في مثل هذا اليوم 2 نوفمبر2017م..
الهرم الأكبر أو هرم خوفو هو الأثر الوحيد الباقي من عجائب الدنيا السبع، ويقع بمنطقة أهرام الجيزة في مصر المسجلة ضمن مواقع اليونيسكو للتراث العالمي. يعود بناء الهرم إلى نحو سنة 2560 قبل الميلاد حيث شيد كمقبرة لفرعون الأسرة الرابعة خوفو واستمر بنائه لفترة 20 عام. يعد بناء الهرم الأكبر نقلة حضارية كبرى في تاريخ مصر القديم، وقد تأثر خوفو بأبيه الملك سنفرو في بناء هرمه؛ فبعد موته، أصبح خوفو الإله الحاكم على الأرض، وأصبح من الضروري أن يفكر في بناء مقبرته والتي تعد المشروع القومي الأول في مصر القديمة، الذي اشترك في بنائه عمال محترفون من جميع أنحاء مصر. وظل الهرم الأكبر بارتفاعه الأصلي الذي كان يصل إلى 148 متر أعلى بناء أتمه الإنسان على الأرض على مدى 3800 سنة.

كان الأمير حم إيونو هو مهندس الملك خوفو - ويوجد له تمثال أكبر من الحجم العادي من الحجر الجيري محفوظ في متحف رومر-بيليزيوس في مدينة هيلدسهايم في ألمانيا. وقد أرسل الكهنة والمهندسين إلى مدينة أون كي يختاروا اسمًا للهرم، وكان ذلك الاسم هو: "آخت خوفو"، أي بمعنى "أفق خوفو". فهو يمثل الأفق الذي سيستقل منه الإله رع مراكب الشمس كي يبحر بها وتجدف له النجوم، ويقتل بمجاديفها الأرواح الشريرة في العالم الآخر ليفنى الشر فيقدسه شعبه. والملك خوفو هو أول ملك يعتبر نفسه الإله رع على الأرض ونلاحظ أن ابنه خفرع وحفيده منقرع يدخل في اسمهما اسم الإله رع.

كانت أنظمة الحجرات وكذلك مقابر الفراعنة في تلك الفترة خالية من الكتابات. وبدأت الكتابات داخل الأهرام اللاحقة تظهر بعده بنحو 250 سنة خلال الأسرة الخامسة ابتداءً من الفرعون أوناس، حيث نجد نصوص الأهرام. وتبين تلك النصوص التصور المصري القديم عن الآخرة وتقديس الملك بعد وفاته في تلك العهود.

المدخل الأصلي:
يقع المدخل الأصلي لحجرات الهرم على ارتفاع 17 متر فوق الأرض، عند الطبقة الحجرية الغلافية 19. وهو على الناحية الشمالية ويبعد نحو 7 متر من خط الوسط نحو الشرق. ولا يعرف حتى الآن سبب هذه الإزاحة. توجد فوق ممر الدخول طبقتين من الأحجار الكبيرة في شكل سقف جملون مائلة يبلغ سمك كل منها 2 متر. وربما تمتد تلك التسقيفة الجملونية على طول هذا الممر المائل إلى أسفل في قلب الهرم. اللوح الحجري الذي كان يغلق ممر الدخول من الخارج لم يعد له وجود. ويعتقد "فيتو ماراغيوجليو" و"سيليستي رينالدي" بأن مدخل الهرم كان مغطى بلوح حجري ارتفاعه 1.2 متر.

وزار المؤرخ "سترابون" الهرم في عام 25 قبل الميلاد ووصفه في كتابه "جيوغرافيكا" بأن مدخله كان مغطى بحجر يمكن فتحه. ولكن عالم الآثار الألماني "ستادلمان" لا يوافقه في ذلك، وهو يرجح أن الباب كان مغلقًا بقطع حجرية كباقي الهرم بغرض التمويه وإخفائه. ويعتقد أنه قد تم غلق باب الهرم بعد سرقته خلال الفترة الانتقالية الأولى بلوح حجري، ثم أغلق بعد ذلك بأحجار من أحجار الغلاف، حيث كان العثور على المدخل في عهد الخليفة المأمون عسيرًا.


المدخل الحالي:

المدخل الحالي (مدخل المأمون):

اليوم يدخل السائحون إلى الهرم عبر نفق قام بحفره عمال وظفهم الخليفة المأمون في حدود العام 820. لم يعرف المدخل الأصلي في عهد الخليفة المأمون وقام العمال بحفر نفق عند الطبقة السابعة من الهرم ومنزاحًا نحو 7 متر في اتجاه الغرب. يدخل النفق جسم الهرم أفقيا لمسافة 27 متر (89 قدم)، ثم ينحرف بحدة إلى اليسار ليتقابل مع الحجارة الحاجبة للممر الصاعد. وبسبب عدم قدرتهم على اختراق تلك الحجارة الصلبة، قام العمال بالحفر لأعلى خلال الحجارة الجيرية الأسهل في الاختراق حتى وصلوا للممر الصاعد. يمكن الدخول للممر الهابط من هذا المدخل، لكن الدخول في العادة ممنوع.

يوجد نفق تهوية ومعد لخروج الكهنة والعمال بعد دفن فرعون وسد الحجرات، هذا النفق يصل بين البهو الكبير إلى الممر الهابط. المدخل السفلي يوجد على بعد نحو 1 متر تحت مدخل الممر الهابط. ويبدو أن العمل قد بدأ فيه في الصخر على ارتفاع 5.7 متر من قاعدة الهرم. ويمر هذا النفق هبوطًا بما يشبه "الكهف " في الصخر.

كان يعتقد أن الكهف هو بقايا حجرة للمومياء أولية، ولكن لا يوجد ما يدل على ذلك. لأن تصميم وطريقة بناء الكهف لا تؤيد ذلك التخمين. وجد في الكهف قطعة حجرية كبيرة من الجرانيت، من المحتمل أن تكون أحد أحجار إغلاق حجرات الملكة والملك.

بعد نزول نحو 5.2 متر (أي نحو 10 ذراع ملكي قديم) عموديًا إلى أسفل من الكهف يسير النفق كالآتي: 26 متر إلى أسفل بزاوية نحو 45 درجة في اتجاه الجنوب، ثم 9.5 متر بزاوية نحو 75° وجزء بطول 2.3 متر إلى اتجاه الجنوب الشرقي أفقيًا ليلتقي بالممر الهابط. ومن الكهف إلى أعلى يمر النفق خلال أحجار قلب الهرم بطول 61 متر ليصل إلى ارتفاع 21.80 متر داخل الهرم حتى يخرج من أرضية البهو الكبير.

يعتقد الباحثون أن النفق كان بغرض التهوية للعاملين في الحجرة الصخرية وفي نفس الوقت للخروج، فإذا كان الغرض من النفق هو الخروج فقط لاختار المهندسون القدماء طريقًا أقصر لبنائه وتوصيله إلى الممر الهابط.

فكرة الخروج:
بعد قيام الكهنة والعمال بوضع مومياء فرعون أو مومياء الملكة في مكانها يقوم العمال بإغلاق الحجرة بأحجار ضخمة من الجرانيت (عثر على واحدة منها في الكهف). وبعد وضع مومياء فرعون في مكانها تغلق حجرته أيضًا كما يغلق الممر الصاعد من أسفل بأحجار من الجرانيت الضخمة (هذه الأحجار تكون مخزنة في البهو الكبير). فيخرج العمال عن طريق النفق إلى أسفل حتى الممر الهابط ومنه إلى الخارج ثم يغلق مدخل الهرم.

الممر الصاعد:
تحت المدخل الأصلي بمسافة 27.4 متر داخل الهرم يوجد عند سقف الممر الهابط التفرع للممر الصاعد. هذا التفرع يوصل بين البنية السفلى في الصخر وبناء الهرم العلوي وما فيه من نظام حجرات. يبلغ ارتفاع الممر 1.2 متر ويبلغ عرضه 1.05 متر ويصل بعد مسافة 37.7 متر إلى البهو الكبير. يضيق الممر عند بدايته إلى نحو 0.97 بغرض حجز حجارة السد. ولا تزال حتى يومنا هذا 3 قوالب كبيرة من حجر الجرانيت في مكانها ، ولا يمكن الوصول إلى الممر إلى عن طريق النفق الذي حفره عمال الخليفة المأمون.

مما يميز الممر العلوي أن به أربعة أحجار ضخمة من الحجر الجيري منتصبة عموديا ويخترقها الممر . . . ويفسرها الباحثان "ماراغيوجليو " و "رينالدي" بأنها بغرض حماية الممر الهابط فهي تعطيها ثباتا ، وتوزع ثقل الهرم عليها وعلى البنية المجاورة.

البهو الكبير:
يمتد البهو الكبير على امتداد الممر الصاعد ولكنه ينحني قليلا بمقدار 1′20″ عن اتجاه الشمال . عرض البهو يبلغ ضعف عرض الممر وسقفه أعلى من المر بكثير ؛ وله قبة جملونية (تنزاح صفوف الحجارة فوق الحائط اليميني واليساري بالتدريج بحيث تضيق المسافة بينهما في اتجاه السقف . ) في نفس الوقت تؤدي هذه البنية إلى الاستقرار وتوزيع ثقل الأحجار الأعلى منها على جانبي البهو . بعد علو 8و1 متر لحائطي البهو تنزاح صفوف الأحجار نحو الداخل مقدار 8 سنتيمتر بالتدريج ، وهكذا حتى الطبقة السابعة للحائطين الجانبين حتي يصل عرض السقف إلى نحو 1 متر . يبلغ ارتفاع سقف البهو الكبير نحو 5و8 متر ؛ ويبلغ طوله 46 متر ، ويؤدي البهو الكبير إلى حجرة الملك .

الجزء الوسطي للبهو بعرض 05و1 متر وعلى كل من جانبية رصيف يبلغ ارتفاعه 52و0 متر وعرضه 52و0 متر . على الرصيفين وعلى الحائطين قريبا منهما توجد 25 حفرة على كل جانب وتبلغ المسافة بين الحفر 4و1 متر وبعضها 5و1 متر . الحفر في الحائطين في هيئة نوافذ "كاذبة" بعرض 0,67 في 0,20 متر , والحفرات المضلعة في الرصيفين بمقاس 0,52 0,18 متر .ويبدو أن حفرات الحائطين كانت قد ملئت بالجبس. .

وقد اعتبر كل من الباحثين "فلاندرز بيتري" و "نويل ويلر" أن تلك النوافذ الكاذبة والحفر كانت بغرض تثبيت مساند احجار سد البهو التي تسد الجزء السفلي لممر البهو .

تمكن العلماء سنة 2017 أثناء عملهم على مشروع مسح الأهرامات Scan Pyramids Project من الكشف عن وجود تجويف وبهو جديد في الهرم الأكبر وذلك باستخدام تقنية التصوير المقطعي باستخدام إشعاع الميوونات. وجد أن البهو أو التجويف الجديد له طول يبلغ حوالي 30 متر، والمقطع العرضي له مشابه للبهو الكبير. جرى التأكد من وجود هذا البهو أو التجويف الجديد باستخدام ثلاث تقنيات؛ وهي باستخدام صفائح الاستحلاب النووي nuclear emulsion films ومبيّن المسار الومّاض scintillator hodoscope والمكاشيف الغازية. لم يتضح بعد الغاية والهدف من وجود هذا البهو الجديد، ولا توجد إمكانية حالية للوصول إليه، إلا أنه وفقًا لرأي زاهي حواس فمن المحتمل أن يكون فجوة بنائية استخدمت لتعمير البهو الكبير.!!
الصورة للهرم الاكبر وتخطيط الكهف والنفق الذي يمر بداخله: مقطع عمودي (أعلى)، ومقطع أفقي (أسفل)..