تمتلئ شوارع مدينة تعز التاريخية في اليمن بأكوام من القمامة التي تفوح منها رائحة كريهة، وأصبحت المدينة أرضية خصبة لنمو البعوض وتفشي الأوبئة مثل الكوليرا.

 
كانت تعز في السابق تعد من أجمل مدن اليمن مع مساجدها البيضاء وأحيائها القديمة، ولكن بعد أكثر من خمس سنوات على الحرب التي مزقت البلاد، فإنها تعاني من نقص في الخدمات البلدية، وحصار من الحوثيين.
 
تخضع المدينة التي تحيط بها الجبال ويسكنها نحو 600 ألف شخص، لسيطرة القوات الحكومية، لكن الحوثيين يحاصرونها منذ سنوات، وقصفوها بشكل متكرر.
 
تعد المدينة الواقعة في جنوب غرب اليمن، احدى أكثر المدن تأثرا بالحرب في البلد الفقير منذ بداية النزاع في 2014 بين الحوثيين المدعومين من إيران والقوات الحكومية التي يساندها تحالف عسكري تقوده السعودية.
 
لا تعمل أي مدرسة في المدينة تقريبا، ويعد الحصول على مياه صالحة للشرب أمرا نادرا للغاية، ومن الصعب إدخال الإمدادات مثل الغذاء إلى المدينة. تتكدس النفايات في شوارع المدينة من زجاجات وأكياس بلاستيكية، وإطارات قديمة على أطراف الشوارع وفي سلال المهملات.
 
وأدى تفاقم النزاع إلى انتشار الكوليرا في اليمن، إذ تقدّر منظمة الصحة العالمية وجود نحو مليوني حالة يشتبه في بإصابتها بالمرض الذي تسبّب بوفاة 3500 شخص منذ بدء تفشيه في 2016، ثلثهم من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمسة أعوام.
 
ساهم في تفشي الكوليرا شح المياه النظيفة والتدهور الكبير الذي أصاب القطاع الصحي. والكوليرا التهاب معوي تسببه جراثيم تتنقّل في المياه غير النظيفة. وللمرض علاج، لكن التأخر في الاستحصال عليه قد يؤدي الى الوفاة.
 
بحسب منظمة الصحة العالمية، توفي 304 أشخاص في تعز من الوباء في الفترة ما بين ابريل 2017 واغسطس 2019.
ويرزح العاملون في مستشفيات المدينة المتهالكة وغير المجهزة بالمعدات تحت الضغط، موضحين أنهم غير قادرين على التعامل مع الأعداد المتزايدة من المرضى.
 
وتقول أروى حميد التي تتلقى العلاج في المستشفى الجمهوري في المدينة "كنت نائمة، وفجأة استيقظت على آلام في معدتي وإسهال، وقام أبنائي باسعافي إلى هنا". وبحسب حميد فإن المستشفى "مليء بمرضى الكوليرا، ماتت ثلاث نساء وأنا هنا".
 
يرى نائب مدير مستشفى الجمهوري في تعز الطبيب محمد مخارش أن تكدس القمامة في شوارع المدينة والمدن القريبة أثر بشكل مباشر على صحة اليمنيين هناك.
 
قال لوكالة فرانس برس "هذه القمامة قد تؤثر سلبا على المواطنين من حيث انتشار وباء الكوليرا وكذلك الاوبئة الأخرى منها حمى الضنك والملاريا وغيرها"، موضحا أن المستشفيات تعاني من "نقص الإمكانات المتوافرة".
 
وتسبّب النزاع بمقتل عشرات آلاف الأشخاص، وبينهم عدد كبير من المدنيين، بحسب منظمات إنسانية مختلفة. ولا يزال هناك 3,3 ملايين نازح، فيما يحتاج 24,1 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي السكان، مساعدة، بحسب الأمم المتحدة التي تصف الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم حاليا.
 
من جهته، يؤكد مدير صندوق النظافة في تعز محمد جسار أن العاملين في المدينة يقومون بكل ما بوسعهم لتنظيف شوارع المدينة، مشيرا الى عمل على نوبتين في مسعى الى تنظيف المدينة.
 
ويقول "صندوق النظافة يعمل الآن على نوبتين، واحدة في الصباح وأخرى بعد الظهر (...) لكن رغم ذلك نجد اليوم الثاني أن القمامة تتكدس نتيجة عدم وجود إمكانات كبيرة للصندوق وعدم وجود معدات كافية".
 
لكنه أشار الى ان "المواطن يرمي القمامة، حتى لو أمام منزله، ثم يشتكي في ما بعد من تكدس القمامة". دعا جسار إلى مساعدة دولية للشعب اليمني، مؤكدا أنه فقط "بنظافة المدينة سيقلّ انتشار الأمراض".