القوصية التي احتضنت العائلة المقدسة ودير المحرق لا ترفض ابانوب

سليمان شفيق

كنت لا احب ان اكتب عن تلك القضية لانها تشعرني تارة بالجرح الشخصي ،واخري بالخوف علي الوطن ، والجرح لايندمل لشهيد استشهد مرتين ، تارة برصاص الارهاب واخري بتطرف الطابور الخامس ، والشهيد المجند ابانوب ناجح استشهد اثناء استهداف الكمين 14 فى العريش ، والشهيد ابانوب هو الاخ الاصغر ثلاثة اشقاء منهم فتاة ، وكان حصل على معهد فنى بعد مرحلة التعليم الفنى ، وهو يتيم الاب ويعيش مع والدته بقرية بنى قره، كان يتميز بالشجاعة وحب الناس ، وهو واحد من ابناء الفلاحين الذين" استبدلوا الكتان بالكاكي واستبدلوا الكاكي بلون الدم "، و منذ عشرة ايام تقريبا قرر اللواء جمال نور الدين، محافظ أسيوط، ، اطلاق أسم الشهيد ابانوب ناجح مرزق على احدى مدار القوصية باسيوط ، تكريما له لما قدمه فى الدفاع عن وطنه فى الحرب على الارهاب ، وجاء القراراثناء تقديم نور الدين واجب العزاء لأسرة الشهيد البطل ، وأعلن محافظ أسيوط عن تقديم جميع أوجه الدعم والمساعدة لأسرة الشهيد.

بالطبع المحافظ شأنة شأن الرئيس عبد الفتاح السيسي من النسق الجديد المستنير لحكم ما بعد ثورة 30 يونيو ، من الذين يحاولون زرع زهور الوطنية في التلاميذ بوضع اسماء شهداء علي مدارسهم حتي يعرفون ان هناك من دفعوا حياتهم من أجل ان يتعلموا ويعيشوا في سلام .

ومضت الايام ولم يكتب اسم الشهيد علي اي مدرسة حتي نشر المقال 17/6 / 2019 ، وكثرت الاقاويل ما بين :" متطرفين رفضوا ، واخرين قالوا تخوفات أمنية ...الخ" ، ولكن الحقيقة لم يصدر اي بيان من وزارة التربية والتعليم في اسيوط او من المحافظة او من اي جهة أمنية او رسمية يوضح ماذا حدث ؟ ويرد علي كل ما يقال سواء كان اشاعات ام حقيقة ، وبالطبع وكما اعتقد ان اهالي مدينة والقوصية لايمكن ان يرفضوا ذلك مطلقا ، لان عراقة القوصية كمدينة كانت عاصمة الإقليم 14 من أقاليم مصر الوسطى، وهم من أوقفوا زحف الهكسوس على الصعيد وحموا المملكة المصرية من الانهيار، وتوجد لوحة تخلد انتصاراتهم فى زرابى القوصية، المنطقة الوحيدة المتبقية من القوصية القديمة ، واستقبلوا العائلة المقدسة حينما لاذت بمصر حوالى 185 يوما فى منطقة أنشئ فيها الدير المحرق فى القرن الرابع الميلادى بسفح الجبل الغربى، وسمى بالمحرق بسبب حرق النباتات والحشائش

الضارة لاستغلال أراضيها للزراعة، وعندما أنشئ دير العذراء أصبح حاملًا لاسم هذه المنطقة، عندما شيد الأنبا باخوميوس سورًا ارتفاعه، 12 مترًا حول الكنيسة، فتحول إلى دير، ليشبه فى طرازه سور كنيسة المهد، القوصية التي تستقبل هذا الشهر ما يقارب الخمسة ملايين زائر في احتفالات السيدة العذراء مستحيل ان ترفض وضع اسم شهيد علي احد مدارسها ، القوصية بلد الصالونات الثقافية لهند جوزيف وجمال اسعد وعماد زكريا وغيرهم ، تلك الصالونات التي يتجمع فيها كوكبة من رواد الفكر والسياسة والفلسفة والأدب، في جلسات الصالون الثقافى الذى يدعو مفكرين وقادة فكريين وعسكريين سابقين وفنانين لعرض تجاربهم، يختلفون حول الأحداث، ولكنهم لم يختلفوا حول حب الوطن، كنت معهم أشعر دائما بأن الحضور من مختلف الأجيال والآراء يجسد أجدادهم الذين أوقفوا زحف الهكسوس على الصعيد، وحموا المملكة المصرية من الانهيار، وما بين الحوار فى تلك الصالونات يجتمع مشايخ وقساوسة ، نساء ورجال، من مختلف الآراء والطبقات، والوجوه تؤكد على كرم أهل القوصية ، وتجيب عن سؤال لماذا لجأت العائلة المقدسة الي القوصية.

لكن يظل السؤال بلا رد ما حقيقة عدم تمكن المحافظ من وضع اسم الشهيد ابانوب علي احدي المدارس ؟ وحتي نجد من المسئولين من يجيب علي السؤال ، لابد ان نذكر ان المواطنين المصريين الاقباط لديهم بالطبع شعور بالتشكك مشروع لان حالة الشهيد ابانوب ليست الحالة الاولي بل وبدون تفاصيل هي الثالثة من الشهداء المصريين المسيحيين الذين حدث معهم ذلك ، ومن ثم اقدر بالطبع توجهات الدولة المصرية من الرئيس وحتي المحافظين ، ولكن لان الوطن وطنا جميعا لا يجب ان ننكر ان هناك طابور خامس يعكر صفو هذة الاستنارة ،اذن للاسف هناك رئيس دولة يدخل الكاتدرائية المرقسية ويصفها بيت من بيوت الله والطابور الخامس يدعو لعدم تهنئة المسيحيين بالاعياد ، رئيس يتبرع لبناء اكبر كاتدرائية في الشرق بالعاصمة الادارية الجديدة وطابور خامس يمنع بناء الكنائس ويحرض ضدها ، ومحافظ مستنير يأمر بوضع اسم الشهيد علي مدرسة والطابور الخامس من قلب الدولة العميقة يرفض ذلك ؟!! ويبقي السؤال متي يطبق القانون ؟ بالطبع البعض يقولون حجج تبدو مقنعة حول المدارس الخاصة ورفض

اصحابها تسميتها علي غير اسمائها الحالية ، والبعض الاخر يصرح بأن المحافظ شكل لجنة لتحديد كيف يطبق القرار ؟ والسؤال المحرج :لماذا لم يشكل المحافظ اللجنة قبل صدور القرار ؟ واين أجهزة الامن الوطني التي تعرف "دبة النملة" ولماذا لم تنصح المحافظ بالتريس حتي يضبطوا الامور بطريقتهم الناجزة مثلما يفعلون في الانتخابات والحشد ؟ واين نواب المحافظة ؟ واين كل الذين ينتظرون القوائم واصوات المواطنين المسيحيين ؟ والاهم نحن لسنا امام حالة فردية بل هناك ظاهرة تستدعي التحرك ليس لاطلاق اسم الشهيد علي مدرسة بل لاحساس الاقباط بأن الدفاع عن الوطن والاستشهاد من أجلة يضيع في خضم الارهاب وكما تم حرمانهم من الارهاب في الدنيا يقتلون مرة اخري من المتطرفين ، شكرا لمحافظ اسيوط اللواء جمال نور الدين الذي حاول ويحاول سواء نجح في وضع الاسم او لم ينجح ، ولكن يظل الخوف من الطابور الخامس الذي يقبع في عمق الدولة العميقة ومن داخل حتي بعض الاماكن الحساسة وفي اغلب الوزارات خاصة وزارة التعليم وقطاع كبير من أجهزتها ، وفي حتي الاحزاب وفي الاعلام فلابد ان ينتابنا الخوف ليس علي الشهيد ولا علي الاقباط بل علي الوطن والرئيس حفظهما الله .