبصفة مستعجلة، وإلزام الوزيرة بتكليف «الدفعة التكميلية» طبقًا للنظام القديم، لحين دراسة معمقة للنظام الجديد، لتلافى أى معوقات سالبة تؤثر على المنظومة الصحية.

سؤال من متابع عن كثب لمسلسل العلاقة غير الصحية بين الوزارة والنقابة، حتى قبل توزير الدكتورة هالة زايد الوزارة، تصدر قرارات فوقية دون تشاور أو تفاكر مع النقابة، والنقابة ترفض الفوقيات، وتذهب إلى الرفض المسبب، وحتى رفع قضايا لإيقاف الفوقى، دون فرصة واحدة للحوار الصحى لصالح المنظومة الصحية التى تعانى من تصلب شرايين مزمن.

الوزيرة لم تأت من فوق، ليست وزيرة سياسية أو حزبية بل تكنوقراط، طبيبة ومقيدة فى جداول النقابة حتى ساعته وتاريخه، وبين الوزارة والنقابة فى دار الحكمة «فركة كعب»، لماذا تذهب الوزيرة بعيدًا عن محلها المختار، ولماذا تبتعد عن دار الحكمة بمسافة تسمح بدخول المتربصين سياسيًا على الخط.

تفاءلنا خيرًا بقدوم الوزيرة هالة زايد التى تحظى بثقة حكماء دار الحكمة، لتطوى صفحة من الاحتراب بين الوزارة والنقابة كلفتنا كثيرًا، ما أثر بالسلب على الخدمة الصحية المستهدفة، لماذا الذهاب بالخلاف التقنى إلى دار القضاء، ودار الحكمة أقرب، ولماذا اللجوء إلى القضاء، والحكماء فى دار الحكمة يملكون من العقلانية والدراية الكافية بصالح المنظومة الطبية ما لا يدع سبيلًا لخلاف أو لشقاق.

تخيل نقابة تضم بين أعطافها قامات وحكماء، تعوزنى المساحة عن ذكر أسمائهم، تذهب إلى القضاء، تشكو وزيرة تعلمت على أيدى هؤلاء، وفى التعبير الدقيق وزيرة «بنت النقابة»، ولهؤلاء حقوق الولاية الروحية على الوزيرة؟

وكيف تصم «بنت النقابة» أذنيها عن طروحات يقول بها حكماء دار الحكمة، بدلًا من أن تصطحب مجلس النقابة وحكماءها لتسلك بهم طريقًا مُعبّدًا نحو تطبيق أمين وآمن لقراراتها. لو كنت محل الوزيرة لاتخذت من مجلس النقابة مجلسًا استشاريًا أعود إليه مع كل قرار حتى يصدر القرار متفقًا مع القواعد المرعية فى سياق الخدمة الصحية.

القطاع الطبى يعانى ومنذ زمن، والحمد لله أن توفرت الحكومة بإرادة سياسية متحققة على سداد نواقص القطاع، وهذا يتطلب إعادة النظر فى كثير من القوانين المنظمة التى أورثت القطاع عجزًا عن اكتمال المنطومة المرتجاة. فإذا حدث هذا ما يستوجب تفاكرًا ليس مكروهًا بين الوزارة والنقابة، وليس هذا بكثير طالما هناك اتفاق على القواعد التى تقول إن النقابة نقابة والوزارة وزارة، وبينهما خط موصول يتسم بالعقلانية.

فلتغبر الوزيرة قدميها تواضعًا إلى دار الحكمة التماسًا لحكمة الحكماء، أو لتدعُ فى كرم وزارى الحكماء إلى مكتبها الذى هو مكتب كل طبيب مصرى، ليتبينوا سبيلًا إلى حل هذه الأزمة، قبل أن تستغلها المنابر العقورة، وتحولها إلى معركة خاسرة، معلوم النقابة أقرب إلى الوزارة من دار القضاء حتى بحساب المسافة على الأرض.
نقلا عن المصرى اليوم