بقلم / حنان ساويرس

كتبت هذا المقال قبل إعتذار وإنسحاب الصحفى أشرف عبد المنعم من الإستمرار في العمل بقناة سى تى في ، وقبل نشره بدقائق مَعدودة ، وحينها قررت الا أنشره لكن بعد أن خرج علينا بعض المسيحيين والمُسلمين وكنوع من تكسير العظام ليَتهموا كل من رفض هذا التغيير الغريب للقناة أنهم مُتعصبون أو مُتطرفون ومنهم من زادت منه كنوع من التسخين ووصف الأقباط بالدواعش ، هذا على أساس أننا نقوم بِقَطع الرِقاب كَداعش !! فهؤلاء يَستهويهم طَمس الهوية الدينية للقناة بل يُريدون إخماد أى إعتراض مشروع للأقباط .  
 
لذلك صَممت على نشر المقال لتوضيح أسباب غضب الأقباط وإعتراضهم على ما طرأ من تغييرات غير مفهوم أغراضها على قناتهم المُفضلة ،  لاسيما أن إنسحاب المُذيع من القناة لا يُغير ماحدث بالفعل لولا الإعتراض المُلِح لمُشاهدى القناة ، وطالما أن الإتهامات المُوجهة للأقباط جاهزة فيرددونها كالببغاء دون تفكير أو وعى !!
 
لذا سأسرد في السطور التالية أهم مُلاحظاتى بل وإستفساراتى على ضوء ماحدث .
 
- معروف أن قناة  "سى تى في"  ctv " كان يَملُكها رَجُل الأعمال الراحل الدكتور ثروت باسيلى ، والتي إنتقلت مِلكيَتها تلقائياً لأبنائه فَيُديرها حالياً أبنه عضو مجلس الشعب إيليا ثروت باسيلى . 
 
- فحدثت قرارات صادمة من إدارة قناة  "سى تى في"  ctv 
 
فجأة وبدون مُقدمات وبدون تنويه وبين ليلة وضُحاها بدأت القناة تُغير أهدافها التي بُنيت وأُنشِئت من أجلها ، وهذا غريب جداً ومُثير للدهشة لأن القناة مُنذ أن رأت النور ومعروف أنها قناة دينية مَسيحية فهى تُذيع القُداسات والعِظات والبرامج الدينية ومِن ضِمن ومِن أبرز برامجها برنامج " في النور " وهو برنامج يتحدث بإستحياء عن مَشاكل ومَتاعب الأقباط فهى إن صح التعبير ناطقة بصوت الأقباط في العالم ولها اللوجو الخاص بها وكونها قناة مُنذ أول وهلة أُطلق عليها قناة مسيحية فاللجو الخاص بها على شكل صليب وإن كان هذا الصليب مكون من الأحرف الأولى لإسم القناة وشعارها "ربنا موجود" بصوت قداسة البابا المُتنيح شنودة الثالث .. سنوات طويلة مُنذ ميلاد القناة إعتدنا على ذلك  ، فيوجد بها فريق عمل من الأقباط مُحباً ومُخلصاً لعمله بل يشعر بمَشاكِل الأقباط لأنهم جزء منهم وأعرفهم شخصياً وأعرف مدى إنتماءهم للقناة .. فعندما يتحدثون عن قضية تخص الأقباط يتحدثون بصوت من ليس له صوت ، فيشعرون بآلامه ، وكأنهم هم من حدث معهم الموقف أو الحادث . 
 
فربما أتفهم أن إدارة القناة تُريد تغيير مُقدم البرنامج رغم أن إختيارهم للصحفى أشرف عبد المنعم بالذات كان غير موفق بالمرة لميوله الفكرية المُتطرفة ، فلم نَدَعىِ عليه بل تصريحاته السابقة هي من تتحدث عنه ، لاسيما عندما ظهر كضيف في برنامج 90 دقيقة مُصرحاً أن هناك مُؤامرة لإقامة دَولة مَسيحية مثل الفاتيكان في جنوب سيناء كما وصفها بالحروب الصليبة ، وهذه لهجة مُتعصب كاره للآخر من خارج بنى ديانته!!
 
وهناك مقولة شهيرة لسقراط يقول " تكلم لكى أراك " فمن كلامه رأيناه !! ومن ثمارهم تعرفونهم . 
 
العجيب والمُلفت للنظر أيضاً هو لماذا تم تغيير فريق عمل برنامج في النور بالكامل من مُقدمه ومُخرجه ومُعديه ومُصوريه وكل من هم مسؤولين عنه من الألف للياء من العاملين المَسيحيين الموجودين بالفعل بالقناة  !!، وإستبدالهم بِنُظَرائِهم من الأخوة المُسلمين !! فهل إدارة القناة إكتشفت فجأة أن فريق العمل بالكامل غير أكْفاء رغم السنوات الطويلة التي عملوا بها بالقناة ؟!!
 
فالتساؤل هنا ، هل مثلاً هذه شروط المُذيع المُسلم أن يأتي بفريق عمل كله بلا إستثناء من المُسلمين بدلاً من الأقباط الموجودين بالفعل في القناة ، فلو صح هذا ، فتلك هي العُنصرية بينها .. أما لو إفترضنا حُسن النية ، فلماذا لم يَعمل المُذيع المُسلم مع فريق العمل من الأقباط الموجودين بالقناة فعلياً؟!!                                                       
فهم أولى بالبرنامج الذين يعملون به مُنذ إنشاءه ؟!! بدلاً من أن يدخل على تعبهم آخرين ، وهذا مُنتهى القهر والظُلم أن لا تستطيع الإعتراض من أجل لُقمة العيش وأنت ترى مجهود السنون يَستولى عليه الغير دون تعب أو شقاء جاهزاً على طبق من فِضة !!
 
فما ذنب العاملين الأصليين بالقناة في هذا التغيير الذى حطم أحلامهم وطموحاتهم وربما يتسبب في قطع أرزاقهم بعد أن سُحبت منهم برامجهم وكأنه نوع من الضغط الغير مُباشر من إدارة القناة عليهم للإنسحاب ؟!! وجميعاً نعلم جيداً أن فُرص الأقباط في العمل بقنوات آخرى أصحابها ليسوا مسيحيون ضعيفة جداً بل تكاد تكون مُنعدمة !!                 
 
- أما بالنسبة للصحفى أشرف عبد المنعم الذى بدا من الوهلة الأولى في أولى حلقات البرنامج في ثوبه الجديد مُرتبكاً مُضطرباً يعلم جيداً أنه مرفوض من جموع الأقباط ويقول لنا أنه سيتحدث بالنيابة عنا أفضل منا على أساس أننا نستشعر الحرج كأقباط في طلب حقوقنا .. فكلامه ضعيف مُخزى إن دل على شيء لا يدل سوى على أنه يتبع نهج ذمية الأقباط فيعتبرنا ذميين لانستطيع التحدث عن أنفسنا ولابد من وَلى يتحدث بالنيابة عنا ، وهذه إهانة لا تُغتفر له جَعلتنا نشمئز من وجوده أكثر ونرفضه أكثر لأننا ببساطة مواطنين مِصريين علينا واجبات ، كما لنا حقوق لا نخجل من طلبها كغيرنا من أبناء الوطن .. الأدهى أن يخرج علينا الأستاذ إيليا باسيلى ليؤكد نفس كلامه الذى إتفقوا على قوله كنوع من التبرير لما يحدث من تغيير مُفاجئ للقناة ، وبدون مُقدمات فقال بالنص هو أنا لما أفضل أهل الخبرة عن أهل الثقة أبقى غلطان ؟ أنتوا طلبتوا التغيير وأنا غيرت .
 
- فهذا الكلام يُعتبر كارثة لا تقل عن كارثة ما حدث بالقناة !!
 
فالقناة بها مُذيعات ومُذيعين وفريق إعداد في مُنتهى الكفاءة ، وعُمر خِبرتهم هو عُمر القناة فلهم بَاعِ طويل ورصيد من الخبرة لا يُستهان به ، فليسوا أهل  ثقة فقط .
 
- أتعجب من وجهة نظره فى أنه يرى ، أنه لا يوجد أقباط أكْفاء في مصر !! الحقيقة كلام مُحبط ظالم لمسيحيى مصر فمعروف أن الأقباط بينهم كفاءات عالية جداً والدليل على ذلك أنه حينما تُسد في وجوههم أبواب الفرص في مصر يلجأون للهجرة وهناك يظهر منهم عظماء شرفوا مصر على مستوى العالم لأنهم بالخارج أعطوهم فرصة كأبناء الوطن الأصليين  .. فلماذا هذا الكلام الصادم  المُتحامل على أقباط مصر ؟!!   فمعروف أن هذه الجملة تقال عندما يُحاول البعض إستبعاد الأقباط من المناصب العُليا في الدولة لكن أن يتلفظها مسيحى فهذا شيء مؤسف!! لأنكم بهذا تحكمون على الأقباط بالبطالة لأن على الجانب الآخر فُرصهم مُنعدمة في العمل ، وللأسف فرصهم مع رجال الأعمال المسيحيين  فقط ، فلو سلموا هم أيضاً بهذا المَنهج العجيب فننتظر الأقباط يتسولون !! لاسيما أن الكفاءة ليس لها ديانة لأجل أن تكون من نصيب المواطن المُسلم ، وليست من نصيب المواطن المسيحى ، لكنها فُرص وإمكانيات .  
 
  أما الجملة العقيمة التي يُرددها بعض الأقباط أنه من الأفضل أن نأتى بمن يتحدث عنا من خلفية غير مسيحية أفضل من أن نتحدث عن أنفسنا !!
-     فهذا كلام عارِ تماماً من الصحة فهل على أساس أننا لم نُفطم بعد ، أم على أساس أنه ليس من حقنا طرح مشاكلنا كمواطنين ، أما لأننا إعتدنا الصمت ونريد تعزيز صورة القبطى الجبان كما تصوره الدراما المصرية ؟!!
 
فالمثل يقول " لايضيع حق ورائه مُطالب "  ولم يقل     "لا يضيع حق ورائه صديق المُطالب أو جاره" فنحن نُطالب بحقوق مشروعة غير خارجة عن القانون ، نطلبها كمواطنين مصريين ، فلماذا نَستحى أن نطلبها بأنفسنا .. ما المخُزى في الأمر؟!! .. فالحقوق لا تُأخذ بطلب الغيرعنا فهذا خنوع وتواكل .. لكن الحقوق تأتى عندما يطلبها أصحابها لأنهم أدرى بأوجاعهم فيعرفون كيف يُعبرون عن أنفسهم ، أما  الآخر الغير موجوع فكيف يُعبر عن وجعك وألمك وهو غير مُتألم !!! 
 
- أما عن الخبرة التي يتحدث عنها فهى غير موجودة في الأستاذ أشرف عبد المنعم لأنه ببساطة أول مرة في حياته يقدم برنامج توك شو ، أي الخبرة مُعدمة ولا يتميز عن مُذيعى القناة في شيء بل بالعكس هم إكتسبوا الخبرة مع الوقت من خلال عملهم بالقناة أي أنه ليس من أهل الخبرة ولا حتى الثقة ؟!  
 
- ورداً على أصحاب الرأي الذى يقول أن صاحبها رجل أعمال ويريد تحويلها لقناة تجارية من أجل الإعلانات وإن هذا حقه ، فأقول لهم أعتقد أنها أصبحت قناة دينية مُنذ ميلادها وبِرضاء أصحابها وهم يَعلمون جيداً ذلك ، بل كان يَتَبَاهون أنهم ينفقون عليها من أموالهم من أجل الخدمة فما الجديد إذن وإذا أراد أن يكون له قناة تجارية فسهل عليه أن ينشأ قناة بخلاف " سى تى في " ليتربح منها دون المَساس بقناة إعتبرها الأقباط من المُقدسات !!                                 
 
- آخيراً ... فالقناة دينية مسيحية وبُنيت على هذا الأساس مهما قال المُبررون .. فهل هذا هو التغيير الذى طلبه الأقباط للقناة إذا كانوا طلبوا هذا بالفعل ؟!! .. هل التغيير هو محو هوية القناة .. هل التغيير أن تقوم بتغيير اللوجو الدينى ؟!! "فذكرنى هذا بإزالة مُفتاح الحياة من أمام المتحف بالأقصر ، بعد طلب أحمد موسى وإستجابة المُحافظ له فتم التنفيذ في التو واللحظة !!!                                                     - فما وجه التعارض مع كون المُذيع مُسلم الديانة وإستمرار وجود لوجو القناة " شكل الصليب" وشعار القناة "ربنا موجود" الذى دخل كل بيت مسيحى وأصبح جُزء منه.
 
- فهو شعار يُناسب جميع المصريين مسيحيين ومُسلمين .. فلماذا تخشون جُملة ربنا موجود ؟!!!! طبعاً " ربنا موجود"