حمدي رزق
تلقيت رسالة تقطر حزنًا من د. ساويرس'> كميل صديق ساويرس «الإسكندرية»، أنشرها باختصار، أرجو ألّا يكون مُخِلًّا، بسبب ضيق المساحة.

أكتب كلماتى محاولًا السيطرة على مشاعر الحزن والأسى تلك التى انتابتنى بعد أن علمت بما حدث فى قرية «حجازة قبلى/ قوص» محافظة قنا، مع كنيسة الأقباط الكاثوليك فى القرية، والتى مضى على وجودها 119 عامًا، والتى حصلت على ترخيص عام 1993 باستكمال المبانى، التى تأثرت بفعل الزمن، وأصبح من العسير أن تمارَس فيها الصلاة، حتى إن الأهالى مارسوا الصلاة تحت الخيام انتظارًا.

كل ذلك، ولم يحدث أن عطّلوا مرورًا أو أغلقوا شارعًا، وحتى صوتهم لم يكن يتعدى نطاق المكان المخصص للصلاة، ولكن كيف يحدث ذلك منهم وآذان وأعين المُدّعين بالحق الإلهى لا تغفل ولا تنام، فهَبّوا صارخين: «مش عايزين كنيسة فى القرية»، وعاودوا الهجوم عدة مرات..

والمؤسف والمحزن أن جهة الإدارة والمسؤولين رضخوا لهم فى النهاية، وطلبوا من أصحاب الحق أن يقيموا مكانًا آخر لهم خارج القرية على بُعد ثلاثة كيلومترات، وهل لنا أن نسأل بعد ذلك فرعون «إيه اللى فرعنك؟؟».. إننا أمام متوالية لا تنتهى من الاعتداء على الكنائس!.

مازلت أتذكر العبارة التى نطق بها رئيسنا الإنسان عبدالفتاح السيسى، والتى عبّرت عما يجول بخاطر كثير من المصريين: «ما غضاضتك فى أن تبصر كنيسة أمامك، يجب أن تفتش عن كمال إيمانك، إنت مالك؟؟!»، والعبارة ببساطة شديدة تطرح هذا السؤال: «يضايقك فى إيه وجود كنيسة وانت ماشى فى الشارع؟؟»، وقد يكون الرد عليها حينما ذكرتَ فى مقال سابق لكم تحت عنوان «إنت مالك؟!»: «إنها عقود الكراهية المزمنة التى يستبطنها بعض الذين جُبلوا على كراهية المسيحيين كراهية متغلغلة فى نفوس خبيثة، ينفثون حممًا فى وجوه إخواننا المسيحيين، يُكفِّرونهم فى قعور بيوتهم، يودون لو لم يبصروا الكنائس بأعينهم من فرط حقد قلوبهم».

وإلى هؤلاء أقول: أخى المختلف معى فى العقيدة، ودَعْنى أخاطبك دائمًا بأخى الإنسان، وذلك لأننى تعلمت منذ حداثتى ذلك، تعلمت أن أحبك، تعلمت أن أدعو لك دائمًا ولا أدعو عليك، تعلمت ألّا أقاوم الشر بالشر، ولكن أقاومه بفعل الخير.. أخى الإنسان، مادمتَ أخى، فدَعْنى أطرح عليك سؤالًا ونتحدث بصراحة: «إيه بالضبط الذى يضايقك ويثيرك عند مرورك وتجد فى طريقك كنيسة بمنارة يعلوها الصليب؟؟».

هذا السؤال ببساطة شديدة أعترف بأنه ليس لدىَّ أى تفسير منطقى إزاءه، وقد يكون لديك أنت تعليل للحالة التى تمر بها، قل لنا وبصراحة إيه اللى مضايقك ويسبب لك هذا الاستفزاز، قد يكون لك رأى نحتاج أن تنيرنا به.

ودَعْنى أيضًا أصارحك، وبأمانة مع الخالق أولًا ومع النفس ثانيًا: إنى وكل مَن تحدثت معه ليس لدينا أى غضاضة أثناء عبورنا الطريق عندما يقابلنا مسجد يعلوه الهلال أو أى زاوية، لا يشكل أى منهما لدينا أى رد فعل مُعادٍ، وأقولها بصراحة أكثر إننى ليس لدىَّ أى مشكلة إطلاقًا أن يجاور منزلى معبد بوذى أو هندوسى.

وإلى هؤلاء لى سؤال أخير: مَن لديه منكم توكيل رسمى من الشهر العقارى السمائى لمحاسبة البشر على عقيدتهم فلْيُشهره لنا.
نقلا عن المصرى اليوم