محمد حسين يونس

الأستاذ خالد محيي الدين عضو تنظيم الضباط الأحرار والمشارك فى الأحداث يسرد علينا فى كتابه بعنوان " الآن أتكلم " صفحات 177 و 180 و 181 و 208 و 212 و 214 و 289 و 314 كيف أجهض السادة الفقهاء الدستوريون ، حلم الشعب فى الديموقراطية
 
أو كما كتب (( أما المثير للدهشة حقا فهو ان السنهورى باشا اتخذ من قانون الاصلاح الزراعى ذريعة لضرب اى توجه ديموقراطى ، فقد قال : إذا كنتم تريدون كسب الشعب من خلال قانون الاصلاح الزراعى فإن آثار هذا القانون لن تظهر قبل خمس او ست سنوات ، فكيف تسارعون باجرأء انتخابات فى فبراير ؟.. وبدأ يستحثنا على ضرورة تاجيل الانتخابات لفترة تكفى لضمان اكتساب جماهير حقيقية ))
 
((ومرة أخرى أصدم فهاهو كبير الفقهاء الدستوريين ، يستخدم قانون الاصلاح الزراعى ذريعة لضرب التوجه الديموقراطى )) .
 
(( ويمكننى القول بأن اغلب من احاطوا بالثورة من مستشارين ومن قوى سياسية ، كانوا يعملون جميعا من اجل استمرار العسكريين فى الحكم وضد الديموقراطية والبرلمان.))
 
((قلت أن السنهورى وسليمان حافظ وفتحى رضوان ، كانوا يشجعون الضباط على تحدى الدستور والديموقراطية بحجة أنها ثورة ، وان للثورة قانونها الخاص ، كذلك كان الدكتور سيد صبرى أستاذ القانون الدستورى يشجع فى هذا الاتجاه ويقول لا مبرر للتمسك بالنصوص ))
 
و كأنني أقرأ عن هؤلاء الأساتذة الذين يدرسون اليوم القانون في جامعات مصر ..و هم يدافعون عن التعديلات الدستورية (غير الدستورية) الأخيرة .. لقد تبارى علي عبد العال و صبرى السنوسي و صلاح فوزى و عبداللة مغازى .. و شريف خاطر .. و كلهم أساتذة قانون في تقديم الحجج و الأسانيد من أجل إقرار هذه التعديلات.
 
المشكله أنهم لا يتعلمون من أحداث التاريخ وأن نصائح الأباء المعلمين للضباط كانت البداية التي أدت ان يقتحم جمال سالم عضو تنظيم الضباط الأحرار مجلس الدولة ويضرب رئيسه بالحذاء مفتتحا لظاهرة استمرت طويلا وهى عقدة تفوق الجنس الضباطى على الجنس اللا ضباطى ، وحق الأولين فى تاديب الآخرين.
 
فى 5 مارس 1954 أعلنت قرارات مجلس قيادة الثورة ( الشهيرة ) والتى نصت على اتخاذ الاجراءات الفورية لعقد جمعية تأسيسية منتخبة ، بطريقة الاقتراع العام المباشر ، على ان تجتمع خلال يوليو 54 وتقوم بمناقشة مشروع دستور جديد وإقراره ، والقيام بمهمة البرلمان الى الوقت الذى يتم فيه عقد البرلمان الجديد ، وفقا لأحكام الدستور بعد أن تقره الجمعية .. مع إلغاء الأحكام العرفية قبل إجرأء انتخابات الجمعية التأسيسية ، ويكون لمجلس قيادة الثورة سلطة السيادة لحين إنعقاد هذه الجمعية .
 
(( في يوم 28 مارس بدأت خيوط التدبير تتضح ، فقد اضرب عمال السكة الحديد وأضرب عمال النقل العام ، واعتصموا مطالبين بإلغاء قرارات 5 مارس ومطالبين باستمرار الثورة ، وسارت مظاهرات تهتف تسقط الديموقراطية وتسقط الأحزاب)) .
 
ما أشبه اليوم بالبارحة و كأنهم يدرسون لهم كورسات في الجامعات .. كيف يحرمون الشعب من مكتسباته .
 
كتب الاستاذ خالد (( انه الحكم العسكرى المباشر وأحسست أن كل أحلامى عن حكم نيابى وديموقراطى تتلاشى ....... أحداث مارس 54 خاضها عبد الناصر بكل ثقله ، واستطاع أن يسير مظاهرات تهتف بسقوط الديموقراطية ))
 
 
فترزية الدساتير قاموا بتفصيل تعديل لنصين كحزمة واحدة معروضة للاستفتاء ، الجزء الأول منها يقضى بأن الشريعة الاسلامية المصدر الأساسى للتشريع ، والنصف الآخر يفتح الباب لتجديد ولاية السيد الرئيس لمرات لا حصر لها ، حتى وفاة حضرته .. إدماج النصين فى حزمة واحدة عمل من أعمال الكره والعدوانية على الشعب المصرى ، قام به السادة الفقهاء بدم بارد ودون ان يرمش لهم جفن.
 
الترزية زاولوا هوايتهم فى كره المصريين طوال فترة حكم السيد الرئيس المبارك ، ولفقوا نصوصا دستورية وقوانين سئيئة السمعة ، تجعل من المستحيل تداول السلطة ، او استحالة أن يصبح رئيس الدولة من خارج الأسرة الكريمة.
 
نفس مايقوم به ترزية اليوم من تدبيج و تمرير العديد من القوانين الكابحة للجماهير و المقيدة للديموقراطية و الناهبة لأموال دافعي الضرائب .
 
فقهاء مصر الدستوريين زاولوا عدوانهم على الشعب المصرى حتى عندما لاح الأمل بانتفاضة الشعب ، من 25 يناير الى 11 فبراير .. فلقد تم إعداد تعديلات للدستور المغرض تفرض وصاية الحكام على الشعب الغر الذى فى رأيهم لم ينضج بعد .
 
والآن ومع شديد احترامى للغالبية المخلصة والتى لم تمل مع نصرة الحكام و تمكينهم من رقاب الشعب فإننى أطالب قضاتنا وأساتذتنا الحقوقيين أن يقدموا للشعب (قائمة سوداء) ، بأسماء هؤلاء الذين فضلوا مصالحهم الآنية وطموحهم السلطوى على مصلحة الوطن .
 
فعلى الأجيال القادمة ان تعرف من هم هؤلاء الذين ملأ قلوبهم الغل عليهم حتى قبل أن يولدوا .
 
كما نعرف نحن مدى الأضرار التى تسبب فيها السنهورى وسليمان حافظ وفتحى رضوان وسيد صبرى ... ومن لحق بهم ... مثل رفعت المحجوب و فتحي وسرور والبشرى والجمل و علي عبد العال و صبرى السنوسي و صلاح فوزى و عبداللة مغازى .. و شريف خاطر.. من أساتذة لم يجدوا أن المصرى يستحق أن يعيش حياة ديموقراطية و يتمتع بحقوق الإنسان و الحريات المقررة في المواثيق الدولية .