بقلم :محمد حسين يونس
قبل أن أبدأ حديثي اليوم مستكملا ما دار في بوست الامس و اليوم السابق علية .. أود أن أوضح أنني لست بصدد التبشير بدين جديد .. و لا إنتقاد لما يعتقدة الأخرون .. بقدر ما أحاول أن أدرس أسباب صعود وسقوط الطبقة الوسطي  في ظرف نصف قرن  من الناحية الإجتماعية و الأخلاقية و السلوكية بما في ذلك تغيير القراءات الدينية لدى المسلم و القبطي . 
 
إنني أبحث من خلال علاقة الشكل بالمضمون .. و تعارض القيم الجمالية المستحدثة  مع المعطيات القديمة  كيف تطورت الحياة علي هذا الكوكب 
 
 بمعني أن طراز الباروك أو الركوكو .. في الرسم و العمارة و الثياب .. كان قمة الجمال في زمنه .. في حين أنه اليوم يدعو للإبتسام .. نحن نقدره تماما في كنائس العصور الوسطي .. و لكن عندما نبني  كنيسة.. سيكون لها طرزا مختلفة تتوافق مع معطيات العصر من مواد بناء و قيم جمالية و وظيفية و فلسفية. 
 
أنا لا يهمني أن تخرج نساء مصر باكر منقبات و نتحول إلي إيران أو السعودية إذا كان هذا إختيارهن.. أو يسبحن بالبوركيني غريب الشكل ... بقدر ما يهمني لماذا سيحدث هذا .. لماذا إنتصر نموذج (هند ) و عم بيننا رغم أنه نموذج لعصور مرت ..علي نموذج ( سلوى و سوسن ) الأكثر حداثه بعد أن حصر نفسة  بتعالي طبقي في منتجعات الساحل الشمالي .. و كومباوندات وكافيهات و بارات المدن الجديدة ..
 
 من يعتقد أن تغطية الشعر جزء من دينه فليؤمن .. بذلك ..هو حر ..لقد غطت الفلاحة المصرية شعرها منذ قرون و لازالت تفعل بدون وعظ ديني .. و من يرى أن التغطية مجرد فعل متعارف علية (عرف) أو جزء غير أساسي من الدين فليؤمن بما يراه  لقد كانت أمي و خالاتي و عماتي .. منذ نصف قرن حاسرات الرأس .. و توفين عن أعامر تناهز السبعينيات و هن حاسرات 
 
لا دخل لي برؤيتكم الدينية او عقيدتكم مهما كان رأى أنها تناقضت مع الزمن  ... بقدر رصد  تلك التغيرات الإجتماعية التي عاينتها خلال زيارتي بعد عشر سنوات لمقر عملي القديم .. فأجد أن أغلب المهندسات .. و الإخصائيات ..  أصبحن محجبات . و إخترن أن يتقوقعن في خدورهن .. يعانين حياة المسلمة العصرية التي لا تتوقف عن العمل لخدمة أسرتها من الإستيقاظ حتي النوم .
  
ما جرى في مصر التسعينيات .. و اجهته شعوب عربية عديدة .. لقد حدث هجوم بدوى مدعوم بالبترودولار ..علي المفاصل الأكثر تحضرا بعد أن سقطت القومية العربية .. و الإشتراكية و العلمانية ومحاولات تمكين المرأة ..التي شهدناها في الستينيات .
 
المراة المسلمة كانت صيدا سهلا لموجات تلي موجات  من التبشير بالفكر و السلوك الوهابي .. 
ففي البداية إرتدى التبشير بردة الدافع الديني و جادلوهم بالتي هي أحسن .. و الخوف من عذاب  قبر الشيخ كشك و أشرطته  .. ثم الضغط علي الرجال لتحجيب عائلاتهم  وحكاية الحلوى المكشوفة المعرضة للذباب .. ثم جاءت دفعة الزلزال ..يليها  دفعات رشوة الطالبات ليتحجبن .. ثم الممثلات غير المتبرجات اللائي تحولن لدعاة  بين أوساط الطبقة الهاى ..وإنتهي الأمر بالإرهاب عن طريق مضايقات الإناث و التحرش بهن من الأوباش و فاقدى القدرة علي ضبط النفس في الشارع و العمل 
  
إختلف الوضع  في بلاد عربية أخرى بسبب رد فعل و سلوك الأقلية غير المسلمة .. ففي لبنان إحتفظت المرأة (الفينيقية ).. بالشكل العصرى و كانت قوية و فعالة..و معاصرة  لدرجة سمحت لها بمقاومة كل الاعيب الشيخ حسن نصر الله .
  
و نفس الأمر بشكل أقل في ألاردن .. أو تونس أو المغرب و الجزائر .. أما قبطيات مصر   فلقد كانت  قوة  الدفع المضادة  كاسحة ..لقد كن منفردات في الميدان بعد طرد الأجانب و اليهود و تحول القاهرة من مدينة كوزموبوليتانية تضم أجناسا متعددة إلي  قرية ريفية يتحكم فيها كبير العائلة  و فقية الجامع والذين  إستخدموا أساليب غير ناضجة لترويض الأقلية .. مثل حرق الكنائس .. و خطف السيدات و البنات .. و تهجير العائلات .. وقطع الطريق علي أتوبيسات الرحلات للأديرة.. و فرض عدم الإتزان و الخوف الفردى و الجماعي ..فضلا عن أن الأقباط في حد ذاتهم متحفظين في إتباع الموضة .. فلم يقوموا بدور الموارنه في لبنان أو العلويين في سوريا أو الأكراد في العراق .. او الأمازيج في المغرب .
 
نوع الإستعمار له تأثير أخر 
فالبلاد التي إستعمرها الفرنسيون (سوريا لبنان تونس الجزائر المغرب ) غيروا من طبيعة حياة  شعوبها و لغتهم..مستنسخين ما يحدث في باريس و منها تقدير النساء و تمكينهن من أدوات المعاصرة ..
 
بعكس تلك التي إستعمرها البريطانيون( العراق مصر الأردن دول الخليج )   فلقد حرصوا علي ترك السكان علي بدائيتهم .. ما داموا يديرون سواقي الزيت و يملأون بنوك يوركشير و لانكشير .. بالاموال .
 
 المرأة في الخليج كانت اثناء ازدهار اختها في الوديان العامرة لا زالت تعيش في خيامها الفعلية والنفسية حياة بدائية أقرب لحياة الاسد و زوجاته  .. هو السيد المتحكم في كل تفاصيل حياتها .. وحتي عندما سكنت القصور ظلت تعيش في إطار فكر راعية الغنم 
 
الا عندما تركب الطائرة وتغادر السجن الاعظم بلدها فتتحول الي شابة او امراة قاهرية بيروتية ، وفي بعض الاحيان باريسية مادام اهلها لا يدرون .
 
التوق لحياة طبيعية جعلت العديد منهن ينتفضن ضد ارادة الاسد رغم امداده لهن بالمال، لقد قابلت اكثر من سيدة سعودية  أو خليجية ذوات ثقافة وسلوك حضارى يدعو للاعجاب ..
إسلوب حياة الخلايجة .. و علاقة الرجل بالمرأة إنتقلت مع العاملين لديهم من المصريين  فعادوا  بقواعد  و أساليب توقف  المسيرة.. التي بدأت في مدخل القرن العشرين..  بعد أن  طفحت قلوب الموالي بما علمهم اياهم اسيادهم فعادوا بالحجاب كملبس و كفكر لهداية بنات هدى شعراوى .
 
و لان الامر جد لا هزل فيه ، دعنا نناقش هذا الفكر البدوى السائد بين سيداتنا اليوم .