لم تتضح بشكل كامل ترتيبات زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لمصر يوم الخميس القادم 4-6-2009 لكن التوقعات تشير إلى قيامه بزيارة أحد المساجد التاريخية قبل خطابه المرتقب الذي سيوجهه إلى العالم الإسلامي من جامعة القاهرة.

وانحصر المسجد الذي سيقصده أوباما بين ثلاثة مساجد لها باع طويل في العمارة الإسلامية، في المقدمة منها مسجد السلطان حسن، ثم جامع الأزهر، ومسجد محمد علي.

ويرجح خبراء التاريخ الإسلامي في القاهرة مسجد السلطان حسن باعتباره الأفضل في مجال العمارة، ومن خلاله يمكنه استشراف معالم القاهرة القديمة بإطلالة المعالم الإسلامية التاريخية.
 
مسجد السلطان حسن

ينتمي مسجد السلطان حسن للعصر المملوكي، وأنشأه السلطان حسن بن محمد بن قلاوون، حيث بدأ بناؤه في سنة 1356 ميلادية وقتل قبل انتهاء البناء ولم يعثر على جثمانه، وأكمله بعدها بسبع سنوات في 1363 أحد أمرائه ويسمى بشير الجمدار.

ولم يدفن في الضريح الذي بناه في المسجد خصيصاً بل دفن فيه ولداه في ما بعد. وكان السلطان حسن تولى الحكم عام 1347 ميلادية بعد أخيه الملك المظفر حاجي وعمره 13 سنة ما جعل أمر الحكمة بيد أمرائه، لكن بعد أن بلغ رشده استبد بالملك فتم اعتقاله سنة1351م، وظل في معتقله مشتغلا بالعلم حتى أعيد إلى السلطنة مرة أخرى في 1354م وظل متربعا على سدة الحكم إلى أن قتل 1361م.

ويعتبر هذا المسجد أعظم المساجد المملوكية وأجلها شأناً فقد جمع بين ضخامة البناء وجمال الهندسة، وتوافرت فيه دقة الصناعة وتنوع الزخارف، وشتى الفنون والصناعات كدقة الحفر في الحجر ممثلة في زخارف المدخل ومقرنصاته العجيبة.

أما باب المسجد النحاسي المركب الآن على باب جامع المؤيد فيعتبر مثلاً رائعاً لأجمل الأبواب المكسوة بالنحاس المشغول على هيئة أشكال هندسية، تحصر بينها حشوات محفورة ومفرغة بزخارف دقيقة. وينطبق ذلك الوصف أيضاً على باب المنبر.

ومن روائع الفن في هذا المسجد الثريات النحاسية والمشكاوات الزجاجية، وتحوي دار الآثار العربية بالقاهرة الكثير من هذه التحف النادرة، وهي تعتبر من أدق وأجمل ما صنع في هذا العصر.

مسجد محمد علي

أما مسجد محمد علي، فهو أجمل منشآت محمد علي باشا مؤسس الأسرة العلوية في مصر التي حكمت إلى عام 1952 عندما أطاح ضباط في الجيش المصري بآخر حكامها الملك فاروق.

بدأ محمد علي بناء هذا المسجد عام 1830 واستمر العمل فيه بلا انقطاع حتى توفي سنة 1848م فدفن فيه ثم أمر بإتمام زخارفه عباس باشا الاول.

وكسيت جدران المسجد من الداخل والخارج بالرخام الابستر المستورد من محاجر بني سويف وكذلك الأكتاف الأربعة الداخلية الحاملة للقبة.

وكسبت جميع جدران المسجد أعلى الكسوة الرخامية من الداخل ببياض حلي بنقوش ملونة مذهبة، أما القبة الكبيرة وأنصاف القباب فقد حليت بزخارف بارزة ملونة مذهبة. والقسم الثاني وهو الصحن يتوسط فسقية الوضوء, وبمؤخرة برج الساعة التي أهداها الى محمد علي لويس فيليب ملك فرنسا سنة 1845م. وللمسجد منارتان رشيقتان بارتفاع 84 متراً عن مستوى أرضية الصحن.

جامع الأزهر

أما الجامع الأزهر فهو الرمز الذي اختار بسببه أوباما مصر ليلقي منها خطابه للعالم الإسلامي، ويعد أول عمل معماري أقامه الفاطميون في مصر، وأول مسجد أنشئ في مدينة القاهرة التي أسسها جوهر الصقلي لتكون عاصمة للدولة الفاطمية، وقد بدأ جوهر في إنشائه في 970م، ولما تم بناؤه افتتح للصلاة في 971م.

وكان تصميم الأزهر وقت إنشائه يتألف من صحن تحفّه ثلاثة أروقة، أكبرها رواق القبلة، وعلى الجانبين الرواقان الآخران، وكانت مساحته وقت إنشائه تقترب من نصف مسطحه الحالي، ثم ما لبث أن أضيفت مجموعة من الأبنية شملت أروقة جديدة، ومدارس ومحاريب ومآذن، غيرت من معالمه الأولى، وأصبح معرضًا لفن العمارة الإسلامية منذ بداية العصر الفاطمي.
 

وقام السلطان قايتباي المحمودي سنة 1468م بهدم الباب الواقع في الجهة الشمالية الغربية للجامع، وشيده من جديد على ما هو عليه الآن، وأقام على يمينه مئذنة رشيقة من أجمل مآذن القاهرة، ثم قام السلطان قانصوه الغوري ببناء المئذنة ذات الرأسين، وهي أعلى مآذن الأزهر، وهي طراز فريد من المآذن يندر وجوده في العالم الإسلامي.

وفي عهد أسرة محمد علي عُني الخديوي عباس حلمي الثاني بالأزهر، فجدد المدرسة الطيبرسية، وأنشأ لها بابًا من الخارج، وأضاف إلى أروقة الأزهر رواقًا جديدًا هو الرواق العباسي نسبة إليه، وهو أحدث الأروقة وأكبرها، وافتتح في يناير 1897م.

وقد أدخلت الآن تجديدات على الأزهر وتحسينات على عمارته بعد حادث الزلزال الذي أصاب الجامع بأضرار بالغة في سنة 1992م.